
محمد رامي
رغم لغة البلاغ الرسمية التي حاول البلاغ الصحفي الصادر عن رئاسة الحكومة اليوم الثلاثاء بشأن جولة أبريل من الحوار الاجتماعي، تقديم الجولة الجديدة من الحوار الاجتماعي كإنجاز نوعي، إلا أن ما بين السطور يكشف أن الأمر لا يعدو كونه تكراراً لممارسات حكومية تسعى إلى تسويق الوهم بدل معالجة الواقع الاجتماعي المتأزم.
فمرة أخرى، نجد رئيس الحكومة يترأس اجتماعات مع النقابات والباطرونا في مشهد أقرب إلى “عرض علاقات عامة” منه إلى حوار حقيقي يفضي إلى تغييرات ملموسة.
البلاغ يتحدث عن “روح إيجابية” و”حوار مسؤول”، لكنه يتجاهل السياق الحقيقي الذي تعيشه فئات واسعة من المواطنين: غلاء المعيشة، ضعف القدرة الشرائية، وتآكل الأجور بفعل التضخم. ما قيمة زيادة 1000 درهم على مرحلتين في ظل ارتفاع أسعار المواد الأساسية والضرائب غير المباشرة؟ بل إن تخفيض الضريبة على الدخل بـ400 درهم لا يرقى إلى مستوى تطلعات الطبقة المتوسطة، ويبدو وكأنه رشوة انتخابية مؤجلة.
أما ما سمي بـ”التزامات اجتماعية” و”رفع الحد الأدنى للأجور”، فهي خطوات جزئية ومتأخرة، لا تشمل القطاع غير المهيكل الذي يضم أكثر من نصف اليد العاملة، ولا تحمي العاملات والعمال الزراعيين من هشاشة عقودهم ومخاطر استغلالهم.
الحديث عن إصلاح التقاعد يعيد إلى الأذهان وعوداً كثيرة سابقة لم تر النور، فيما واقع الحال يُظهر أن الحكومة تماطل في تقديم رؤية شاملة وعادلة، وتُغلب منطق التوازنات المالية على حساب الإنصاف الاجتماعي.
كما أن التنويه بالعلاقة مع “الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين” يفترض ضمناً أن النقابات تمثّل كل الشغيلة، وهو أمر مجانب للحقيقة، خاصة مع تنامي الاحتجاجات الفئوية في قطاعات التعليم والصحة والجماعات الترابية، وهي احتجاجات تجد نفسها خارج هذا الحوار المؤطر سلفاً بشروط الحكومة.
هو إذن حوار اجتماعي بلا روح و بلا عدالة اجتماعية…
تعليقات
0