التازي أنوار
كانت سنة مليئة بالأحداث والتظاهرات انعكست على مختلف شرائح المجتمع المغربي، منها ما هو مرتبط بالجانب الاجتماعي والاقتصادي، ومنها ما هو سياسي يستوجب الوقوف عنده بالدراسة والتحليل.
فسنة 2019 شكل مجال الاقتصاد والاحداث المرتبطة به جزء مهما منها لن ينساه المغاربة والخبراء والمحللين من عجز في الميزان التجاري الى ارتفاع المديونية واللجوء الى الاقتراض وغيرها من الإجراءات التي شغلت الرأي العام الوطني، بالإضافة إلى تنظيم ندوات ومساهمات همت تسليط الضوء على الوضع الاقتصادي بالمغرب، فضلا عن قانون المالية لسنة 2020 الذي أثارت مواده فصولا من النقاش والانتقادات.
سنة اقتصادية مرتهنة
ومن أهم التمظهرات المزمنة لعدم تعبئة كل الإمكانيات الممكنة، استمرار العجز في الميزان التجاري كمؤشر على ضعف في التنافسية وكذا على استمرار ارتباط الاقتصاد الوطني بالطلب في الاقتصاديات الأوروبية بشكل خاص، حتى وإن كان الطلب الداخلي يدعم النمو حاليا وبشكل أكبر من السابق.
من جهة أخرى، تميزت سنة 2019 بالتركيز أكثر فأكثر، سواء في التحليلات السياسية أو الاقتصادية، على ما يمكن وصفه بشبه انفصام بين المؤشرات الاقتصادية والمؤشرات الاجتماعية، حيث لا تنعكس نسبة النمو وحجم الاستثمارات بشكل متناسب على كل الفئات الاجتماعية وعلى كافة المجالات الترابية، فيما يظل النقاش مفتوحا حول نجاعة توجيه الاعتمادات المرصودة للقطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم بالخصوص وهما القطاعان اللذان شهدا السنتين الماضيتين أزمتين اجتماعيتين شغلتا الرأي العام لفترة طويلة (احتجاجات أساتذة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين وطلبة كليات الطب).
إتفاق أبريل
ومن الأحداث البارزة خلال سنة 2019 التوقيع على اتفاق الحوار الاجتماعي والذي بلغت كلفته الإجمالية أزيد من 14 مليار درهم، ضمنها 6 ملايير درهم سنة 2019، وهو الاتفاق الذي جاء بعد ثمان سنوات من آخر اتفاق تمخض عنه الحوار الاجتماعي.
غير أنه وبالرغم من التوقيع على اتفاق للحوار الاجتماعي بين الحكومة وأرباب العمل ومركزيات نقابية، فإن سنة 2019 شهدت استمرار ما بات يعرف ب”الأشكال الجديدة للاحتجاج”، والتي تطرح وبإلحاح سؤال الهيئات الوسيطة التقليدية.
و تميزت السنة التي تشرف على الانتهاء، بالخصوص بإطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية 2019-2023 بغلاف مالي إجمالي قدر بـ18 مليار درهم.
أما على صعيد الدعم الاجتماعي غير المباشر والمباشر، فينتظر أن تصل نفقات صندوق المقاصة إلى ما مجموعه 18 مليار درهم (حسب قانون المالية لسنة 2019)، فيما تؤكد الحكومة أن العمل تواصل من أجل تعميم برنامج تيسير على مستوى العالم القروي، وتعزيز منظومة (راميد)، ودعم البرامج المرتبطة بالأرامل والأشخاص في وضعية إعاقة وتسجيل تقدم في تنزيل برنامج محاربة الفوارق المجالية.
وبعيدا عن لغة الأرقام، فإن سنة 2019 كانت بالخصوص سنة انطلاق نقاش وتساؤلات حول الاختيارات التنموية بالبلاد، وذلك في ضوء الدعوة الملكية إلى بلورة نموذج تنموي جديد، وهو نقاش يفترض بالنظر لموضوعه، أن يتجاوز ما هو إجرائي وتقني إلى ما هو بنيوي.
المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات
فقد شهدت المناظرة الوطنية للجبايات التي نظمت بالصخيرات يومي 3و4 ماي الماضي، سواء في جلساتها أو في النقاشات المواكبة لها عبر وسائل الإعلام، طرح قضايا استقطبت اهتمام الجمهور الواسع، كالتهرب الضريبي في بعض القطاعات الإنتاجية والخدمية ومدى فعالية الإعفاءات والحوافز الجبائية في تحفيز الاستثمار وفي خلق مناصب الشغل وخصوصا مناصب شغل غير هشة وشروط جعل الضريبة آلية “لإعادة التوزيع الفعال” كما جاء في إحدى توصيات اللقاء.
وقد خلصت هذه المناظرة إلى إصدار العديد من التوصيات تهم الجانب الضريبي والمحاسباتي:
احترام الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للملزمين،و يتعين إدراج القانون الضريبي في القواعد العامة للقانون.
– المساواة أمام الضريبة- الحفاظ على التوازنات الماكرواقتصادية.
– الإنصاف الضريبي (تكريس مبدأ الدخل العام، توسيع نطاق الضريبة على القيمة المضافة لتشمل جميع الأنشطة الاقتصادية من خلال تحويل تلك الموجودة خارج نطاق التضريب إلى إعفاءات أو إخضاعها لسعر صفر إن اقتضت الضرورة ذلك، وتوحيد قواعد الوعاء، وتوحيد وملاءمة المعالجة الجبائية لزائد القيمة العقارية)- واجب الشفافية والحق في المعلومة.
– الأمن القانوني للملزم، وتوازن الحقوق بين الملزم والإدارة.- تطابق القواعد المحاسبية والضريبية، وتجميع جميع الضرائب والرسوم في نفس المدونة. – ترشيد التحفيزات الضريبية، وإعادة توزيع فعالة عبر الضريبة.
– تقوية التماسك الاجتماعي، و المراجعة العامة للجبايات المحلية. – مراجعة الأسعار والطرق الجزافية لتحديد الضرائب، و إدماج القطاع غر المهيكل. – توحيد وضمان انسجام قواعد الوعاء (الأسس، المعدلات، الإسقاطات والخصوم)، ومقاربات جديدة من أجل انخراط أكبر في الضريبة.
– مواصلة جهود التحديث ونزع الطابع المادي، و سيولة العمليات بين الأنظمة المعلوماتية للإدارات.- مكافحة الفساد و إحداث مجلس وطني للاقتطاعات الضريبية.
تعليقات
0