عمدة البيضاء عن أمطار الفيضانات “الله يعطيها لينا على قد النفع ! ” ولم لا تكون على مستوى بنيتنا التحتية ! …

لم تأت  الأمطار التي عرفها المغرب مؤخرا لترفع منسوب سدودنا، لتكون مصدر حياة فحسب، بل جاءت لترفع الغطاء عن (قِدرٍ) مليء بشوائب البعض من مسؤولينا في تدبير سياسات قطاعاتهم، خاصة بالعاصمة الإقتصادية التي كانت خلال هذه الأيام كالمدينة العائمة، التي لا تسبح في نهر صاف بل في فيضانات خلفت خسائر كبيرة أعادت مشاكل التعمير للواجهة.

الفرق بين الواقع والوعود…

عند تفقدك للموقع الرسمي لمجلس المدينة (ناهيك عن وعود رئيسه وحزبه من قبله بمستقبل زاهر وتحقيق لتنمية ترقى لتطلعات المواطنين) نجد في التقديم من الشعر أبياتا تتغنى بالقطب المالي، يوجهها عمدة المدينة للمواطنين قائلا: “أيها البيضاويون الأفاضل، إن الدارالبيضاء العاصمة الإقتصادية للمملكة، هي المال والأعمال، هي الثقافة، الرياضة، السياحة، هي الدارالبيضاء بكل تنوعها، الدارالبيضاء بكل أبعادها…”، إلا أنك عند الخروج من تلك البوابة الإلكترونية، تجد أمامك واقعا آخر يقول ” أيها البيضاويون الأفاضل إن الدار البيضاء العاصمة الإقتصادية للمملكة، هي سفينة غارقة لا تحمل قوارب نجاة تسعف ضحاياها، إن الدار البيضاء هي المال والأعمال، المال السائب والأعمال التي تنتظر إنجازها، هي السياحة، تلك السياحة التي شوشت صورتها فياضانات ودور سقطت وأخرى آيلة للسقوط، هي الدار البيضاء بكل مشاكلها واختلالاتها، ومعاناة ساكنتها.

وبالعودة لتلك القصيدة تجد أن مجلس المدينة ختمها بالقول “هدفنا جميعا هو تنمية مدينتنا والرفع من تنافسيتها على المستويين القاري والدولي”، لتتساءل ! الرفع من تنافسيتها في ماذا وبماذا ؟ ببنيات تحتية ضعيفة من العيب أن تنسب لمدينة بحجم الدار البيضاء التي رصدت لها أموال طائلة لم يعرف مصيرها وإلى أين ذهبت.

الله يعطيها لينا على قد النفع…

أول جملة قالها عمدة المدينة في تصريح صحفي عقب أمطار الفيضانات ” الله يعطيها لينا على قد النفع ! “، وَلِمَ لا تأتينا على مستوى تتحمله بنياتنا التحتية التي يجب أن تكون بصلابة مدينة بحجم الدار البيضاء، بدل أن نلقي باللوم على التقلبات المناخية والأمطار التي لم تكن طوفانية، لكنها كانت كافية لفضح أزمة البنية التحتية بالمدينة، وفضح حقيقة شعارات مسؤوليها حول الحكامة والشفافية.

فعندما يشدد عمدة المدينة على ضرورة التحدث عما وقع بمدينة البيضاء من فيضانات بموضوعية، هنا يدفعنا السيد عبد العزيز العماري للتساؤل مرة أخرى ضمن عدد من التساؤلات ! أين هي الموضوعية في غرق أحياء وانهيار منازل؟ أين هي الموضوعية في أحداثٍ أماطت اللثام عن الوجه الحقيقي البشع لتدبير مجلس المدينة، وعمن دبروا ويدبرون شؤون المدينة على جميع المستويات على عكس خطاباتهم.

وفي محاولة منه للتملص من تحمل ولو جزء من مسؤولية ما وقع بمدينة الدار البيضاء بسبب التساقطات الأخيرة، ظل عمدة المدينة يلقي اللوم على الشركة المفوض لها بتدبير خدمات التطهير السائل (ليديك)، التي يجب عليها وفق منطقه الغير معقول أن تقوم بتصحيح الوضع لوحدها، لأن مجلس المدينة ما هو إلا جزء من جماعات أخرى لا حول ولاقوة له، دوره في مثل هذه الحالات (كشاهد مشفش حاجة)، وإن كان الخطأ مشترك، فأين نصيبكم كمجلس مدينة من الاعتراف بالتقصير وسوء التسيير، وأين هي تلك الاعتمادات المهمة جدا لإقامة بنيات تحتية تخفف على الأقل من خطر الفيضانات ؟.

يضيف “العمدة” في محاولة لتبرير ما لا يبرر (وظيفتنا نقل شكايات ومعاناة المواطنين !) لمن ستنقل ؟ وهل دور المسؤول عن تدبير الشأن المحلي نقل الشكايات والمشاكل أم معالجتها والحرص على عدم وقوعها؟.

ويتابِعُ بالقول (مهمتنا مراقبة الشركة المفوض لها!) حتى هذه المهمة (والتي هي جزء من أدوار أخرى وجب على مجلس المدينة تأديتها) لم تُتقن، فأين هي تلك المراقبة؟ فلو كانت المراقبة والمحاسبة ما كانت النتائج كارثية، وقولنا:               ’’نتائج كارثية ’’ لا تعتبر الكلمة كبيرة بل أصغر من أن يوصف بها ما حدث في مدينة تعتبر قطبا ماليا وإحدى أكبر مدن المغرب وواجهاته.

إضافة إلى مساءلة الشركة المكلفة بتطهير السائل، يجب أيضا بل من الضروري مسائلة مجلس المدينة، وكل مسؤول منتخبا أو مفوضا بالتدبير، وربط المسؤولية بالمحاسبة والحد من هدر المال العام، لأن غياب المساءلة والمحاسبة يمهد الطريق لكوارث مستقبلية.