الوضع الغذائي بالمغرب تغيرات عميقة خلال العقود الأخيرة

التازي أنوار

عرف الوضع الغذائي بالمغرب تغيرات عميقة خلال العقود الأخيرة، وذلك موازاة مع التحولات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والتغذوية التي عرفتها المملكة والتي خلقت تغييرا كميا ونوعيا في نفقات استهلاك الأسر.

وفي ظل هذه التغيرات حسب بحث للمندوبية السامية للتخطيط تحت عنوان “أية أفاق للتبعية الغذائية للمغرب بحلول عام 2025” وأخذا بعين الاعتبار التحسن التدريجي لوفرة الإنتاج الفلاحي والانفتاح المتسارع للمبادلات التجارية تبرز أهمية استشراف قدرة العرض المحلي على تلبية احتياجات السكان من الاستهلاك وتشجيع تنمية الصادرات بحلول 2025.

تحسن ملحوظ في الانتاج الفلاحي خلال الفترة الممتدة بين 2008 و2018

تحسن أداء الأنشطة الزراعية على مدى العشر السنوات الأخيرة، مستفيدا من تدابير الدعم المعتمدة في مخطط المغرب الأخضر والظروف المناخية المواتية “معدل متوسط هطول الأمطار السنوي بلغ 385 ملم.” وارتفعت القيمة المضافة للقطاع الفلاحي لتصل إلى 124.4 مليار درهم في عام 2018. و بمساهمة بلغت 11.5 بالمئة في الناتج الإجمالي الخام، ومن حيث الحجم، تحسن معدل نمو القطاع بين عامي 2009 و2018، ليصل إلى 6.3 بالمئة في المتوسط السنوي، بدل من 2.4 بالمئة المحققة خلال الفترة الممتدة ما بين 1998 و2007 .

وعرفت صادرات المنتوجات الفلاحية تطورا سنويا بـ 8.6 بالمئة حيث انتقلت قيمتها بالأسعار الجارية من 11.4 مليار درهم في عام 2008 إلى 27.1 مليار درهم في عام 2018. وباحتساب المنتجات المصنعة، ارتفعت الصادرات الفلاحية إلى 58.1 مليار في عام 2018، وبذلك ساهمت هذه المنتوجات بنسبة 13.5 بالمئة في صادرات السلع للبلاد.

أما بالنسبة للواردات، فقد بلغت 40.7 مليار درهم، لكن وتيرة تطورها خلال العشر سنوات الماضية كانت أقل ديناميكية من الصادرات، حيث لم تتجاوز نسبة 0.07 بالمئة في المتوسط سنويا. وانخفضت مساهمة المنتجات الفلاحية في الواردات إلى 3,4 بالمئة في عام 2018، بدل من 6,6 بالمئة في عام 2008.

ونتيجة لذلك، تحسن معدل تغطية الواردات بالصادرات من المنتوجات الزراعية تدريجيا ليصل إلى 61.9 بالمئة في المتوسط خلال نفس الفترة.

أداء معتدل للأنشطة الفلاحية مقارنة بأهداف مخطط المغرب الأخضر

رغم التحسن المسجل خلال العقد الاخير، ظل أداء قطاع الفالحة معتدلا بالمقارنة مع الأهداف المسطرة في إطار مخطط المغرب الأخضر ولاسيما تلك المتعلقة بتحقيق 100 مليار درهم كثروة إضافية للقطاع في أفق 2020 .

ويقدر النقص الحاصل في القيمة المضافة الفلاحية بحوالي 31.7 مليار درهم بين عامي 2013 و2018. ورغم المجهودات الكبيرة المبذولة لإعادة هيكلة وتحديث القطاع، فإن استمرار تقلب نمو أنشطته حال دون ارتقاءه ليشكل أحد رافعات النمو الاقتصادي. إضافة إلى ذلك، شهدت مساهمة القطاع في سوق الشغل تراجعا خلال الفترة الممتدة ما بين 2008 و2018، حيث انتقلت من 40.9 بالمئة إلى 34.1 بالمئة في حين أن ديناميكية الإنتاج المرتبطة بمخطط المغرب الأخضر كان يفترض أن يصاحبها خلق حوالي 125 ألف منصب سنويا في المتوسط.

سيناريوهان لتطور الإنتاج الفلاحي بحلول 2025

في إطار عملية استشراف مسار تطور الإنتاج الزراعي للفترة الممتدة من 2019 إلى 2025، تم اعتماد سيناريوهان. يرتكز السيناريو الأول، على النتائج المسجلة خلال السنوات الأخيرة على مستوى المردودية والمساحات المزروعة.

ويرتقب أن تحقق القيمة المضافة للفلاحة فائضا في القيمة المضافة الاسمية بحوالي 10.85 مليار درهم في السنة في المتوسط ما بين 2018 و2025 حسب هذا السيناريو. بينما يتبنى السيناريو الثاني الأهداف المرقمة والمسطرة في مخطط المغرب الأخضر من حيث الإنتاج والمساحات والواردات والصادرات حتى أفق 2020، ويفترض استمرار ديناميكية إنجازات المخطط حتى عام 2025. ويقدر ربح القيمة المضافة حسب هذا السيناريو بحوالي 29.105 مليار درهم سنويا في المتوسط بين 2018 و2025، شرط التقيد بتحقيق جميع أهداف المخطط.