أنوار التازي
التازي أنوار
سـجلت وتيـرة النمـو الاقتصادي تباطـؤا حيـث تراجعـت مـن 2.4 فـي المائـة سـنة 2017 إلى 3 فـي المائـة سـنة 2018، وذلـك بالأساس نتيجـة التراجـع القـوي الـذي طبـع وتيـرة نمـو القطـاع الفلاحي، إذ انخفـض مـن 15.2 فـي المائـة إلـى 4 فـي المائـة خلال الفتـرة ذاتهـا.
وتؤكـد هـذه التطـورات مـرة أخـرى حسب التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لسنة 2018 المرفوع إلى جلالة الملك، على أنـه رغـم الجهـود المبذولـة فـي إطـار مختلـف الاستراتيجيات القطاعيـة، فـإن النمـو لا يزال مرتهنا بشـكل قـوي بتقلبـات النشـاط الفلاحي، فـي حيـن يجـد القطـاع غيـر الفلاحي صعوبـة في الارتقاء باقتصـاد ببلادنا نحـو عتبـة أعلـى مـن النمـو. كمـا تبـرز هـذه الوضعيـة المحدوديـة البنيويـة للنمـوذج التنمـوي الحالـي، والتـي تعيـق قدرتـه علـى خلـق الثـروة وإحـداث مناصـب الشـغل الكافيـة.
و كشف التقرير، فأن حصـة الصناعـات التحويليـة فـي الناتـج الداخلـي الإجمالي، التـي تتـراوح بيـن 15 و16 فـي المائـة، تبقـى بعيـدة عـن الهـدف الـذي وضعـه مخطـط تسـريع التنميـة الصناعيـة، والمتمثـل فـي بلـوغ نسـبة 23 فـي المائـة بحلـول سـنة 2020. كمـا أن التطـور الملحـوظ الـذي شـهدته الصـادرات الصناعيـة، يقابلـه نمـو ضعيـف للقيمـة المضافـة للقطـاع.
وبخصـوص وضعيـة قطـاع البنـاء والأشغال العموميـة، أوضح المصدر ذاته، أن سـنة 2018 تميزت بالتوقيـع علـى البرنامـج التعاقـدي الجديـد برســم 2022-2018 ،وذلــك مــن أجــل بــث ديناميــة جديــدة فــي القطــاع وتمكينــه مــن تجــاوز المرحلــة الحرجــة التــي يمر منها منذ عدة سنوات وقد سجل القطاع أداء ضعيفا مند سنة 2008 يفصح عن وجود العديد من مواطن الضعف ولعل أهمها ضعف التنافسية فرع الشغال العمومية أمام الشركات الأجنبية وصعوبة التأقلم مع الطلب في المجال العقاري وغلاء العقار في الوسط الحضري و انتشار القطاع غير المنظم و طول آجال الأداء.
وجاء في التقرير، بخصوص القطاع السياحي، “لا يزال القطاع يعانـي مـن معيقـات عديـدة تتعلـق ببعـض جوانـب الحكامـة، وبالولـوج إلـى التمويـل، ونقـص المـوارد البشـرية المؤهلـة فـي مجـال الصناعـة الفندقيـة، وعـدم احتـرام المعاييـر الصحيـة، والتركيـز الثلاثي الـذي َيطبع القطاع”.
وفــي ضــوء أوجــه القصــور الســالفة الذكــر، يمكــن التفكيــر فــي جملــة مــن التدابيــر الكفيلــة بتحســين وضعيــة القطـاع السـياحي، منهـا علـى سـبيل المثـال: اعتمـاد عـرض سـياحي قائـم علـى مقاربـة سـياحة علـى مـدار السـنة من خلال تطويــر فــروع أو منتجــات ســياحية جديــدة، علــى غــرار مــا قامــت بــه عــدة بلــدان صاعـدة ومتقدمـة، وتطويـر مسـارات سـياحية مـن أجـل تقليـص التركيـز الجغرافـي للنشـاط السـياحي، والاستثمار بشـكل أكبـر فـي تنويـع العـرض المقـدم فـي ميـدان الترفيـه والتنشـيط خـارج الفنـادق مـن أجـل تحســين الجاذبيــة ومــن ثــم ضمــان تــوازن أفضــل بيــن تطــور القــدرات فــي مجــال الإيواء وتطــور الطلــب الســياحي الفعلـي؛ والرفـع مـن جـودة التكويـن فـي القطـاع.
وبالمقابل، لا تـزال تؤثـر علـى أداء قطاعـات التصديـر، َتفاقـم عجـز الميـزان التجـاري بالمغـرب بنسـبة 8.8 فـي المائـة مقارنـة مـع السـنة الماضيـة، ليسـتقر فـي نسـبة 18.6 فـي المائـة مـن الناتـج الداخلـي الإجمالي مـع نهايـة سـنة 2018. ورغـم الديناميـة التـي شـهدتها الصـادرات سـيما صـادرات السـيارات والفوسـفاط ومشـتقاته، إلا أنهـا لـم تُمكـن مـن تعويـض ارتفـاع حجـم الـواردات مـن المـواد الطاقيـة وكـذا سـلع التجهيـز التـي بـات اقتصادنـا مرتهنـا بهـا بشـكل متزايـد.
ومن جهة أخرى تطرق التقرير، إلى الجانب الاجتماعي الذي لا يزال قطـاع التربيـة والتعليـم يعانـي مـن أوجـه قصـور بنيويـة، فـي وقـت بـات ينظـر فيـه إلـى المدرسـة بشـكل متزايـد علـى أنهـا أحـد العوامـل الرئيسـية التـي تسـاهم فـي تفاقـم الفـوارق الاجتماعية. وقـد تواصلــت ديناميــة إصلاح القطــاع، غيــر أنهــا تواجــه جملــة مــن الاختلالات المرتبطــة بالأساس بحكامــة المنظومــة التربويـة.
ومـن بيـن هـذه الاختلالات المسـجلة حسب التقرير، إطلاق عمليـة تعميـم التعليـم الأولي فـي غيـاب خارطـة طريـق واضحـة المعالــم بخصــوص تكويــن المربيــن والمربيــات، وبــدون الانتقال بمجمــوع مؤسســات التعليــم الأولي نحــو منظومــة عصريـة وموحـدة. وعلاوة علـى ذلـك، تشـكل عمليـة توظيـف الأساتذة »المتعاقديـن«، التابعيـن للأكاديميات الجهويـة للتربيـة والتكويـن، دون تمكينهـم مـن تكويـن فعلـي فـي مهـن التربيـة والتكويـن، واحـدة مـن أوجـه القصـور التـي تعتـري هذا القطاع علما أن العملية تواصلـت خلال سـنة 2018 .
وبخصــوص قطــاع التكويــن المهنــي، يــؤدي ضعــف التنســيق بيــن القطاعــات الوزاريــة المكلفــة بالتكويــن والتشــغيل والقطاعـات الإنتاجية إلـى عـدم التناسـب بيـن العـرض والطلـب ومـن ثـم إلـى ضعـف معـدل تشـغيل خريجـي التكويـن المهنــي مقارنــة بخريجــي التعليــم العــام. كمــا تكمــن أوجــه القصــور فــي قطــاع التكويــن المهنــي فــي ضعــف أنظمــة الإعلام والتوجيـه علـى مسـتوى طـوري التعليـم الإعدادي والثانـوي، وضعـف تثميـن المسـارات ذات الصبغـة المهنيـة تمليـه الضـرورة وليـس الرغبـة داخـل المنظومـة المدرسـية، وهمـا عاملان يجعلان مـن اختيـار مسـار التكويـن اختيـارا والاقتناع.
وحظي قطاع الصحة بنصيب مهم في التقرير، حيث فإن بعـض الفئـات الاجتماعية لا تـزال محرومة مـن التغطيـة الصحيـة بسـبب تأخـر الإعمال الفعلـي لنظـام التغطيـة الصحيـة الخـاص بالعمـال المسـتقلين. وفضلا عـن ذلـك، لا يـزال هـاذان النظامـان “المسـاعدة الطبيـة والتأميـن الإجباري الأساسي عـن المـرض” يواجهـان العديـد مـن أوجـه القصـور تتعلـق ببنيتهمـا وبحاكمتهما، لا سـيما ارتفـاع حصـة المصاريـف المتبقيـة علـى عاتـق المسـتفيدين مـن نظـام التأميـن الإجباري الأساسي عـن المـرض وانخفـاض معـدل تجديـد بطاقـات راميـد.
أمـا بخصـوص موضـوع الهجـرة، فقـد سـجل التقرير، تأخـر فـي إعمـال القانـون المتعلـق بالهجـرة واللجـوء، سـيما فـي مـا يخـص ضمــان الحــق فــي التغطيــة الصحيــة لفائــدة المهاجريــن فــي وضعيــة فقــر أو هشاشــة. ومــن ناحيــة أخــرى، تميــزت سنة 2018 بتنامي موجات الهجرة مـن السـواحل المغربيـة فـي اتجـاه أوروبا.
تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Google News
تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من أنوار بريس على Telegram
مقالات ذات صلة
المجلس الأعلى للسلطة القضائية يناقش مستقبل التكنولوجيا الحديثة في المجال القضائي
مندوبية التخطيط تقف عند ارتفاع الأسعار…
نهضة بركان يحصل على ترخيص بالهبوط في قسنطينة…
البرلمان العربي يؤكد على الدور الهام لجلالة الملك رئيس لجنة القدس في الدفاع عن القضية الفلسطينية
تعليقات
0