بنعليلو يدعو إلى عدم التضييق على المتضررين من جرائم الفساد وهذه توصيات هيئة النزاهة على مشروع المسطرة الجنائية

أنوار التازي الأربعاء 23 أبريل 2025 - 09:47 l عدد الزيارات : 10142

قدم محمد بنعليلو رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، ملاحظات وتوصيات الهيئة حول مشروع القانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، يوم الثلاثاء 22 أبريل 2025.

وأكد بنعليلو أن مشروع القانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم قانون المسطرة الجنائية، كما يشكل بالنسبة للهيئة مناسبة مهمة لممارسة جزء من صلاحياتها، يشكل أيضا فرصة لبسط موقفها من مجموعة من المقتضيات التي تعتبر وثيقة الصلة بمجال مكافحة الفساد ومحاربة الرشوة من جهة ثانية. مضيفا أن الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، كما في المنظومة الدولية لمكافحة الفساد، تعتبر قانون المسطرة الجنائية آلية مهمة لإنفاذ القانون ومكافحة الإفلات من العقاب في مختلف مستوياته. 

الهيئة تدعو إلى إعطاء دينامية خاصة لآليات التبليغ والكشف عن جرائم الفساد ومتابعة مرتكبيها

 تعتبر الهيئة أن الحفاظ على سلطة النيابة العامة في إجراء الأبحاث وتحريك المتابعة في جرائم الفساد أمر جوهري في دينامية محاربة الفساد، وبالتالي ترى أن صيغة التعديل التي وردت بها المادة 3 من حيث كونها تحصر نطاق إجراء الأبحاث وإقامة الدعوى العمومية في الجرائم الماسة بالمال العام، في الطلب المقدم من طرف “الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة بناء على إحالة من المجلس الأعلى للحسابات، أو بناء على  طلب  مشفوع بتقرير من المفتشية العامة للمالية أو المفتشية العامة للإدارة الترابية أو المفتشيات العامة للوزارات أو من الإدارات المعنية، أو بناء على إحالة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها وإحالة كل هيئة يمنحها القانون صراحة ذلك“، يشكل تضييقا على هذا المبتغى، بل وفيه إقرار غير مبرر لتقييد مزدوج لصلاحيات النيابة العامة لفائدة تقديرات إدارية تستند إلى وجهات نظر تقنية/ تدبيرية أكثر منها جنائية.

وهو ما يشكل، بحسب الهيئة، مسا واضحا بالهدف من توسيع مفهوم المبلِّغ وحمايته ليشمل، بالإضافة إلى الشاهد والضحية والخبير الذين يعتبرون أطرافا في الدعوى العمومية، الشخصَ الذاتي أو المعنوي؛ سواء كان موظفا عموميا أو مستخدما بالقطاع الخاص أو شخصا عاديا، وسواء كان هيئة مجتمعية أو منظمة غير حكومية أو هيئة مهنية أو شركة. ما دام التبليغ لن يصبح له أي أهمية في ظل القيود المفروضة على النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية.

الهيئة تنبه إلى أهمية اعتماد منظور موضوعي وواقعي للتقادم منسجم مع خصوصيات جرائم الفساد (هذا المقتضى غير معني بالتعديل)

تعتبر الهيئة أن احتساب مدد تقادم الدعوى العمومية من يوم ارتكاب الجريمة، طبقا لمقتضيات المادة 5 ق م ج، من شأنه، أن يؤدي إلى نوع من إفلات مرتكبي هذه الجرائم من المتابعة، خاصة إذا علمنا أن الركن المفترض الأساسي في هذه الجرائم هو الموظف العمومي، وأن استمرار هذا الأخير في وظيفته يتيح له، في حالة ارتكابه لجريمة فساد، فرص التستر عليها إلى حين مرور مدة التقادم، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجنح التي تتقادم في التشريع الحالي بأربع سنوات فقط. 

علما أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أوصت الدول الأطراف بتحديد مدد طويلة لتقادم هذه الجرائم مع تعليق العمل بالتقادم في حالة إفلات الجاني المزعوم من العدالة.

