الذكرى الذهبية لجمعية الشعلة: خمسون سنة من العطاء في خدمة التربية والثقافة
جواد رسام
الأحد 23 مارس 2025 - 16:05 l عدد الزيارات : 172431
في ليلة رمضانية مفعمة بالروح الثقافية والإبداع الفني، احتضن المركب الثقافي الحي المحمدي، يوم الخميس 20 مارس، احتفالا استثنائيا بمناسبة الذكرى الذهبية لتأسيس جمعية الشعلة للتربية والثقافة، تحت شعار “خمسون سنة من العطاء في خدمة التربية والثقافة”.
هذا الحدث، الذي نظمه فرع الجمعية بالحي المحمدي، لم يكن مجرد احتفال بمرور نصف قرن على تأسيسها، بل كان أيضا مناسبة لاستحضار مسيرة طويلة من النضال الثقافي والتربوي، ومساحة لتكريم جيل المؤسسين واستشراف المستقبل.
شهدت القاعة حضورا كثيفا ضم مسؤولين ومنتخبين ومثقفين وفاعلين جمعويين وإعلاميين، و كذلك شهد اللقاء حضور مؤسس الشعلة السيد عبد المقصود راشدي ، إضافة إلى جمهور غفير جاء ليشارك في هذا الحدث الثقافي البارز.
وكما كان متوقعًا، تميزت الأمسية ببرنامج فني غني، بدأ بنشيد “ملتقى الشعلة” الذي أبدعه كل من الشاعر منير باهي والموسيقار أحمد لكسيري، حيث أداه يافعو وشباب الجمعية متغنين بقيم العطاء والحلم بمستقبل أفضل.
توالت بعد ذلك العروض الفنية، حيث أبدعت فرقة كورال الأمل وفرقة المايسترو مهدي موياس في تقديم كشكول مغربي مشترك جمع بين المطربين زهير لحلو، خالد عدنان، هشام أبو جاد، نور الدين الزيراوي وحسن أبو خال.
أما المفاجأة الكبرى للحفل، فكانت مشاركة رشيد باطمة وعبد الرحيم عسكوري، اللذين أضفيا على السهرة طابعا خاصا من الإبداع والتفاعل الجماهيري.
لم يكن هذا الحفل مجرد لحظة فنية، بل شكل فرصة لاستحضار مسارات تأسيس الجمعية وامتدادها الوطني. فمنذ أن رأت النور سنة 1975 في الحي المحمدي، استطاعت جمعية الشعلة أن تتحول إلى مدرسة حقيقية لتكوين الأطر، وإعداد القيادات الشابة، والمساهمة في التنمية الثقافية والفكرية.
لقد نجح أبناء الشعلة في حمل المشعل، حيث نجد اليوم العديد من أطر الجمعية يتحملون مسؤوليات وطنية في مختلف المؤسسات، مما يعكس الأثر العميق لهذه المدرسة الجمعوية في تأهيل الأجيال.
وعلى امتداد العقود الماضية، لم تقتصر الجمعية على العمل التربوي فقط، بل انخرطت في مجالات ثقافية متعددة، من المسرح والفن التشكيلي، إلى الأدب والشعر والفكر النقدي، لتشكل بذلك أحد أهم الفاعلين الجمعويين في مجال الثقافة الوطنية.
ضمن فعاليات الحفل، تم تتويج مجموعة من الكاتبات والكتاب اليافعين الذين تألقوا في مسابقة الكتابة الإبداعية، التي نظمتها الجمعية في إطار برنامج تعزيز المهارات الذاتية للتلميذات والتلاميذ من خلال الأنشطة الثقافية والفنية، بشراكة مع اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعين السبع الحي المحمدي.
كما كان الحفل مناسبة لتكريم ثلة من جيل مؤسسي الجمعية، في بادرة تعكس روح الامتنان والعرفان لكل من ساهم في بناء هذا الصرح الجمعوي، الذي ظل وفيًا لمبادئه ورسالته في خدمة التربية والثقافة.
إن الاحتفال بالذكرى الخمسين لجمعية الشعلة ليس مجرد استرجاع لماضٍ مشرق، بل هو أيضا لحظة للتفكير في المستقبل. فاليوم، وبعد نصف قرن من العمل المتواصل، تظل الجمعية نموذجا حيا للاشتغال الجاد في الحقل الجمعوي، والإيمان العميق بالفكرة، والسعي نحو مجتمع أكثر وعيًا وثقافة وانفتاحًا.
وإذا كانت الشعلة قد بدأت مسيرتها من الحي المحمدي، فقد امتدت جذورها اليوم عبر كل ربوع الوطن، وستظل منارة مضيئة في المشهد الثقافي المغربي، بفضل أبنائها الذين يؤمنون بأن الثقافة والتربية هما الأساس الحقيقي لأي تنمية مجتمعية مستدامة.
تعليقات
0