طرابلس تشتعل من جديد: اشتباكات مسلحة تهز العاصمة الليبية وسقوط قادة بارزين

 وكالات

شهدت العاصمة الليبية طرابلس، ليل الإثنين، مواجهات عنيفة بين مجموعات مسلحة متناحرة، في تصعيد مفاجئ للوضع الأمني المتوتر أصلًا في البلاد. واندلعت الاشتباكات ابتداء من الساعة التاسعة مساءً بالتوقيت المحلي، حيث سُمع دوي إطلاق رصاص كثيف وقذائف في مناطق مختلفة من جنوب العاصمة، بحسب مراسلي وكالة “فرانس برس”.

وتزامنًا مع اندلاع الاشتباكات، أصدرت وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية بيانًا عاجلًا دعت فيه سكان طرابلس إلى التزام منازلهم حفاظًا على أرواحهم، فيما لم تُعلن في البداية عن سقوط ضحايا أو تحديد هوية الأطراف المتورطة.

لكن بعد ساعات، أكدت تقارير إعلامية ومحلية مقتل عبد الغني الككلي، المعروف بلقب “غنيوة”، قائد جهاز دعم الاستقرار، في اشتباكات وقعت داخل مقر “اللواء 444 قتال” التابع لمنطقة طرابلس العسكرية. وبحسب مصادر مطلعة، فإن غنيوة وعددًا من مرافقيه وقادة من قوة العمليات المشتركة واللواء 444 لقوا حتفهم خلال تبادل لإطلاق النار بعد فشل مفاوضات لتسوية خلافات بين الأطراف المسلحة.

وعقب انتشار نبأ مقتل الككلي، اتسعت رقعة المواجهات المسلحة لتشمل مناطق الهضبة، أبو سليم، مشروع الهضبة، الدريبي وشارع الزاوية، حيث تتمركز مقرات جهاز دعم الاستقرار. وأفاد شهود عيان بأن قوات يُعتقد أنها تابعة للواءي 111 و444 بدأت في اقتحام مقرات جهاز دعم الاستقرار وسط إطلاق نار متواصل.

وفي أول تعليق رسمي، أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية نجاح العملية العسكرية في طرابلس، مؤكدة سيطرتها الكاملة على منطقة أبو سليم. وأكدت الوزارة أنها تعمل على تثبيت الأمن والاستقرار في العاصمة، في وقت طالبت فيه وزارة الداخلية المواطنين مجددًا بعدم مغادرة منازلهم.

وبالتوازي مع تطورات المواجهات، أعلن جهاز الإسعاف والطوارئ عن رفع جاهزيته وتقديم الدعم للمناطق المتضررة، في حين باشر مطار معيتيقة الدولي تنفيذ خطة لإخلاء المطار ونقل الطائرات إلى مطار مصراتة كإجراء احترازي.

الاشتباكات الحالية تأتي رغم الهدوء النسبي الذي كانت تنعم به طرابلس منذ انتهاء هجوم قوات المشير خليفة حفتر في 2020، والذي أسفر آنذاك عن توقيع اتفاق وقف دائم لإطلاق النار. لكن العاصمة ظلت تشهد على فترات متقطعة اشتباكات بين مجموعات مسلحة تتنازع السيطرة على مناطق نفوذ ومؤسسات أمنية واقتصادية.

وفي هذا السياق، أعربت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا عن “قلقها البالغ” إزاء الاشتباكات واستخدام الأسلحة الثقيلة في أحياء مأهولة بالسكان، داعية إلى وقف فوري لإطلاق النار. من جانبها، كررت السفارة الأميركية في طرابلس دعوتها لخفض التصعيد ووقف التحشيد العسكري في طرابلس ومحيطها.

وتبقى طرابلس تحت رحمة الصراعات المسلحة والانقسامات السياسية، في ظل غياب مؤسسات موحدة قادرة على فرض سلطة القانون وبسط الأمن في البلاد المنهكة من سنوات الحرب والانقسام.