لذا توصي الهيئة بالتنصيص على تعليق العمل بالتقادم في جرائم الفساد، أو على الأقل احتساب سريانه بالنسبة لهذه الجرائم ابتداء من تاريخ اكتشافها، أو ابتداء من ترك الوظيفة بأي شكل من الأشكال، باعتبار الاستمرار في الوظيفة يشكل فرصة للتستر على جرائم الفساد وإخفائها. (وهو التوجه الذي سارت عليه مجموعة من التشريعات المقارنة). 

كما دعت الهيئة إلى الالتفات إلى مجموعة من الإشكاليات التي تطرحها الآجال القانونية المحددة لتقادم العقوبات المطبقة على هذه الجرائم عندما يتعلق الأمر بعقوبة المصادرة، التي ترى الهيئة استثناءها من مقتضيات التقادم العادي، وذلك إما بالتنصيص على تعليق العمل به بالنسبة لهذه العقوبة، أو على الأقل بالتنصيص على مدة مساوية للتقادم المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية بالنسبة للأحكام المتعلقة برد وإرجاع الأموال إلى المتضررين المطالبين بها.

الهيئة تعتبر الحفاظ على حق جمعيات المجتمع المدني في الانتصاب كطرف مدني واجب معياري بمكانة متميزة في منظومة المكافحة

تعتبر الهيئة أن التعديلات التي جاءت بها المادة 7 والرامية إلى اشتراط حصول الجمعيات المعترف لها بصفة المنفعة العامة على إذن بالتقاضي من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل حسب الضوابط التي يحددها نص تنظيم لانتصابها كطرف مدني، من شأنها أن تحد من  إمكانيات انتصابها كطرف مدني أمام القضاء، وان تمس بمكانة هيئات المجتمع المدني الجادة، سواء من جانب مكانتها الدستورية ، أو من جانب المقتضيات القانونية ذات الصلة بالحريات العامة، خاصة وأن الهيئة ترى أن التراجع عن صيغة النص الحالي للمادة 7 لا يستند على مبررات قوية داعمة له، بل ربما يشكل مجرد استنساخ مجتزأ لمقتضى قانوني مقارن، أمام كون قانون المسطرة الجنائية الحالي يشترط لقبول انتصاب الجمعيات بشكل عام كطرف مدني الاعتراف لها بصفة المنفعة العامة.  

وبالتالي ترى الهيئة أن هذا المقتضى سيشكل تضييقا غير مستساغ على حق الجمعيات الجادة في الانتصاب كطرف مدني، ولو لمجرد مظنة اعتبار الإذن المطلوب قد يخضع لتقديرات غير قضائية يتولاها جهاز تنفيذي.

الهيئة تعتبر أن إطلاع الرأي العام على القضايا الرائجة والإجراءات المتخذة فيها، ضمانة تستحق التنويه، لكن في سياق تصور أكثر انفتاحا واحترافية

تعتبر الهيئة أن توجُّه مشروع التعديل نحو إقرار مبدأ إِطْلاع الرأي العام، على القضايا الرائجة في المحاكم والإجراءات المتخذة فيها، بما في ذلك جرائم الفساد، مع إمكانية الإذن للشرطة القضائية بنشر بلاغات حول القضايا المسجلة، وكذا تعيين قاض أو أكثر للنيابة العامة يتولى مهام ناطق رسمي للمحكمة للتواصل مع الرأي العام. (تعتبر ذلك) مبادرة جديرة بالاهتمام، وإن كانت ترى أن الأمر يستدعي على ضوء مجموعة من المحددات المستمدة من توصيات بعض المنظمات الدولية، ومن بعض التشريعات المقارنة، مزيدا من التدقيق من حيث موضوعه، لجعله شاملا لكل الحالات التي تستأثر باهتمام الرأي العام،  أو بهدف تفادي شيوع معلومات غير صحيحة أو غير دقيقة أو مضللة، أو وضع حد للإخلال بالنظام العام، أو عندما تبرر ذلك أي ضرورة أخرى تتعلق بالمصلحة العامة، ومن حيث القائم به بأن تجعل من النيابة العامة، ناطقا باسم المحكمة  تلقائيا، أو بطلب من قاضي التحقيق أو قاضي الحكم أو لم لا في حالات معينة بطلب من أطراف الدعوى.

