آخر تطورات الهجوم الإسرائيلي على إيران وتداعياته الدولية

محمد اليزناسني الجمعة 13 يونيو 2025 - 11:15 l عدد الزيارات : 50301

في تطور خطير يعيد رسم مشهد الصراع في الشرق الأوسط، أعلنت إسرائيل فجر الجمعة تنفيذ سلسلة من الضربات الجوية المركزة ضد مواقع عسكرية ونووية داخل الأراضي الإيرانية، في عملية وُصفت بأنها “الأوسع والأكثر دقة” منذ سنوات. وأكد الجيش الإسرائيلي في بيان رسمي أن العملية استهدفت منشأة نطنز النووية الحساسة، مشيراً إلى إصابة منطقة التخصيب تحت الأرض التي تضم أجهزة طرد مركزي وغرفًا كهربائية متعددة الطوابق.

وجاء في بيان الجيش أن “الضربة أصابت بنية تحتية حيوية تمكّن الموقع من مواصلة عملياته النووية، وتساعد النظام الإيراني في جهوده لحيازة أسلحة نووية”. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وصف العملية بأنها “ضربة افتتاحية ناجحة للغاية”، مشيراً إلى أن الحملة العسكرية “ستستمر بقدر ما يلزم من أيام” لضرب ما أسماه “قلب المشروع النووي الإيراني”.

في المقابل، وصفت طهران الضربات بأنها “إعلان حرب صريح”، وتوعّد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي إسرائيل بمواجهة “مصير مرير”، مؤكداً أن “الجريمة لن تمر دون ردّ قاسٍ”. وأضاف في بيان رسمي أن الهجوم “لن يضعف عزيمة الجمهورية الإسلامية بل سيزيدها إصراراً على مواجهة العدوان والهيمنة”.

وسارعت السلطات الإيرانية إلى اتخاذ خطوات لملء الفراغ الذي أحدثته الضربات، إذ عُيّن اللواء عبد الرحيم موسوي قائداً جديداً لهيئة الأركان خلفاً لمحمد باقري الذي قتل في الهجوم، كما تم تعيين محمد باكبور قائداً للحرس الثوري خلفاً لحسين سلامي الذي لقي المصير نفسه.

وأفادت وسائل إعلام رسمية إيرانية بوقوع سلسلة من الانفجارات الجديدة في أذربيجان الشرقية شمال غرب البلاد، في حين قالت وكالة “تسنيم” الإيرانية إن الهجمات طالت عشرة مواقع مختلفة وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، بينهم عسكريون وعلماء في المجال النووي.

في خضم هذا التصعيد، أعلن الجيش الأردني صباح الجمعة اعتراض عدد من الصواريخ والطائرات المسيرة التي اخترقت المجال الجوي للمملكة، مشيراً إلى أن الاعتراض تم بعد تقديرات تشير إلى حتمية سقوطها في مناطق سكنية مأهولة. وأطلقت صافرات الإنذار في عمّان ومدن أردنية أخرى، فيما دعت مديرية الأمن العام المواطنين إلى لزوم منازلهم، قبل أن تعلن لاحقاً “انتهاء فترة الإنذار” مع استمرار الطلعات الجوية لسلاح الجو الأردني لحماية المجال الجوي.

وأكدت الحكومة الأردنية أنها “لن تسمح باستخدام مجالها الجوي في أي صراع”، في وقت أعلنت فيه هيئة الطيران المدني إغلاق أجواء المملكة بشكل مؤقت وتعليق حركة الطيران.

الضربات الإسرائيلية تسببت كذلك في موجة قلق إقليمية ودولية. لبنان أعلن أنه يجري اتصالات مكثفة “لتجنيب البلاد التداعيات المحتملة”، في حين شهدت عدة دول خليجية تأثراً مباشراً في مجالها الجوي. شركة طيران الإمارات، والخطوط الجوية القطرية، أعلنتا تعليق رحلاتهما من وإلى إيران والعراق ولبنان والأردن، كما حذّرت مطارات دبي وأبوظبي من اضطرابات محتملة في الرحلات بسبب إغلاق الأجواء في بعض الدول المجاورة.

اقتصاديًا، تفاعلت الأسواق فوراً مع التصعيد. فقد قفزت أسعار النفط بأكثر من 12%، في ظل مخاوف من أن يؤدي التصعيد إلى اضطراب إمدادات الطاقة العالمية. وبلغ سعر خام تكساس 76.61 دولاراً، فيما سجل خام برنت 77.77 دولاراً للبرميل، قبل أن تقلّص العقود الآجلة مكاسبها قليلاً مع نهاية جلسة التداول الصباحية.

دوليًا، قوبلت الضربات الإسرائيلية بإدانات واسعة. فقد اعتبرت روسيا أن “الضربات غير مبررة وغير مقبولة على دولة ذات سيادة”، بينما دعت الصين إلى ضبط النفس، محذّرة من “عواقب خطيرة على المنطقة”. كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “قلقه العميق” إزاء التصعيد، ودعا إلى “وقف فوري لأي عمل عسكري”.

بدورها، شددت الوكالة الدولية للطاقة الذرية على ضرورة حماية المنشآت النووية من أي استهداف عسكري، محذّرة من تداعيات “قد تكون كارثية ليس فقط على إيران بل على عموم المنطقة”.

وانضمت فرنسا، ألمانيا، المملكة المتحدة، الاتحاد الأوروبي، السعودية، قطر، سلطنة عمان، العراق، تركيا، الهند، باكستان، اليابان، فنزويلا، والاتحاد الإفريقي إلى موجة الإدانات والدعوات إلى التهدئة، فيما عبّر حلف شمال الأطلسي عن قلقه من تحرك “أحادي” قد يقوّض أمن المنطقة بالكامل.

في الجانب الأميركي، وفي موقف أثار الجدل، قال الرئيس السابق دونالد ترامب إن “إيران لا يمكن أن تمتلك قنبلة نووية”، مؤكداً أن بلاده “مستعدة للدفاع عن نفسها وعن إسرائيل في حال ردت إيران”، لكنه أشار إلى إمكانية العودة إلى طاولة المفاوضات “إذا سمحت الظروف”.

في رسالة رسمية إلى الأمم المتحدة، دعت إيران مجلس الأمن إلى التحرك الفوري، معتبرة أن استهداف مواقعها النووية والعسكرية “يشكّل اعتداءً على دولة عضو في الأمم المتحدة”، وطالبت بإجراءات حازمة “لمنع أي عدوان مستقبلي”.

في ظل هذا المشهد المتوتر، يخشى مراقبون من انزلاق المنطقة إلى مواجهة إقليمية مفتوحة، لا سيما مع توالي التهديدات الإيرانية وغياب مؤشرات على رغبة إسرائيل في وقف عملياتها العسكرية. وبينما تتحرك الدبلوماسية الدولية بخطى متثاقلة، تبدو المنطقة حبلى بمفاجآت قد تغير موازين القوى الجيوسياسية، وتفتح الباب أمام فصل جديد من النزاعات المسلحة غير المحسوبة.

و تكشف الضربات الإسرائيلية على المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية عن تحول نوعي في قواعد الاشتباك بين الطرفين، حيث انتقلت إسرائيل من سياسة “الغموض والردع” إلى استراتيجية الهجوم الوقائي العلني، مستهدفة ما تعتبره تهديدًا وجوديًا يتمثل في البرنامج النووي الإيراني.

هذا التصعيد يفتح الباب أمام سيناريوهات معقدة، أبرزها احتمال انفجار مواجهة إقليمية واسعة النطاق، خاصة في ظل تعدد الفاعلين المسلحين المرتبطين بإيران في المنطقة، من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان.

في المقابل، يضعف هامش المناورة أمام طهران، التي تجد نفسها مطالبة بالردّ لحفظ ماء الوجه، لكنها في الوقت نفسه تواجه واقعًا اقتصاديًا هشًا وضغطًا دوليًا متصاعدًا. ومن شأن أي رد مباشر أن يستدعي تدخلاً أميركيًا وربما دوليًا، مما يزيد من خطورة الانزلاق نحو حرب شاملة. وبين حسابات الردع والانتقام، تبقى الدبلوماسية – رغم هشاشتها – الخيار الوحيد القادر على تجنيب المنطقة كارثة حقيقية، إذا ما استُنفرت الأدوات السياسية بجدية وبدعم دولي واضح.

تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram

أضف تعليقك

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية)

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0

مقالات ذات صلة

السبت 14 يونيو 2025 - 18:34

آخر تطورات المواجهة بين إسرائيل وإيران: ضربات متبادلة وتصعيد غير مسبوق يهدد بانفجار إقليمي

السبت 14 يونيو 2025 - 17:05

الجنس مقابل اللجوء.. فضيحة تهز الشرطة الإسبانية وتستهدف مهاجرين في وضع هش

السبت 14 يونيو 2025 - 14:02

نتيجة الباك الأشهر على مواقع التواصل الاجتماعي.. تثير الجدل وتكشف اختلالات منظومة التقويم

السبت 14 يونيو 2025 - 14:01

انتخاب فاضل براس كاتبا إقليميا لحزب الاتحاد الاشتراكي ببني ملال

error: