في خطوة تعكس تعزيز الجهود الوطنية لمكافحة الجرائم المالية، شهد المغرب تطورا ملحوظا في عدد الأحكام الصادرة في قضايا غسل الأموال خلال السنوات الأخيرة وفق ما كشفت عنه رئاسة النيابة العامة في تقريرها السنوي 2023.
فبعد أن كانت الأحكام محدودة جدًا، حيث لم تتجاوز 8 أحكام خلال الفترة من 2008 إلى 2017، ارتفع العدد بشكل كبير ليصل إلى 134 حكمًا في عام 2023. هذا التحول الكبير يعكس زيادة فعالية الجهود القضائية وتعزيز الالتزام بالمعايير الدولية لمكافحة الجرائم المالية.
وقد شهدت قضايا غسل الأموال ارتفاعا في عدد القضايا المسجلة، حيث بلغت 922 قضية في عام 2022، تلتها 821 قضية في عام 2023. ومع هذا الارتفاع في عدد القضايا، ارتفع عدد الأحكام الصادرة بشكل ملحوظ، حيث صدر 85 حكما في عام 2022 و 134 حكما في عام 2023. هذه الزيادة تعكس تحولا في أولويات النظام القضائي نحو مكافحة الجرائم المالية بشكل أكثر فعالية، مع التركيز على تطبيق القانون بصرامة.
وفيما يتعلق بتصنيف العقوبات الصادرة، يظهر تنوعا في التعامل مع هذه الجرائم. ففي عام 2023، تمت تبرئة 58 شخصًا من أصل 311 حكما صادرا، أي ما يعادل 18.6% من إجمالي الأحكام. أما العقوبات الحبسية، فقد تراوحت بين عقوبات قصيرة تقل عن سنة (108 أحكام، 34.7%)، وعقوبات متوسطة تتراوح بين سنة وسنتين (116 حكمًا، 37.3%)، وعقوبات طويلة تصل إلى سنتين فما فوق (29 حكمًا، 9.3%). هذا التنوع في العقوبات يعكس مرونة النظام القضائي في التعامل مع حالات غسل الأموال وفقًا لخطورتها، مع التركيز على تحقيق العدالة في كل حالة.
ويعود هذا التطور إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها أجهزة العدالة الجنائية والهيئات القضائية لتنفيذ خطة العمل الوطنية لمكافحة غسل الأموال. هذه الجهود تهدف إلى تجاوز الملاحظات المسجلة من قبل مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENAFATF)، مما أدى إلى خروج المغرب من “اللائحة الرمادية”، وهو إنجاز يعكس تحسنا في الامتثال للمعايير الدولية.
ومع هذا التقدم الكبير، لا يزال هناك مجال لتحسين كفاءة التحقيقات وتقليل نسبة البراءة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولي في مكافحة غسل الأموال. كما أن تنوع العقوبات يبرز الحاجة إلى مزيد من التنسيق بين الجهات المعنية لضمان تطبيق العقوبات بشكل عادل وفعال.
تعليقات
0