الهيئة ترى أن تعزيز التعاون المؤسسي وتكامل جهود أعمال البحث والتحري تحول منهجي في تدبير جهود المكافحة

تنظر الهيئة بإيجابية للتعديل المقترح على المادة 21، والمتعلق بإمكانية استعانة ضباط الشرطة القضائية بالضباط والموظفين ذوي الاختصاص العاملين بالإدارات، وبإمكانية توجيه طلبات للإدارات والأشخاص الاعتبارية الخاضعة للقانون العام أو الخاص لتمكينهم من المعطيات الضرورية لسير الأبحاث، واعتبرت  (الهيئة) لذلك، أن التعديل المطروح يشكل مدخلا تشريعيا ملائما لإقرار متطلبات التعاون بين المؤسسات، واستثمار مختلف الصلاحيات المخولة لها في هذا المجال، وإن كانت ترى أن إدراج الهيئة صراحة ضمن الجهات المعنية بهذه الاستعانة عندما يتعلق الأمر بجرائم الفساد، يشكل دعما لانسجام وتماسك التشريعات الوطنية، وضمان لنجاعة تفعيلها، وتعبرا تشريعيا معلنا للدعم المؤسساتي لأجهزة مكافحة الفساد.

الهيئة تنبه: حتى لا تعارض سلطة “ملاءمة” المتابعة المتطلبات المعيارية في مجال المكافحة

لأن المنتظم الدولي أوصى الدولَ التي تنهج مبدأ “الملاءمة” في المتابعة الجنائية، بضرورة تأطير هذه “الملاءمة” بمبدأين أساسيين: المبدأ الأول يتمثل في إخضاع قرار النيابة العامة بعدم إجراء المتابعة أو الإحجام عنها في جرائم الفساد، للمراجعة من طرف سلطة رئاسية عليا، وذلك إما بمبادرة منها، أو بناء على شكاية من الضحية أو الشخص الذي أبلغ بوقوع الجريمة، أو أي طرف أو شخص معني متضرر من قرار عدم المتابعة، مع تضمين التقرير المنجز في إطار هذه المراجعة، الأسبابَ الموجبة لاتخاذ القرار المناسب من طرف السلطة الرئاسية المعنية. وهو أمر جاء به التعديل المقترح ويستحق التنويه. أما المبدأ الثاني الموصى به في هذا الشأن، فيتمثل في وضع مبادئ إرشادية وتوجيهات رسمية بضرورة تقديم المسوغات الكافية لكل قرار بعدم المتابعة، وذلك لضمان التنزيل الأمثل لسلطة “الملاءمة”، وهو أمر تعتبر الهيئة أن النص الحالي لا يغطيه بشكل كاف. 

وبالتالي يتعين تعزيز البعد الشرعي لقرار الحفظ من خلال ربطه بغياب الشروط القانونية لقبول القضية المعروضة، كانعدام العناصر المكونة للجريمة أو غيرها من الموانع القانونية المعتبرة معياريا؛

كما يتعين، من منظور الهيئة، الارتقاء بمبدأ تعليل قرار الحفظ المتخذ بشأن، القضايا المعروضة على النيابات العامة من قبل المؤسسات والهيئات المخول لها صلاحية الإحالة على هذه النيابات، إلى مستوى التنصيص القانوني؛ بما يكرس مركزية مبدأ التعليل كقاعدة عامة تؤطر علاقات السلطات الوطنية لمكافحة الفساد فيما بينها.

