في مواجهة تفشي وباء الحصبة “بوحمرون”، قدم الناطق الرسمي باسم الحكومة تفسيرا عجيبا و غريبا، حيث اكد ان الشائعات هي السبب…هذا الجواب الذي يبدو وكأنه محاولة للتنصل من المسؤولية يدفعنا للتساؤل: هل يعقل أن تكون الشائعات أقوى من مؤسسات الدولة؟ وهل يمكن أن تكون منصات التواصل الاجتماعي هي المذنب الحقيقي في أزمة صحية بهذا الحجم؟
الحكومة اختارت إلقاء اللوم على المواطنين، متجاهلة أنها كانت الغائب الأكبر في المشهد فلو كانت هناك توعية كافية، وشفافية في تقديم المعلومات لما تحولت الشائعات إلى مصدر أساسي للمعرفة.
دعونا نواجه الأمر، هل أزمة “بوحمرون” تتعلق فقط بالشائعات اوهي نتاج هشاشة بنيوية في القطاع الصحية ، او نقص اللقاحات في بعض المناطق النائية، او ضعف التخطيط للوصول إلى الفئات المهمشة، او انها نتيجة حملات توعية ضعيفة وافتقار للإبداع في التواصل، او لعدم توفر موارد كافية لتطوير البنية التحتية الصحية.
إذا كان المواطن يصدق الشائعات أكثر من الخطاب الرسمي، فهذه أزمة ثقة قبل أن تكون أزمة معلومات، الثقة لا تبنى بالكلام بل بالفعل، فلماذا لم تطلق الحكومة حملة وطنية شاملة لتحفيز المواطنين على التلقيح؟ ولماذا لم توفر الحكومة لقاحات كافية في جميع المناطق؟ ولماذا تغيب الشفافية حول إدارة الأزمات الصحية؟
الإشارة إلى الشائعات كسبب وحيد هو محاولة مكشوفة للتنصل من المسؤولية، فبدلا من محاسبة الذات يتم توجيه أصابع الاتهام للمواطن الذي ترك بلا توعية أو دعم ولم تهيأ له الظروف ليصبح شريكا في حماية الصحة العامة.
“بوحمرون” ليس مجرد وباء، بل هو جرس إنذار لنظام صحي بحاجة إلى مراجعة شاملة، إنه نتيجة لإهمال طويل وغياب رؤية استراتيجية تراعي احتياجات المواطن في الصحة والتوعية، فعندما تترك الشائعات لتملأ الفراغ الذي تخلقه الحكومة، وعندما يتحول المواطن إلى شماعة يعلق عليها الفشل، يصبح من الواضح أن “بوحمرون” ليس أخطر الأوبئة، بل هو العذر الذي يقتل الثقة ويعمق أزمة الصحة العامة.
تعليقات
0