في حديث الوزيرة ليلى بنعلي أمام لجنة البنيات الأساسية بمجلس النواب، استعرضت رؤية الحكومة حول مشروع الهيدروجين الأخضر بعبارات توحي بـ”الاستراتيجية”، لكنها تحمل في داخلها تناقضات يصعب إخفاؤها، فمن جهة تؤكد الوزيرة أهمية المشروع وإمكانياته الهائلة، ومن جهة أخرى تشير إلى أن المغرب لن يخوض هذه المغامرة إذا لم يكن المشروع تنافسيا.
الوزيرة و بكل ثقة في النفس تعتبر أن تأخير إصدار القوانين الخاصة بالهيدروجين الأخضر أمر طبيعي، بحجة أن القانون المتعلق بالغاز الطبيعي معلق منذ عام 2004، هذه الحجة تثير السخرية أكثر من الإقناع، فهل تتوقع الوزيرة أن نتقبل أن الدولة لم تنجح في العمل بقانون للغاز طوال 20 عاما، وبالتالي يمكنها المماطلة في الهيدروجين الأخضر؟
بالإضافة الى ذلك، تحدثت الوزيرة عن منح المستثمرين عقود حجز مبدئية للأراضي لمدة ستة أشهر، لكنها لم تفسر كيف يمكن لمستثمر أن يخطط لمشروع بهذا الحجم دون قوانين واضحة أو رؤية متكاملة.
المثير للدهشة كذلك هو أن الوزيرة ربطت تقدم الهيدروجين الأخضر بحل قضايا البنية التحتية للغاز الطبيعي، لكن الحقيقة أن هذه القضايا العالقة قد تحولت إلى ملفات مهملة، تفتح فقط لتبرير تأخير مشاريع أخرى، فإذا كانت الحكومة عاجزة عن تسريع مشاريع الغاز، فكيف يمكنها أن تطمئن المواطنين والمستثمرين حول قدرتها على إدارة مشاريع أكثر تعقيدا كالهيدروجين الأخضر؟
تصريحات الوزيرة أعطت انطباعا بأن الحكومة تحاول فقط الظهور بمظهر المهتم بالمشاريع الكبرى دون التزام حقيقي بتنفيذها، والحديث عن الشفافية ومنصات إلكترونية لايغني أو يسمن من جوع ، فمشروع استراتيجي من هذا الحجم يحتاج إلى أفعال على أرض الواقع، وليس مجرد خطابات تحمل شعارات رنانة.
بكل صدق تصريحات الوزيرة حول الهيدروجين الأخضر تثير أكثر من علامة استفهام، فهل نحن أمام حكومة تخطط بعقلانية أم أمام إدارة تستغل مشاريع مستقبلية لتأجيل مواجهة تحديات الحاضر؟ فإذا كان الهدف هو تصدير الهيدروجين، فيبدو أن الشيء الوحيد الذي يتم تصديره حاليا هو التبريرات.
تعليقات
0