الهيئة توصي: الإحالة على التحقيق آلية مهمة لتعزيز الفعالية من المنظور المعياري

ترى الهيئة أن قاضي التحقيق يعتبر حلقة وصل وتكامل مؤسسي بين سلطتي الاتهام والمحاكمة، بأدوار مهمة في إماطة اللثام عن جرائم الفساد، وكشف ملابساتها، أو حتى تبرئة المتهمين فيها، لذلك ترى ضرورة التنبيه إلى كون التعديلات المطروحة في إطار المادتين 83 و84 من شأنها أن تمس بتوازن هذا التكامل، في اتجاه تقليص دور مؤسسة قاضي التحقيق في تعزيز الكشف عن جرائم الفساد واستجماع أدلة إثباتها.

لذا ترى الهيئة أن هناك أهمية بالغة في التجاوب مع ما أقرته الاتفاقية الأممية UNCAC بالنسبة للدول التي اختارت أسلوب “التقدير أو الملاءمة“ في المتابعة، من ضرورة رفع القضايا المرتبطة بالجرائم ذات الصلة بالفساد والجرائم التي يرتكبها الموظفون العموميون وجرائم غسل الأموال، مباشرة من طرف النيابة العامة إلى سلطة التحقيق، تعزيزا للفعالية، واستفادة من الضمانات المخولة على هذا المستوى؛ وترى الهيئة أن وجاهة إفراد جنايات الفساد بالإحالة الإلزامية على قاضي التحقيق، تجد مبررها في خطورة هذه الجنايات، وارتكابها في الغالب عبر مناورات تدليسية على مستوى الوثائق والمستندات، وقدرة مرتكبيها على إخفاء معالم جرائمهم، والعجز المحتمل في استكشاف هذه الجرائم إذا ما تم الاكتفاء بالاستدلال عليها بآليات البحث التمهيدي فقط (أخذا بعين الاعتبار قصر مدة الوضع رهن الحراسة النظرية مقارنة مع مدة الاعتقال الاحتياطي)؛

وبالتالي الاقتناع متحقق، لدى الهيئة، بضرورة عرض الجنايات المتعلقة بهذه الجرائم على التحقيق، لاستنفاد جميع الإمكانيات المتاحة للكشف عنها والتحقق منها أو لتبرئة المعنيين بها في إطار الضمانات القضائية المخولة لجميع الأطراف؛

الهيئة تعتبر  أن التراجع عن مبدأ “عينية التحقيق لا شخصيته” تراجع غير منسجم مع خصوصيات جرائم الفساد

ترى الهيئة أن الإبقاء على حق قاضي التحقيق، في توجيه التهمة لأي شخص بصفته فاعلا أصليا أو مساهما أو مشاركا في الوقائع المعروضة عليه، تلقائيا أو بناء على ملتمس من النيابة العامة. والاكتفاء بإلزام قاضي التحقيق بالرجوع إلى النيابة العامة لتقديم ملتمساتها، فقط في حالة ظهور وقائع لم يُشَر إليها في ملتمس النيابة العامة بإجراء التحقيق، يعتبر جوهر المبادئ المؤطرة للتحقيق وجوهر التمايز بين مرحلة التحقيق ومرحلة المحاكمة، لذا ترى الهيئة أن  ما جاء به نص التعديل، من شأنه أن يجعل مسار البحث الذي يمارسه قاضي التحقيق بمقتضى سلطة تقديرية عامة، معرضا للتشتت، الناتج عن اضطراره إلى استصدار ملتمسات النيابة العامة في كل مرة يقوده فيها التحقيق في الواقعة المعروضة عليه إلى الاستماع إلى اتهام أشخاص أو اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة في حقهم سواء بصفتهم فاعلين أصليين أو مشاركين أو مساهمين؛

وهو أمر تعتبر الهيئة أنه لا يتلاءم مع متطلبات التحقيق في جرائم الفساد التي تتميز بتعدد المعنيين والمتدخلين والأطراف، مما يجعل تقييد متابعتهم، والاستماع إليهم بهذه الصفة في إطار مسطرة التحقيق، بضرورة الرجوع لطلب ملتمس النيابة العامة في هذا الشأن، أمرا من شأنه أن يعقِّد مسطرة التحقيق ويؤدي إلى تشتيت الجهود المبذولة من قبل قاضي التحقيق وتأخير عمله خاصة أمام استعمال النيابة العامة لصلاحية الملاءمة في موجهة بعض قرارات الاطلاع.

