وقَّعت الولايات المتحدة وأوكرانيا، الأربعاء، اتفاقية اقتصادية واسعة النطاق لإنشاء صندوق استثماري لإعمار أوكرانيا التي أنهكتها الحرب، كما تمنح الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب حق الوصول إلى الموارد الطبيعية الأوكرانية.
جاء توقيع الاتفاقية بالتزامن مع جهود دبلوماسية لإيجاد حل للنزاع المستمر بين موسكو وكييف منذ الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ثلاث سنوات.
وفي كلمة مصورة، قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت: “يسعدني أن أعلن اليوم توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية التاريخية مع أوكرانيا”.
من جانبها، أعربت وزيرة الاقتصاد الأوكرانية يوليا سفيريدينكو، بعد توقيع الاتفاقية في واشنطن، عن ترحيبها بالتعاون مع الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الصندوق المشترك “سيسهم في جذب استثمارات عالمية إلى بلادنا”.
وأضافت في منشور على “فيسبوك” أن الاتفاقية ستتيح تمويل “مشاريع استخراج المعادن والنفط والغاز” في أوكرانيا، مؤكدة أن بلادها “ستحتفظ بالملكية والسيطرة الكاملة على هذه الموارد”، وأن “الدولة الأوكرانية هي من ستحدد ما يتم استخراجه وأين”.
بدورها، أكدت وزارة الخزانة الأمريكية أن الاتفاقية تهدف إلى إنشاء “صندوق استثماري لإعادة الإعمار”، مشيرة في بيان إلى أن “هذه الشراكة الاقتصادية ستضع البلدين في وضع يسمح لهما بالتعاون والاستثمار المشترك لتعزيز إعادة بناء الاقتصاد الأوكراني”، دون الخوض في تفاصيل الاتفاق.
يذكر أن الولايات المتحدة قدمت خلال عهد الرئيس السابق جو بايدن مساعدات لأوكرانيا بقيمة عشرات المليارات من الدولارات.
من جهته، علق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على الاتفاقية خلال مقابلة مع قناة “نيوز نايشن”، قائلاً إنه أخبر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال لقائهما في الفاتيكان على هامش جنازة البابا فرنسيس أن توقيع الاتفاق “أمر جيد للغاية، لأن روسيا أكبر وأقوى بكثير”.
وأوضح وزير الخزانة الأمريكي عبر “فوكس نيوز” أن ترامب “يريد أن يجلس الطرفان على طاولة المفاوضات الآن، مع إبرام مصالح اقتصادية أمريكية في أوكرانيا”، مضيفاً أن هذه “رسالة إلى القادة الروس وإلى الشعب الأمريكي بأن لدينا فرصة للمشاركة والحصول على تعويض” عن الأسلحة والمساعدات المقدمة لأوكرانيا.
وكان مشروع الاتفاقية قد أثار توتراً بين كييف وواشنطن في الأسابيع الماضية، خاصة أن الدعم الأمريكي يُعتبر حيوياً لأوكرانيا. وكان من المقرر توقيع نسخة سابقة منه خلال زيارة زيلينسكي إلى البيت الأبيض في فبراير الماضي، لكن المشادة العلنية بين الرئيسين أدت إلى مغادرة زيلينسكي دون التوقيع.
وفي مارس، قدمت واشنطن صيغة معدلة للاتفاقية، انتقدها نواب أوكرانيون ووسائل إعلام محلية ووصفوها بأنها “مجحفة”. إلا أن المسؤولين الأوكرانيين أكدوا لاحقاً أن المفاوضات أدت إلى تعديل النص ليكون مقبولاً من كييف.
غير أن عضو الكونغرس الأمريكي الديمقراطي غريغوري ميكس وصف الاتفاقية مساء الأربعاء بأنها “شكل من أشكال الابتزاز” من قبل ترامب.
في المقابل، رحب رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميغال بالاتفاقية قبل توقيعها، واصفاً إياها بـ”الاتفاق الدولي الجميل بين الحكومتين الأمريكية والأوكرانية لتعزيز الاستثمارات المشتركة في إعادة إعمار أوكرانيا”، مؤكداً أن “الاتفاق لا يتضمن ديوناً أو مساعدات مالية مسبقة”.
ويبقى أن يُقر البرلمان الأوكراني الاتفاقية، التي لا تتضمن ضمانات أمنية أمريكية ضد روسيا، رغم مطالبات زيلينسكي بها.
وعلق وزير الخزانة الأمريكي بالقول: “هذا الاتفاق يوضح لروسيا أن إدارة ترامب منخرطة في عملية سلام تهدف إلى أوكرانيا حرة ومزدهرة على المدى الطويل”.
وينص الاتفاق على إنشاء “صندوق استثماري لإعادة الإعمار” تُدار أمواله بشكل مشترك بين الجانبين الأوكراني والأمريكي.
يُذكر أن حجم الثروات المعدنية الأوكرانية غير معروف بدقة، إذ إن معظمها غير مستغل أو يصعب استخراجه، كما أن جزءاً كبيراً منها يقع في مناطق تحت السيطرة الروسية.
في سياق متصل، شن الجيش الروسي هجوماً صاروخياً على منطقة سكنية في أوديسا (جنوب أوكرانيا)، ما أسفر عن مقتل شخصين وإصابة 15 آخرين، وفقاً لحاكم المنطقة أوليغ كيبر، الذي أشار إلى أن الهجوم تسبب في أضرار بمبانٍ سكنية ومتاجر ومدرسة.
كما سُمعت انفجارات في مدينة سومي، بينما دقت صافرات الإنذار في عدة مناطق أوكرانية، بينها كييف وخاركيف وتشرنيغيف.
وعلق الرئيس زيلينسكي على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلاً: “منذ أكثر من 50 يوماً، تجاهلت روسيا الاقتراح الأمريكي بوقف إطلاق النار، وردت بالمزيد من القصف”. ودعا إلى “زيادة الضغط على موسكو لدفعها إلى التفاوض”، معرباً عن الحاجة إلى “تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية لمواجهة الهجمات الروسية”.
تعليقات
0