افتتح مجلس الأممية الاشتراكية أمس السبت اجتماعه النصف السنوي الذي يستمر ليومين في مدينة إسطنبول، بحضور رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، وسط أجواء يخيّم عليها اعتقال رئيس بلدية المدينة المضيفة، الاشتراكي الديمقراطي أكرم إمام أوغلو.
بدأ اللقاء، الذي يُعقد في أحد فنادق إسطنبول، بصورة جماعية رفع خلالها المندوبون لافتات تحمل صورة إمام أوغلو، الذي تم تعليق مهامه، إلى جانب شعارات كتب عليها “الحرية لإمام أوغلو”.
وكان اختيار مدينة إسطنبول، الواقعة على مضيق البوسفور، كمكان لانعقاد هذا اللقاء قد تقرر وأُعلن عنه خلال اجتماع المجلس السابق في الرباط في دجنبر الماضي، أي قبل أشهر من الوضع المتوتر الذي خلقته في تركيا عملية الاعتقال المفاجئ للعمدة الشهير والمنافس السياسي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وفي كلمته الافتتاحية بصفته رئيسًا للأممية الاشتراكية، أشار بيدرو سانشيز إلى الأوقات الصعبة التي يمر بها أكبر أحزاب المعارضة في تركيا، وهو حزب الشعب الجمهوري (CHP)، بسبب الملاحقات القضائية التي يتعرض لها أحد أبرز قادته.
وقال رئيس الحكومة الإسبانية: “نعلم أن كثيرين في هذه القاعة قدموا تضحيات كبيرة دفاعًا عن الديمقراطية. نحن نمر بمرحلة تحديات جسيمة. العديد من رفاقنا يقبعون في السجون”. وأضاف: “نواصل دعم رفاقنا في بيلاروسيا، النيجر، فنزويلا، وبالطبع، في تركيا، بكل تضامن”.
من جهته، ندد نائب رئيس الأممية الاشتراكية ورئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزال، في خطاب حماسي، بما وصفه بـ”انقلاب 19 مارس”، في إشارة إلى تاريخ اعتقال إمام أوغلو، الذي وُجهت إليه اتهامات تتعلق بالفساد والإرهاب.
ومنذ ذلك الحين، تشهد العلاقة بين حزب CHP وحكومة أردوغان توتراً شديداً، حيث يتهم الحزب السلطات باستخدام القضاء كأداة لإقصاء إمام أوغلو من السباق الانتخابي، بعد أن تم ترشيحه رسميًا للانتخابات الرئاسية المقررة عام 2028.
وأشار أوزال إلى أن هذا الاجتماع لمجلس الأممية الاشتراكية، الذي يجمع مئات المندوبين من قارات مختلفة، يُعقد تحت شعار:
“لا أحد ينجو بمفرده: إمّا جميعًا أو لا أحد”، وهو مقتبس من عبارة للشاعر الألماني برتولت بريشت.
كما طالب سانشيز، الذي يرأس الأممية الاشتراكية منذ 2022، وهو من القلة القليلة من رؤساء الحكومات الحاليين الذين هم أعضاء نشطون فيها، ببذل جهد دولي لوضع حد للحرب التي تشنها إسرائيل على حركة حماس في قطاع غزة، ودعا إلى تعزيز الديمقراطية، والدفاع عن حقوق الإنسان، ومحاربة النزعة القومية الإقصائية، مشددًا على أن الاشتراكيين يؤمنون بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
كما توافق الطرفان على ضرورة الدفع من أجل السلام في أوكرانيا، وعبّرا عن مواقف نقدية تجاه سياسات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
وشدّد أوزال في خطابه كذلك على حقوق النساء، مستنكرًا انسحاب تركيا عام 2022 من اتفاقية إسطنبول، وهي معاهدة أوروبية تهدف لمكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وقال: “إذا وصل حزب الشعب الجمهوري إلى السلطة، فسنعيد تفعيل انضمام تركيا إلى الاتفاقية في الشهر الأول من تولينا الحكم”، وهو التصريح الذي قوبل بتصفيق حار من الحضور.
سبق هذا الاجتماع يوم الخميس لقاء عالمي للأممية الاشتراكية للنساء، وهي منظمة تأسست عام 1907 وتُعد إحدى المنظمات الأخوية المرتبطة بالفيدرالية الحزبية.
وشهد الاجتماع حضورًا نوعيًا وفعّالاً للوفد المغربي الممثل لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بقيادة الكاتب الأول إدريس لشكر، الذي شارك في مختلف الجلسات العامة والنقاشات الموضوعاتية حول الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، والرهانات الدولية الراهنة.
وعلى هامش الاجتماع، عقد لشكر سلسلة لقاءات ثنائية مع عدد من قادة الأحزاب الشريكة، حيث تم تبادل وجهات النظر حول سبل تعزيز العمل المشترك داخل الأممية الاشتراكية، وكذا تحصين القيم الديمقراطية في مواجهة تصاعد السلطوية والشعبوية في عدد من مناطق العالم.
كما تطرق لشكر، في هذه اللقاءات، إلى التجربة المغربية في الإصلاح السياسي، والدور التاريخي الذي لعبه الاتحاد الاشتراكي في ترسيخ التعددية وبناء دولة المؤسسات، مؤكداً التزام الحزب الدائم بالدفاع عن القضايا العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
تجدر الإشارة إلى أن الأممية الاشتراكية، التي تأسست عام 1951، تضم اليوم 89 حزبًا من 81 دولة، ولها حضور واسع في أمريكا اللاتينية، وأفريقيا، وجنوب وغرب آسيا.
(تفاصيل أكثر عن مشاركة حزب الاتحاد الاشتراكي في مراسلة لاحقة)
تعليقات
0