الهيئة تدعو إلى عدم التضييق على المتضررين من جرائم الفساد

تعتبر الهيئة أن التعديل القاضي بإلزام الطرف المدني الذي يقيم الدعوى أمام قاضي التحقيق أو أمام هيئة الحكم بتضمين مذكرته المعلومات المتعلقة بهوية المتهم ووقائع القضية المعروضة والتكييف القانوني لها والأدلة والمستندات المدعمة لها، يصل بحسب صياغة نص المشروع إلى مستوى “أن يضع شرطا تعجيزيا” من شأنه أن يؤدي إلى عرقلة الولوج إلى القضاء.

خاصة وأن هذا التعديل لا يستند إلى أي دراسة موضوعية تبرر هذا التحول عما أقره القانون والعمل القضائي منذ مدة. وخاصة أيضا، في سياق جرائم فساد ليس بإمكان المشتكي العلم بحيثياتها وتفاصيلها. لأن من خصائصها أن ترتكب في سرية تامة، أو باتفاق بين أطراف متواطئة، أو بالتحايل على مساطر قانونية، أو بالتداخل مع جرائم أخرى، ويتعدد فاعلوها وتتنوع مراكزهم القانونية وتتفاوت درجة مساهمتهم أو مشاركتهم في الجريمة؛ الأمر الذي يجعل تكليف المتضرر بتحمل عبء التكييف القانوني لوقائعها والإدلاء بالتفصيلات الواردة في المشروع، أمرا شبه مستحيل، مما قد يساهم بالتالي في تحجيم إحدى أهم القنوات المتاحة للتحقيق والحكم في جرائم الفساد والكشف عن مرتكبيها. مع العلم أن التكاليف الإجرائية التي جاء بها هذا التعديل تعتبر من صميم مهام البحث والتحري التي يضطلع بها ضباط الشرطة القضائية.

 وفي نفس سياق رفع التضييق عن المتضررين من جرائم الفساد، تؤكد الهيئة على أن تنصيص التعديل المدرج في المادة 350 على منع المتضرر من تحريك الدعوى العمومية مباشرة أمام غرفة الجنايات، في الوقت الذي تعتبر فيه جرائم الفساد جرائم جنائية في أغلب صورها، يشكل عقبة حقيقية أمام المتضررين ويفوت أمامهم فرصة تقديم شكاياتهم ومطالبهم المدنية أمام القضاء في عدد مهم من القضايا. 

الهيئة توضح: شرعية الإجراء مطلب ملح لنجاعة أعمال البحث والتحري في إطار التقنيات الحديثة 109 (غير مشمول بالتعديل)

وفي هذا السياق توصي الهيئة بضرورة تعديل المادة 109 من ق م ج لضبط وتنظيم الحالة التي تُسفر فيها عمليات التقاط المكالمات أو أي معلومة أخرى بواسطة التقنيات الحديثة، عن اكتشاف جريمة فساد غير تلك المعنية بالإذن القانوني أو المقرر الذي استندت إليه العملية، 

وبهذا الخصوص، اعتبرت الهيئة أن التوافق مع مطلب المكافحة الفعالة لآفة الفساد يقتضي أن يسير المشرع في اتجاه الإقرار القانوني لمبدأ استيعاب الإذن بالتقاط المكالمات الخاص بإحدى أفعال الفساد، لجميع الجرائم المندرجة ضمن هذه الأفعال، وهذا اختيار من شأنه أن يصون مشروعية الدليل ومبدأَ تناسبه، ويسايرَ منظور الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد في تأكيدها على الصلات القائمة بين أفعال الفساد، وبينها وبين الجريمة الاقتصادية بشكل خاص، كما من شأنه أن يتفاعل موضوعيا مع مفهوم الفساد كما هو متعارف عليه لدى المنظمات الدولية المعنية، وكذا مع المنظور الدولي الذي يعتبر جرائم الفساد تشكل بنية متكاملة من الأفعال التي تشترك مع بعضها في مجموعة من القواسم المشتركة. 

الهيئة تؤكد: موضوع الامتيازات موضوع بمخاطر مرتفعة في عرف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد 

إن التعديلات المقترحة على قواعد الاختصاص الاستثنائية، ربما تشكل إشارة مهمة لإمكانية متابعة مرتكبي جرائم الفساد كيفما كانت رتبهم الوظيفية، إلا أن الهيئة ترى أن الأمر يقتضي مراجعة المقتضيات المتعلقة بهذه القواعد في اتجاه تحقيق الانسجام المطلوب مع الاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، والتي تؤكد على ضرورة إقامة توازن مناسب بين أي امتيازات قضائية من جانب وإمكانية إنفاذ القانون بفعالية من جانب آخر. لذا تسجل الهيئة أن التوسيع غير المبرر لدائرة الأشخاص المشمولين بقواعد الاختصاص الاستثنائية هو توجه غير منسجم مع هذا المنطق .

كما أن الهيئة لم تجد مبررا لمنع إمكانية تقديم المطالبة بالحق المدني أمام محكمة النقض حينما يتعلق الأمر بالفئات المشمولة بالامتياز، وتوصي بضرورة التنصيص على حق الطرف المدني في التدخل أمام مختلف هيئات التحقيق والحكم وفق القواعد المسطرية العامة.

الهيئة تطالب بمقتضيات تحفظية ناجعة لتجميد وحجز العائدات المتأتية من جرائم الفساد وتسهيل التنفيذ الجنائي لعقوبة المصادرة 595-2

ترى الهيئة أن التنصيص على عرض الأمر بالتجميد أو الحجز على المحكمة الجنائية داخل أجل قصير، والتنصيص على مبدأ إحداث جهاز مكلف بتدبير المحجوزات. أحد مقومات التلاؤم مع الاتفاقية الأممية التي حثت على ضرورة عرض الأمر بالتجميد أو الحجز الصادر عن النيابات العامة أو قاضي التحقيق، على المحكمة الجنائية المختصة داخل أجل قصير جدا لضمان تمتيعه بقوة اليقين القضائي عوض تعرضه للتلف أو الاندثار أو دخوله في طي النسيان؛

الهيئة تؤكد: المقاربة التأديبية مقاربة داعمة لآليات الزجر الجنائي في مكافحة الفساد

ترى الهيئة أن حذف مشروع القانون للمقتضى الذي كان ينص على توجيه نسخة من القرار الصادر خرقا للإجراءات الجوهرية للمسطرة، إذا أبطلته محكمة النقض لهذا السبب على وزير العدل من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، وعدم تعويضه بالإحالة على المجلس الأعلى للسلطة القضائية باعتباره جهة دستورية مختصة بالبت في المخالفات التأديبية المنسوبة للقضاة ومنها خرق القانون، يشكل حذفا لمقتضى مهم من مقتضيات الوقاية من الفساد.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

الأربعاء 23 أبريل 2025 - 16:30

إدريس لشكر يشارك في مؤتمر التحالف التقدمي العالمي بالهند .. مرافعة من أجل عدالة عالمية وتمكين دول الجنوب

الأربعاء 23 أبريل 2025 - 15:17

حزب فوكس يتحرك لإلغاء تدريس الثقافة المغربية في مدارس الأندلس

الأربعاء 23 أبريل 2025 - 14:53

بوادر أزمة حقيقية لتسويق الحليب تلوح في الأفق والفيدرالية البيمهنية للحليب بالمغرب تدق نقوس الخطر

الأربعاء 23 أبريل 2025 - 14:51

الأمن الاقتصادي محور ندوة مشتركة بين المجلس الأعلى للسلطة القضائية ‏ومجلس المنافسة بمعرض الكتاب بالرباط‏

error: