سجلت القروض الموجهة للقطاع غير المالي بالمغرب ارتفاعاً بنسبة 3,9 في المائة خلال الفصل الأول من سنة 2025، وفق ما أفاد به بنك المغرب في تقريره الفصلي حول السياسة النقدية. ويعكس هذا التطور انتعاشاً ملموساً في دينامية التمويل، خصوصاً على مستوى القروض الموجهة للأسر والمقاولات الخاصة، في مقابل تباطؤ نسبي في القروض الموجهة للمقاولات العمومية.
ويُعزى هذا النمو بالأساس إلى تسارع وتيرة القروض الموجهة للأسر، التي انتقلت وتيرة نموها من 2,3 إلى 2,6 في المائة، مدعومة بارتفاع قروض السكن من 1,7 إلى 2 في المائة، وكذا قروض الاستهلاك التي سجلت تسارعاً من 2,1 إلى 2,9 في المائة، مما يعكس تحسناً نسبياً في ثقة الأسر وقدرتها على الاقتراض.
وفي السياق ذاته، ارتفعت القروض الموجهة للمقاولات الخاصة من 2,1 إلى 2,3 في المائة، بدفع من دينامية الإنعاش العقاري الذي سجل قفزة من 6,4 إلى 9,8 في المائة، إلى جانب تحسن طفيف في القروض الخاصة بالتجهيز التي انتقلت من 9,3 إلى 9,6 في المائة، ما يشير إلى توجه تدريجي نحو استعادة وتيرة الاستثمار لدى القطاع الخاص، رغم التحديات الظرفية.
في المقابل، واصلت تسهيلات الخزينة منحاها الانكماشي، إذ تفاقم تراجعها من 0,5 إلى 2 في المائة، مما قد يعكس تريثاً في استخدام التمويل قصير الأمد لدى عدد من المقاولات، إما بسبب ضغط الفوائد أو توجس من الظرفية الاقتصادية.
أما القروض الموجهة للمقاولات العمومية، فقد شهدت تباطؤاً في نموها، حيث تراجعت وتيرة تسهيلات الخزينة من 30,8 إلى 24,9 في المائة، في حين عرفت قروض التجهيز انتعاشاً محدوداً بنسبة 1,1 في المائة بعد فترة انكماش. وهو ما قد يعكس بداية عودة تدريجية للإنفاق العمومي الاستثماري، لكن بوتيرة محتشمة مقارنة بالفصول السابقة.
أما بخصوص فئة المقاولين الذاتيين، فقد استقر انكماش القروض الموجهة إليهم عند 0,8 في المائة، ما يطرح تساؤلات حول نجاعة آليات الدعم والتمويل الموجهة لهذه الفئة التي راهنت عليها الدولة في برامج الإدماج الاقتصادي والتشغيل الذاتي.
هذا التباين في تطور القروض حسب القطاعات والفئات يكشف صورة متعددة الأوجه عن الوضع الاقتصادي الوطني: من جهة، هنالك إشارات إيجابية تعكس استعادة تدريجية للثقة في المستقبل لدى الأسر والمقاولات الخاصة، ومن جهة أخرى، تظل بعض مؤشرات التمويل، خاصة المرتبطة بالخزينة والمقاولين الذاتيين، بحاجة إلى تدخلات مستهدفة تعزز دينامية التمويل وتنشيط الدورة الاقتصادية بشكل أكثر شمولاً.
تعليقات
0