ضربة موجعة للجزائر في قلب طرابلس: رفض ليبي قاطع يُفشل مخطط قمة ثلاثية ويفضح عزلة النظام الجزائري

محمد اليزناسني الإثنين 14 أبريل 2025 - 23:28 l عدد الزيارات : 49102

في تطور دبلوماسي لافت يحمل أبعادًا إقليمية عميقة، أعلن المجلس الأعلى للدولة في ليبيا رفضه الصريح لانعقاد القمة الثلاثية التي كانت الجزائر تسعى حثيثًا لتنظيمها في العاصمة طرابلس، بهدف جمع رئيسها عبد المجيد تبون بكل من الرئيس التونسي قيس سعيّد، ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي. هذا الموقف الليبي الحاسم لم يكن مجرد اعتذار بروتوكولي، بل جاء على شكل صفعة دبلوماسية للنظام الجزائري، الذي لم يخف طموحه في هندسة تحالف إقليمي مغاربي مصطنع وموجَّه بالأساس ضد مصالح المملكة المغربية.

الرفض الليبي الذي صدر من أعلى هيئة تشريعية استشارية في البلاد، يعكس وعيًا متزايدًا من النخب الليبية بخطورة الزج ببلادهم في محاور إقليمية ضيقة تخدم أجندات خارجية. فمحاولة الجزائر استغلال هشاشة المشهد الليبي لترتيب قمة ذات أهداف مبطنة، سرعان ما اصطدمت بحائط الرفض السيادي الذي يرفض تحويل الأراضي الليبية إلى منصة لخدمة استراتيجيات خارجية، خاصة إذا كانت تصب في اتجاه تعميق الانقسام المغاربي وتعكير صفو العلاقات مع المغرب، البلد الذي احتفظ دوما بموقف متوازن من الأزمة الليبية، وقدم دعمًا متواصلاً للحوار الليبي-الليبي دون فرض وصاية.

لقد كانت الجزائر تطمح من خلال هذه القمة إلى تلميع صورتها كقوة إقليمية ضامنة للاستقرار في الجوار، فيما هي تعيش عزلة دبلوماسية خانقة بسبب مواقفها العدائية تجاه المغرب، وعجزها عن تقديم بدائل سياسية واقتصادية مغاربية ذات مصداقية. كما أن محاولة جمع قادة تونس وليبيا تحت مظلتها في طرابلس، كان الهدف منها توجيه رسائل مبطنة للمغرب والدول الغربية مفادها أن الجزائر ما زالت اللاعب الرئيسي في المنطقة، لكنها في الواقع أثبتت مرة أخرى أنها تسير عكس تيار التعاون والتكامل المغاربي.

ورغم المجهودات التي بذلها الإعلام الرسمي الجزائري للترويج للقمة الثلاثية وكأنها أمر واقع، فإن الرفض الليبي فضح الطموحات المبيتة للنظام الجزائري، وأحرجه أمام الرأي العام المغاربي والدولي، وذكّره أن زمن فرض المحاور والتدخل في الشؤون الداخلية للدول قد ولّى، وأن من يسعى لتوحيد الجيران ينبغي أن يبدأ أولاً بمصالحة الذات وتبني خطاب متزن يحترم سيادة الآخرين.

ويبدو أن حسابات قصر المرادية كانت مبنية على افتراضات خاطئة، حيث تجاهلت دينامية التوازنات الداخلية الليبية، واستخفت بقدرة المؤسسات الليبية على اتخاذ قرارات سيادية مستقلة. كما أن الرهان على اصطفاف تونس دون شروط، لم يكن في محله، خاصة مع تزايد المؤشرات على فتور العلاقة بين قصر قرطاج والجزائر، في ظل تباين وجهات النظر بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية.

هذا الفشل الجديد للنظام الجزائري يعكس، بما لا يدع مجالًا للشك، أن الدبلوماسية القائمة على المناورة والتحريض باتت مفضوحة، وأن الرهان على خلق تكتلات هامشية ضد المغرب لن يؤدي إلا إلى مزيد من العزلة والإخفاق. كما أنه يبرز أن المملكة المغربية، بثباتها على مواقفها وتكريسها لسياسة اليد الممدودة، قد نجحت في إحراج خصومها دون أن تنجر إلى الاستفزازات أو الخطابات الشعبوية.

إن ما جرى في طرابلس ليس مجرد إلغاء قمة، بل هو إعلان صريح بانهيار سردية “التحالفات المناوئة للمغرب”، وهو تأكيد متجدد على أن من يزرع الفتنة ويحرض على التفرقة، سيحصد الرفض والعزلة.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 19 أبريل 2025 - 07:18

أبرز عناوين الصحف الوطنية الصادرة اليوم السبت 19 أبريل

السبت 19 أبريل 2025 - 06:10

توقعات أحوال الطقس يومه السبت

السبت 19 أبريل 2025 - 06:07

أربعة قتلى في انهيارات ثلجية في جبال الألب الفرنسية وأمطار في إيطاليا

السبت 19 أبريل 2025 - 00:22

من مؤتمر النقابة الوطنية للصحة.. لشكر يدعو لندوة وطنية بالعيون وطرد الجمهورية الوهمية من الاتحاد الإفريقي…

error: