قراءة وتحليل و مقارنة للتدبير الزجري لقانون الماء 15-36 و القانون المتعلق بمكافحة تلوث الهواء 03-13

246٬395

جواد رسام(*)

تقديم:

لقد بدأ الاهتمام بالشأن البيئي مباشرة بعد مؤتمر ستوكهولم سنة 1972 ، هذه  السنة التي تعتبر ميلاد القانون الدولي البيئي ، وقد دفع هذا المؤتمر بالحكومات إلى اتخاذ التدابير الضرورية لحماية البيئة و الإنسان من المخاطر البيئية ، و كذلك مؤتمر ريو سنة 1992 الذي يعد أكبر تجمع رسمي و شعبي في تاريخ البشرية ، و الذي يعتبر لبنة أساسية في تطور القانون الدولي للبيئة .

فمن خلال هذين المؤتمرين ، و من خلال توصياتهما التي تحث على احترام وتفعيل المواثيق الدولية المنبثقة عنها والمتعلقة بالبيئة ، ومراعاة مقتضياتها من أجل إرساء منظومة تشريعية وطنية بيئية فعالة ، جعل المشرع المغربي يصدر مجموعة من القوانين  التي ترتكز على تدخل الدولة في تدبير المخاطر البيئية و السعي للمحافظة على البيئة وحمايتها ، بموجب مقتضيات قانونية تتضمن تدابير و آليات توجيهية وضبطية ومقتضيات زجرية و إحداث أجهزة ومؤسسات عمومية وخاصة تعنى بحمايتها .

و من بين هذه القوانين التي قام المشرع بإصدارها، و التي سوف نحاول دراستها في بحثنا هذا نجد :

قانون رقم 15-36 المتعلق بالماء و قانون رقم 03-13 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء.

هذان القانونان اللذان يتضمنان مجموعة من الإجراءات والمخالفات و العقوبات – أي الجزاء الجنائي – لإظفاء نوع من الحماية الجنائية على البيئة ، يعتبران امتدادا لقانون رقم 03-11 المتعلق بحماية و استصلاح البيئة الذي أدرج في مادته الثانية للمبادئ العامة الخاصة بحماية البيئة بشكل عام ، و التي لم يتطرق إليها قانون رقم 03-13 ، في حين أن قانون رقم 15-36 و رغم إدراجه للمبادئ العامة التي تتطرق إلى قواعد التدبير المندمج اللامركزي و التشاركي للموارد المائية ، من أجل ضمان حق المواطنين في الحصول  على الماء و الاستعمال العقلاني و المستدام له , وبهدف تثمين أفضل كما و كيفا له ، و لوسطه ، و للملك العمومي المائي بصفة عامة ، و كذلك أدرج قواعد الوقاية ،ووضع ضوابط و آليات التخطيط للمياه بشكل عام ، فانه كذلك يستلهم مبادئه من القانون المتعلق بحماية و استصلاح البيئة .

و بالتالي ، و ما يمكن ملاحظته هو أن طبيعة القانونين أنها قوانين خاصة كل واحدة منها مختصة بموضوع معين فالقانون رقم 15-36 متعلق بالماء و القانون رقم 03-13 متعلق بمكافحة تلوث الهواء .

فالأول مصدره الظهير الشريف رقم 113-16-1 الصادر في 6 ذي القعدة 1437 ، و المصادق عليه من قبل البرلمان بغرفتيه ، و هو متمم لقانون رقم 95-10 المتعلق بالماء و الذي جاء ليتمم بعض الفراغات القانونية به .

في حين أن القانون رقم 03-13 مصدره الظهير الشريف رقم 61-03-1 الصادر في 12 مايو 2003  و المصادق عليه كذلك من قبل البرلمان بغرفتيه .

و قانون الماء يتكون من 163 مادة مقسمة على 12 باب ، يتضمن جانب العقوبات و الإجراءات على 18 فصل ،  أما قانون محاربة تلوث الهواء فيتكون من 26 مادة مقسمة على 7 فصول يتضمن جانب الإجراءات والعقوبات 9 مواد .

       و سوف نعتمد من خلال دراستنا لمقتضيات القانونين السالفي الذكر أعلاه على قواعد القانون الجنائي من  أجل تحليل مضامينهما  الذي هو موضوع الدراسة ، وخصوصا الفصل الخامس من قانون رقم 03-13  المتعلق بالإجراءات والعقوبات ، و الباب الحادي عشر من قانون رقم 15-36 والمتعلق بالمخالفات و العقوبات .

   إذن و انطلاقا من التقديم التالي فإننا سنحاول في بحثنا هذا في قدرة التشريع الجنائي البيئي إحاطة الماء و الهواء بالحماية  اللازمة .

      أولا: نظام التجريم و العقاب في قانوني الماء و محاربة تلوث الهواء

للخوض في غمار قراءة و تحليل الشق الزجري من القانونين  ، لابد من الاستعانة بقواعد مجموعة القانون الجنائي ، مع الوقوف على ما تعتريه هذه النصوص من نواقص ، و بالتالي سوف نخصص الشق الأول لتحليل النصين القانونيين تحليلا دقيقا و تفكيكا لمكوناته ، أما الشق الثاني فسوف نخصصها لدراسة البناء الزجري المتعلق بالعقوبات .

تحليل و تفكيك قانون الماء

نوع الجريمة

العقوبة المقررة

عوامل

المخالفة

الإحالة

المادة

تفريد العقوبة

جنحة

حبس

الحبس من شهر إلى سنة و/او

هدم جزءي أو كلي

مادة 5 فقرة ح

المادة 137

غرامة

غرامة من 6000الى 25000درهم

جنحة

غرامة

غرامة من 250 الى 1000درهم

منع من الولوج الى مكان المخالفة او رفض مدهم بالمعلومات

مادة 131

المادة 138

غرامة من 500 الى 2000درهم

العود

المرتبطة بالمخالفة

جنجة

حبس

حبس من شهر الى 3 اشهر

الاحتلال المؤقت لقطع ارضية او مباني تابعة للملك العمومي المائي

ف 7 المادة 28

المادة 139

غرامة

و / او

اعادة استعمال المياه لغرض الشرب او للغسل او للتبريد االوعية

مواد

غ من 1000الى 10000درهم

اعادة استعمال المياه بدون ترخيص

65و66و156

غرامة

غ من 500 الى 2500درهم

لا يتوفر على ترخيص لجلب مياه العيون او السطحية تفوق العتبة

ف 2/5/8 من

اقامة او ايداء او ازالة غرس او مزروعات

المادة 28

حبس

حبس من شهرين الى6اشهرو/او

العود

غرامة

 غ  2000الى 20000درهم

غ من 1000 الى 5000درهم

جنحة

حبس

حبس من شهرالى3اشهر و/او

من لا يتوفر على امتياز في المنصوص عليه في المادة 33

المادة 33

المادة 140

غرامة

 غ  10000الى 500000درهم

جنحة

غرامة

غ 500درهم عن كل مثر مكعب

استخراج مواد البناء بدون ترخيص

المادة 28 ف10

المادة 141

ادارية

مستخرج

جنحة

اغلاق

الامر بالاغلاق

النقط المائية الغير قانونية او المنجزة بدون ترخيص

المادة 142

تعويض

اتخاد اجراءات اللازمة على

عدم الامتتال لعملية اغلاق في ظرف 24 ساعة للنقط المائية الغير

نفقة المخالف

قانونية او المنجزة بدون ترخيص

اتاوة

اتاوة ضعف الاتاوة العادية من

داخل المدارات السقوية المعدة و المنجزة من طرف الدولة

الامتار المجلوبة قانونيا

او جلب الماء او السقي بدون ترخيص او يفوق الصبيب وا خارج

الاوقات المصرح بها

اتاوة

الاتاوة ترفع من الضعف

العود

 الى3اضعاف

منع

حرمان من الماء الى نهاية السقي

العود من جديد

اتاوة

الاتاوة الجاري بها العمل قانونا

مخالفة ادارية

10مبلغ الاشغال التي تقدرها

انجاز بدون ترخيص الاعمال المنصوص عليها في النصوص

المادة 28  ف

المادة 143

وكالة الحوض المائي

 9/3/1

مخالفة ادارية

تعليق الاشغال  التي في طور

جانبه

المواد

الانجاز او التوقيف

117/95/20

جنحة

حبس

حبس من 6اشهر الى5سنوات

حيازة و بيع وتفويض ببيع او اعلانات تدليسية او مياه

المادة 144

غرامة

و/اوغ 1200الى 24الف درهم

مستعملة للاستعمال الغذائي او المياه الطبيعية و المعدنية

الفصل الاول

نشر

و يمكن نشر الحكم بجريدة او اكثر

عقوبة ادارية

مياه العيون او مياه المائدة

من قانون رقم

13-83

الحبس

الحبس من 6 الى 5سنوات

العود خلال

 5 سنوات

جنحة

حبس

حبس من شهر الى3 اشهر

جلب مياه قنوات او انابيب نقل او توزيع الماء دون اذن

المادة 145

غرامة

و/اوغ 1000الى 5000 درهم

مسبق من المكلفين

الحبس

حبس من شهرين الى6 اشهر

العود

و/او غ 2000الى 10000 درهم

جنحة

ازالة الايداءات والحطامات و

عدم تلبية طلب ازالة الايداءات و الحطامات و هدم المنشات التي

المادة 146

تعويض

هدم المنشات التي تعرقل السير

 تعرقل سير ملاحة و الجولان الحر للمياه

ملاحة جولان على نفقة المخالف

جنحة

صب يؤثر في الملك العمومي دون ترخيص

158/98

المادة 147

غرامة

 غ 10000الى 500000 درهم

اذا قدم الطلب خارج الاجالات المحددة

جنحة

صب المياه المستعملة الصناعية في شبكة عمومية دون ترخيص

159/109

المادة 148

غرامة

 غ 10000الى 50000 درهم

ان تم الصب خارج الاجال المنصوص عليها تنظيميا

جنحة

القيام باشغال الثقب و التعميق واصلاح الاتقاب من طرف اشخاص

160/114

المادة 149

غرامة

 غ 10000الى 100000 درهم

لا يتوفرون على رخصة التاقب

تقديم الطلب خارج الاجل المحدد من قبل الادارة

جنحة

غرامة

 غ 10000الى 50000 درهم

ظرف تشديد

عدم القيام بالاشغال الواجبة التهيء داخل التي تحددها المحكمة

المادة 147

المادة 150

غرامة

غرامة تهديدية لا تتجاوز 1/4000

تدبير وقائي

في حالة الحكم بعقوبة بناء على نص المادة 147 (مادة 98)

من كللفة المشروع

تقديم الطلب خارج الاجل المحدد من قبل الادارة

منع

منع استعمال المنشات الملوثةالمنع

جنحة

حبس

حبس من 3 اشهر سنة

تشغيل منشات مخالفة لمقتضيات فقرة 3من مادة 150

المادة 151

غرامة

و/اوغ 10000الى 50000 درهم

فقرة 3 من

تعويض

انجاز اشغال او منشات على نفقة

المادة 150

المخالف للحد من المخالفة

جنحة

حبس

حبس من 3 اشهرالى  سنة

العود

كل تكرار لمخالف نصوص قانون الماء او النصوص المتخدة

المادة 152

غرامة

و/اوغ 10000الى 50000 درهم

تعويض

انجاز اشغال اومنشات على نفقة

في حالة تطبيقه لحالة العود

المخالف للحد من المخالفة

جنحة

تعويض

تعويضات و فوائد التاخيرعن

مخالفة مقتضيات قانون و النصوص المتخدة و المؤدية الى

المادة 153

 الضرر باتفاق رضائي

ضرر بيئي للملك العمومي المائي او توابعه

جنحة

صلح

تحويل السلطة المختصة  للعقوبة

الصلح

المخالفات المنصوص عليها في القانون و النصوص التطبيقية

فصل3 من باب6

المادة 154

غرامة

للعقوبة المحكوم بها بواسطة

من قانون رقم

محضرعلى ان لا يقل

  11_03

التعويض ماحكمت به المحكمة

مواد75/74/73

تحليل و تفكيك قانون محاربة تلوث الهواء

نوع الجريمة

العقوبة المقررة

عوامل

المخالفة

الاحالة

المادة

تفريد العقوبة

تدبير وقائي

وضع تجهيزات لقياس درجة تركيز

تدابير وقائية

شخص مسؤول عن مصدر التلوث

المادة 13

المواد الملوتثة و التعليمات اللازمة

وقف

وقف النشاط او استغلال مصدر

استمرار المخاطر و المضار رغم التدابير

التلوث

تدبير وقائي

تعليمات لتفادي مخاطر التلوث

تدبير وقائي

حالات خطيرة تلوث فيها الجو الذي يهدد صحة الانسان و البيئة

المادة 14

وقف

وقف مصدر التلوث

وقف

الاستعانة بالسلطات المختصة

حالة الاستمرار في عدم تنفيذ التعليمات

التدخل

وقف

وقف نشاط المنشاة جزئيا او كليا

عدم احترام مقتضيات القانون و النصوص الصادرة بتطبيقه

المادة 18

المادة 15

تعويض

او قيام الادارة تلقائيا بالانجاز

عدم الامتتال للانذار بعدم تنفيد الاصلاحات و الاشغال

على نفقة المخالف

غرامة

 غ  200الى 20000درهم

عدم القيام بالاصلاحات الضرورية

غرامة

 غ  200الى 40000درهم و/او

العود

حبس

حبس من شهر الى 6 اشهر

جنحة

غرامة

 غ  1000الى 20000درهم

تلوث و اهمال متعمد لابلاغ السلطات المعنية بانبعاث طارئ

المادة 16

و خطير لمواد ملوثة

غرامة

 غ  1000الى 40000درهم و/او

العود

حبس

حبس من يوم الى اشهر

جنحة

غرامة

 غ  100الى 10000درهم

عرقلة القيام بالمراقبة او ممارسة ضباط الشرطة او الموظفين

المادة 9

المادة 17

و الاعوان المامورين و النتدبون لهذا الغرض

غرامة

 غ  100الى 20000درهم و/او

العود

حبس

حبس من يوم الى اشهر

جنحة

حبس

غرامة من 200الى 20000درهم

عدم احترام شرطا او تقييدا او منعا مفروض من لدن الادارة

المادة 18

رفض الامتتال للتعليمات الصادرة عن الادارة

عرقلة او منع  تنفيد اجراءات استعجالية التي تامر بها الادارة

ادلاء بمعلومات خاطئة او تصريحات مزيفة

غرامة

غرامة من 200الى 40000درهم

العود

 و/او

حبس

الحبس من شهر الى 6اشهر

جنحة

تاجيل

اجال اخر من المحكمة

عدم تنفيد الاشغال و الاصلاحات المقررة في اجل محدد بحكم

فقرة الاولى

المادة 19

قضائي طبقا للمادة 15

غرامة

 غ  2000الى 200000درهم و/او

في حالة عدم تنفيد الاشغال بعد الاجال

من المادة 15

الحكم بتنفيذ الاشغال على نفقة

تعويض

المحكوم عليه

منع استعمال المنشت مصدر

عقوبة اضافية

التلوث الجوي الى حين الانتهاء

من الاشغال و الاصلاحات المذكورة

جنحة

 غ  2000الى 200000درهم و

تشغيل منشاة مخالفا للاحكام الفقرة 2من المادة 19

فقرة 2

المادة 20

حبس من شهر الى سنة

غرامة

 غ  2000الى 200000درهم و/او

العود

من المادة 19

الحكم بتنفيذ الاشغال على نفقة

تعويض

المحكوم عليه

منع استعمال المنشت مصدر

عقوبة اضافية

التلوث الجوي الى حين الانتهاء

من الاشغال و الاصلاحات المذكورة

جنحة

غرامة

 غ  100الى 1400درهم

تشغيل عربة او الة ذات محرك او جهاز لاختراق الوقود كانت

المادة 21

  و/او

موضوع منع من قبل الادارة

حجز

حجز الوسيلة مصدر الثلوث

نظام التجريم والعقاب

بعد قراءتنا لتفكيك الشق الجزري للقانونين فإننا سجلنا عدة ملاحظات يمكن إجمالها في :

  • إن عدد المخالفات في قانون الماء هو 21 مخالفة، في حين أن عدد المخالفات في القانون الأخر هو 12 مخالفة .

