فجر الخميس، شنت إسرائيل غارات جوية جديدة على قطاع غزة، أسفرت عن مقتل 10 أشخاص على الأقل، وذلك بعد توجيهها “إنذارًا أخيرًا” لسكان القطاع بضرورة إجبار حركة حماس على الإفراج عن الرهائن، في تصعيد أثار مخاوف من استئناف الحرب بشكل واسع النطاق.
وفي ظل القصف الإسرائيلي المكثف على شمال القطاع، اضطرت عائلات فلسطينية إلى النزوح مرة أخرى، حاملة معها ما تيسر من أغراض، في مشهد تكرر مرارًا خلال الأشهر الماضية من الحرب. الغارات الإسرائيلية التي استهدفت منازل في جنوب غزة، وتحديدًا شرق خان يونس، خلفت عشرات الجرحى بالإضافة إلى القتلى، وفقًا لما أعلنه الدفاع المدني في غزة.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني، محمود بصل، لوكالة فرانس برس: “استشهد 10 مدنيين على الأقل وأصيب عشرات آخرون بجروح في غارات جوية إسرائيلية استهدفت ستة منازل شرق خان يونس في جنوب قطاع غزة فجر الخميس”.
تصريحات حماس وردود إسرائيل
قبل التصعيد الأخير، أكدت حركة حماس أنها “لم تغلق باب التفاوض”، مشددة على أن الاتفاق الحالي الموقع من جميع الأطراف كافٍ لإنهاء الأزمة. وقال طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحماس، لوكالة فرانس برس: “لا شروط لدينا، لكننا نطالب بوقف العدوان وحرب الإبادة فورًا، وبدء مفاوضات المرحلة الثانية، وهذا جزء من الاتفاق الموقع”.
وأضاف النونو: “أكدنا مرارًا أننا جاهزون للتوصل لاتفاق والتزمنا بتنفيذ كافة بنوده، لكن الاحتلال هو الذي يماطل وله نوايا مبيتة لاستئناف العدوان والحرب”.
من جهته، رد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على تصريحات حماس بالرفض، محذرًا من أن المفاوضات حول الإفراج عن الرهائن “لن تجرى من الآن فصاعدًا إلا تحت النار”. كما أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخ أطلق من اليمن قبل أن يخترق الأجواء الإسرائيلية، في حين أكد الحوثيون أنهم استهدفوا مطار بن غوريون الدولي.
تصعيد عسكري ودعوات دولية
رغم الدعوات الدولية لخفض التصعيد، أكدت حكومة نتنياهو، بدعم من حليفتها الأمريكية، أن استئناف العمليات العسكرية “ضروري” لضمان إطلاق سراح الرهائن. ومن بين 251 شخصًا اختطفوا خلال هجوم حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، لا يزال 58 محتجزين في غزة، بينما أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 34 منهم.
وأفاد الدفاع المدني في غزة بمقتل أكثر من 470 فلسطينيًا، بينهم أطفال ونساء، جراء الضربات الجوية الإسرائيلية منذ استئناف القصف فجر الثلاثاء. كما طال القصف الإسرائيلي منزلًا أقيم فيه بيت عزاء في بيت لاهيا شمال القطاع، ما أسفر عن مقتل 14 شخصًا على الأقل من عائلة واحدة.
ضحايا من الأمم المتحدة واتهامات متبادلة
أكد مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع مقتل أحد موظفيه في غزة جراء “ذخيرة” قد تكون “انفجرت أو أسقطت” على موقع المجمع الأممي في دير البلح. واتهمت حماس إسرائيل بـ”ترهيب المدنيين وعمال الإغاثة”، بينما نفت إسرائيل مسؤوليتها عن الحادث، مشيرة إلى أن التحقيقات الأولية لم تظهر أي صلة لنشاط عسكري إسرائيلي في المنطقة.
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن “حزنه وصدمته” إثر مقتل الموظف، ودعا إلى تحقيق كامل في الحادث. كما طالب وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، بإجراء تحقيق شفاف ومحاسبة المسؤولين.
إنذار أخير ونزوح جماعي
أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، “إنذارًا أخيرًا” لسكان غزة، قائلًا: “خذوا بنصيحة رئيس الولايات المتحدة، أعيدوا المخطوفين وتخلوا عن حماس، والخيارات الأخرى ستفتح أمامكم، بما في ذلك إمكانية المغادرة إلى أماكن أخرى في العالم لمن يرغب في ذلك”.
وفي ظل التصعيد العسكري، استمرت حركة النزوح الجماعي من شمال غزة، حيث يحمل الرجال والنساء والأطفال ما تيسر من أغراضهم، في مشهد يعكس الواقع المأساوي الذي يعيشه سكان القطاع.
ضغوط داخلية على نتنياهو
يواجه نتنياهو ضغوطًا داخلية أيضًا، حيث تظاهر آلاف الإسرائيليين في القدس، متهمين رئيس الوزراء بمواصلة الحرب دون مراعاة مصير الرهائن. وقال المتظاهر يوسي إبستين (65 عامًا): “لن نتمكن من تحرير الرهائن إلا من خلال المفاوضات والاتفاق. ليس لدينا خيار آخر”.
مفاوضات مسدودة ومطالب متبادلة
رغم تأكيد حماس استعدادها للتفاوض، إلا أن المفاوضات التي جرت بوساطة قطر والولايات المتحدة ومصر وصلت إلى طريق مسدود. تطالب حماس بوقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب إسرائيل من غزة، وإعادة فتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين. في المقابل، تريد إسرائيل تمديد المرحلة الأولى من الهدنة حتى منتصف أبريل، مع نزع سلاح غزة وإنهاء سلطة حماس.
خسائر بشرية فادحة
أسفر الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر عن مقتل 1218 شخصًا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، وفقًا لحصيلة فرانس برس. ومنذ ذلك الحين، أدت الحرب في غزة إلى مقتل أكثر من 48,577 شخصًا، معظمهم من المدنيين، وفقًا لبيانات وزارة الصحة في غزة التي تعتبرها الأمم المتحدة موثوقة.
في ظل هذه التطورات، يبدو أن المنطقة على شفا موجة جديدة من العنف، مع استمرار الخسائر البشرية وتصاعد التوترات الدولية والإقليمية.
تعليقات
0