مجلس “العدوي” يعري واقع التوظيف بالأكاديميات

التازي أنوار

كشف المجلس الأعلى للحسابات، أن أغلبية الأساتذة الذين تم توظيفهم من طرف الأكاديميات، لم يخضعوا لإمتحان الأهلية المهنية الذي يخول لهم الحصول على شهادة الكفاءة المهنية. ذلك أنه من أصل 83.422 أستاذ تم توظيفهم، لم يخضع إلا 3568 أستاذا لامتحانات الكفاءة المهنية، أي بنسبة 4 بالمئة.

و أوضح التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات لسنة 2021، أنه على مستوى انتشار أطر هيئة التدريس، فقد سجلت فوارق مهمة بين الحاجيات الحقيقية من الأساتذة و تلك المعبر عنها من خلال الخريطة التربوية النظرية، كما أن مؤشر عدد التلاميذ بالنسبة لكل أستاذ، باعتباره أحد أهم المؤشرات المستعملة لتقييم التوزيع، لازال يعرف تباينا مهما بين الأسلاك والأكاديميات والعمالات والأقاليم، وذلك بالرغم من تحسنه على الصعيد الوطني، 28 تلميذا للأستاذ سنة 2017، و25تلميذا للأستاذ سنة 2021.

و سجل التقرير، أنه على الرغم من اعتماد مبدأ لامركزية التوظيف، فإن توزيع المدرسين على
الأكاديميات والمديريات الإقليمية لازال يحدد على المستوى المركزي وفقا للجدول العام للموارد والحاجيات. كما تبقى الحركة الإنتقالية من عوامل عدم الإستقرار البيداغوجي داخل المؤسسات التعليمية، ذلك أن الرخص الممنوحة لأطر الأكاديميات للمشاركة في الحركة الوطنية من جهة، وتخفيض عدد سنوات الأقدمية المطلوبة للمشاركة في هذه الحركة من جهة أخرى، أدى إلى تزايد مهم في عدد المشاركين في الحركة الانتقالية الوطنية من 33.734 أستاذا سنة 2017 إلى 80.345 سنة 2021 وتهم هذه الوضعية أساسا المناطق القروية وخصوصا المؤسسات المدرسية الإبتدائية، والتي مثل أساتذتها أكثر من 64 %من مجموع الأساتذة المنتقلين.

و ذكر التقري، أن تقييم الموارد البشرية يمثل أهمية بالغة في التحسين المستمر للجودة وفي تحقيق نجاعة وعدالة المنظومة التربوية. غير أنه لم يتم وضع وتطبيق أي نظام للتقييم مبني على النتائج
المحققة، حيث يتم الإعتماد بالأساس على الأقدمية عوض المردودية عند الترقية، كما أن الاستفادة من الترقية في الدرجة تتم أحيانا دون اعتبار للكفاءة والاستحقاق. و من جهة أخرى، يشهد مؤشر تأطير المفتشين التربويين، باعتبارهم مقيمين رئيسيين للأساتذة، تراجعا بفعل الإرتفاع المهم لأعداد الأساتذة منذ سنة 2017 ،وبفعل تعدد المهام الموكلة إلى هيئة التفتيش التربوي.

و سجل المجلس في تقريره، أن الغياب يعد من العوامل الأساسية التي تؤثر بشكل مباشر سلبيا على الزمن المدرسي للتلاميذ. حيث تم تسجيل ارتفاع مهم في عدد التغيبات، التي بلغت 207463 يوم غياب خلال السنة الدراسية 2020/2021، مقابل 117323 وقد سجلت أعلى مستويات الغياب في السلك الإبتدائي متبوعا بالسلك الثانوي الاعدادي ثم السلك الثانوي التأهيلي.

أما على المستوى التنظيمي، فقد وقف التقرير، على غياب أي تقييم يتناول الإطار التنظيمي المعتمد من طرف الوزارة المكلفة بالتربية الوطنية في علاقته بوضعية الأكاديميات كمؤسسات عمومية. كما أنه، وبالرغم من التقدم الذي تم إحرازه على صعيد تفويض سلطات أوسع لفائدة الأكاديميات، لا زالت القرارات الإستراتيجية لتدبير الموارد البشرية تتخذ على المستوى المركزي، مما يحد من استقلالية الأكاديميات.

وأشار المجلس، إلى أن الوزارة المعنية لا تتوفر على نظام معلوماتي للموارد البشرية يمكن من الحصول على معطيات موثوقة ومحينة، حيث سجلت اختلافات في مجموعة من المعلومات الصادرة عن الوزارة وتلك التي تتوفر عليها الأكاديميات. كما أن النظام الحالي حسب التقرير، غير قادر على توفير معطيات مفصلة، حول المنظومة التعليمية وطنيا وجهويا ومحليا، وعلى ربط المعلومات فيما بينها، كتلك المرتبطة بالموارد البشرية والمؤسسات التعليمية والنتائج المدرسية للتلاميذ.

ومن أجل تجاوز هذه النقائص، أوصى المجلس الأعلى للحسابات الوزارة المكلفة بقطاع التربية الوطنية بضمان توزيع متوازن وأمثل للأساتذة ما بين الأكاديميات و المديريات الإقليمية والمدارس من خلال وضع معايير موضوعية تهم التوظيف على أساس الحاجيات، وإعادة النظر في نظام الحركة الإنتقالية بما يراعي الاستقرار البيداغوجي للمؤسسات التعليمية، وكذا إعطاء استقلالية أكبر للأكاديميات بشأن تدبير مواردها البشرية.

كما أوصى المجلس الوزارة بمراجعة آليات التقييم بهدف تجويد التعليم، والتسريع بوضع نظام معلوماتي مندمج يوفر معلومات موثوقة وشاملة تمكن من اتخاذ قرارات ملائمة.