والمشرع لم يعتمد في القوانين التي نحن بصدد دراستها على تصنيفات الجرائم من مخالفات و جنح و جنايات كما هي مذكورة في القانون الجنائي ، بل قام بجمع في بعض الاحيان بمجموعة من المخالفات ضمن نص واحد ، و طبق عليها عقوبة واحدة كما هوموجود في المواد   139 و 141و 143 من قانون الماء أو المواد 13 و 14 و 15 من قانون محاربة تلوث الهواء.

و لقد جاءت المادة 16 من قانون محاربة تلوث الهواء لتعاقب عن مخالفة الإهمال العمدي ,      في حين أن الإهمال لا يمكن اعتباره عمدا .

وتجدر  الإشارة إلى أن المشرع نص في نصوص مستقلة على بعض المخالفات المبينة سابقا    وأعطاها عقوبات مضاعفة.

  • و نجد أن قانون الماء يتضمن 7حالات العود ، في حين نجد 5 حالات عود في قانون محاربة تلوث الهواء.

غير أن هناك ملاحظة مهمة هو أن المشرع لما أدرج في الفصل 152 ما مضمونه ” عندما يكون المخالف لإحدى مقتضيات هذا القانون ( ونقصد قانون الماء ) أو النصوص المتخذة لتطبيقه في حالة عود ترفع العقوبة إلى الضعف ”  فانه ما كان عليه أن يذكر حالات العود في الفصول 138و139و142و144و145 و التي تناقش العود في أفعال معينة و محددة فيها , حيث بمجرد النص على هذا الفصل كافي لإثبات حالات العود في مجمل النصوص .

  • أما فيما يتعلق بتقنية الإحالة على نصوص أخرى، فإننا نجد 24 احالة  في قانون الماء ، في حين نجد فقط 4 إحالات في قانون محاربة تلوث الهواء ، و إن دل على شيء فإنما يدل على أن قانون 03-13 أكثر وضوحا و نصوصه صريحة عكس قانون الماء الذي أكثر من الإحالات.

عموما يمكن القول ان المشرع في كلتا القانونين انه زاوج بين تقنية الإحالة و العقوبة المستقلة كما هو ظاهر في المادة 18 من قانون محاربة تلوث الهواء، و المواد 142 و 145 من قانون الماء .

و بالتالي نكون أمام مخالفات متعددة و متباينة الطبيعة ، حيث يتم معاقبتها بنفس العقاب ،

و تقنية الإحالة هاته تجعلنا أمام قوانين إدارية تدبيرية و ليست قوانين جنائية.

  • أما فيما يتعلق بالعقوبات فلقد تطرقت نصوص قانون الماء الى 20 عقوبة  ، في حين ان عدد عقوبات المذكورة في قانون الهواء هو 9 ، هذه العقوبات التي تم التطرق إليها تتجلى في الحبس و الغرامات والتعويض و الحجز إضافة إلى عقوبات إضافية إدارية و تدابير وقائية.

و بالوقوف عند مضامين المواد المنصوص عليها في القانون 13.03 يتضح  لنا أن المشرع

المغربي أقر  جزاءات زجرية و جزاءات إدارية لمرتكبي الجرائم البيئية , حيث خول للإدارة

المعنية فرض جزاءات إدارية مختلفة على المخالفين مثل  :

” تأمر بوقف النشاط أو الاستغلال مصدر التلوث “

” إصدار التعليمات إلى الشخص المسؤول عن مصدر التلوث لاتخاذ التدابير التكميلية “

 و بالتالي منح المشرع للإدارة  وضع تدابير تتماشى مع المخالفات المرتكبة ، غير انه لم يشر

 إلى نوع  الإدارة التي لها صلاحية فرض الجزاءات  .

