شاهدوا ” أرز كورو ” أكبر شجرة معمرة في العالم …شاهدوها عن بعد… قبل أن تنهار..
أنوار بريس
الأحد 9 مايو 2021 - 15:59 l عدد الزيارات : 55138
عزيز باكوش أنوار بريس
فور وصولنا ضمن طاقم إعلامي استقصائي إلى غابة خرزوزة ،بعد أن ابتعدنا حوالي عشر كلمترات عن مدينة إفران، وبأحواز مدينة أزرو، كان الظلام قد بدأ يستطلع المكان ، وبدت البيوت الخشبية المفككة الأوصال، والأعمدة المثبتة ،والأكشاك المبنية على عجل تختفي شيئا فشيئا بين أضلاع أشجار الأرز الضخمة . وأمام أعيننا ، وعلى الجنبات المتربة ، انتصبت علامات إشهارية مهملة خجولة ومتآكلة الجنبات، تحيل على محلات شبه مهجورة ، التهم التآكل مداخلها على مهل السنين ، محلات تستعمل لبيع الكاوكاو للقرود وبعض أنواع المكسرات، أو تستعمل في العادة كمستودعات خلفية لمزاولي بعض المهن ، مثل تأجير البغال أو الخيول، أو لبيع بعض منتوجات الصناعات التقليدية المحلية. وهي مهن موسمية بالكاد تؤمن المعيش اليومي للسكان المحليين ، لاسيما مع حلول الصيف وبداية تدفق الزوار من الجوار ومن كل مناطق المغرب وحتى خارجه. كان هذا قبل الجائحة التي بمجرد قدومها ، جاءت على الأخضر واليابس واجتاحت بالإبادة الشاملة ما تبقى من حياة ..
هناك على مرمى العين، يبرز في قلب الفضاء المائل نحو العتمة ، جسم ضخم بلون الفضة المنخورة ، وبدا مثل مركبة إسمنتية مجنحة فوهتها نحو السماء وبذراع واحدة ، وتأكد بما لا مجال للشك، أنها هدفا رئيسيا لهذه الجولة السياحية التي ينظمها المرصد الإقليمي للصحافة الإعلام بإفران لفائدة كوكبة من الصحفيين لاكتشافهم المؤهلات السياحية للإقليم .
وللوهلة الأولى، يتضح أن جهة رسمية ما راهنت بفشل ذريع على أن يكون هذا المكان منتجعا سياحيا ، يستقطب الزوار من كل بقاع العالم ،لكن بالصدفة فقط ، ودونما أدني تخطيط ، ثمة فضاء مترب محدود المساحة ،غير مبلط ، يشبه الى حد بعيد مشروع حفر بئر كبير لم يكتمل ، تتوسطه شجرة كبيرة جفت أغصانها ، وقد بدأت جذورها بالتسوس وعلى خصرها الضخم تم تثبيت لوحة تحمل باللغة الفرنسية. . AREZGOUROU
وحسب الموروث الشفهي ، فإن لهذه التسمية روايتين ،وخمس قصص سأكتفي بواحدة . حكى لنا “بوسماحة” رئيس جمعية بيع الأحجار عن تلك الشجرة المعمرة ” كورو” والتي أصبحت اليوم مجرد جثة واقفة . قائلا بحسرة أن الشجرة المنتصبة دون أحشاء حملت اسم “كورو ” نسبة إلى مكتشفها الجنرال الفرنسي هنري جوزيف كورو، وهو عسكري فرنسي برتبة جنرال انتدبته سلطات الاحتلال الفرنسي في المنطقة ، وكان أكتعا أي بذراع واحدة ووجد فيها شبيها له من الطبيعة ، وكان الجنرال الفرنسي قد فقد يده اليسرى في إحدى المعارك بين الفرنسيين والسوريين في القرن الماضي، مما جعل الشجرة وكأنها بترت ذراعها اليسرى مثله .
وأضاف بوسماحة الذي كان يتحدث إلينا بمنتهى الثقة، كما لو كان باحثا في اركيولوجيا أن الشجرة عمرت لأزيد 820 سنة ، لكنها اليوم جافة العروق منذ سنة 2002، وهي مجرد خشبة هامدة وقوفا ، لقد ماتت الشجرة منتصبة وطولها 52 مترا، وعرضها ثمانية أمتار. وتابع دون أن يرف له جفن ، أنها أكبر شجرة أرز معمرة في العالم . لكنها خارج نطاق العناية والصيانة البيئية اللازمة ، باتت اليوم تشكل خطرا حقيقيا على الزوار .
ولتأكيد روايته ، وقف بوسماحة مثل طبيب متخصص وشرع يفحص صدر الشجرة كأي مريض انطلاقا من سماع صوت الدق على عضلات صدره ، وخلص إلى أن عمر الشجرة محدود جدا ، وإذا لم تتدارك الجهات الوصية على القطاع السياحي الأمر ،فقد تحصل الكارثة. ومن حسن حظنا أن السلطات فعلا استشعرت الخطورة، وثبتت لوحة تحذر من خطورة تساقط أغصان الشجرة التي عاجلا أم آجلا ستسقط…
تعليقات
0