           اما بخصوص العقوبات الزجرية التي اقرها المشرع في هذا القانون فإنها  لا ترقى إلى الحماية

          المطلوبة للهواء كما هو شأن فحوى المادة 21 التي تعاقب بغرامة من 100 درهم إلى 1400

           درهم كل من قام بتشغيل عربة أو آلة ذات محرك أو جهاز لاحتراق الوقود أو للإحراق أو للتكييف

           كانت موضوع منع  من طرف الإدارة كما يمكن الأمر بحجز الوسيلة مصدر التلوث , حيث لا

           نجد أي انسجام بين الفعل المجرم و الأضرار الناتجة و العقوبة المطبقة ، غير انه مقارنة مع قانون

           الماء الذي شدد من الغرامات و الحبس مقارنة مع قانون الماء السابق رقم 95-10 .

        أما فيما يتعلق بنصوص الخاصة بقانون الماء فإننا كذلك نلاحظ التدخل المباشر للإدارة

في   وضع  الجزاءات ، وبالتالي فان الأفعال التي تم تجريمها هي ليست بمقتضى آليات  القانون الجنائي، وإنما ثم النص عليها باعتبارها مجرد مخالفات إدارية، تتكفل الإدارة بمعالجتها باستعمال آليات ذات طابع إداري محض .

و نجد كذلك أن المشرع في القانون الجنائي تطرق إلى عقوبات لمخالفات لها ارتباط بالماء لم يتطرق إليها قانون الماء و نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

  • الفصل 517 من القانون الجنائي الذي يعاقب بالحبس من سنة إلى 5 سنوات و الغرامة من ألف إلى 5000 درهم …..و تطبق نفس العقوبات على سرقة ……..الرمال من الشواطئ آو الكثبان الرملية الساحلية أو من الأودية أو من أماكنها الطبيعية………

  • الفصل 586 من القانون الجنائي: كل من خرب بواسطة مفرقعات أو أية مادة متفجرة مسالك عامة أو خاصة أو حواجز أو سدود أو طريقا ……..بالسجن من 20 إلى 30 سنة و يعاقب على المحاولة كالجريمة التامة.

  • و كذلك الفصول 590 و 606 و 608  609 من القانون الجنائي و التي لم يتطرق إليها قانون الماء .

وإننا نجد في بعض الأحيان أن الإدارة تقوم مقام المخالف بإصلاح أو إزالة الايداءات على نفقة المخالف في حالة عدم قيامه بذلك ، كما هو شان المادة 146 من قانون الماء و المادة19 و 20 من قانون محاربة تلوث الهواء .

كما يمكن للإدارة بالقيام بحجز الآلات المسببة للتلوث طبقا للفصل 21 من قانون 03-13 الأمر الذي لا نجده في قانون الماء.

و كذلك تطرق المشرع في قانون الماء و بالضبط في فصله144 الذي يحيل على قانون

رقم 83-13 المتعلق بالغش في البضائع ، انه إضافة إلى عقوبة الحبس أو الغرامة  فان المشرع أضاف إمكانية نشر العقوبة بإحدى أو أكثر من الجرائد.

  • وفي الأخير فلقد أعطى قانون الماء في مادته 154 إمكانية لجوء الإدارة أو وكالة الأحواض المائية إلى الصلح في كل المخالفات البيئية و العقوبات المنصوص عليها في الفصل الثالث من الباب السادس من قانون قم 03-11 المتعلق بحماية و استصلاح البيئة  , لكن بعد ان تقرر المحكمة بالعقوبة و أن لا يقل مبلغ التعويض اقل مما تقرر , و هنا تجدر الإشارة أن مسطرة الصلح يجب أن تكون قبل إصدار الحكم لا بعده , لأنها في هذه الحالة سيكون التعويض دون جدوى خصوصا أن مبلغ التعويض في حالة الصلح يكون اكبر مما قررته المحكمة   .

ثانيا : أركان التجريم

الركن القانوني

إن من بين أهم مبادئ القانون الجنائي هو النصية ، حيث لا يسوغ مؤاخذة احد على فعل لا يعد بصريح القانون ، و لا معاقبته بعقوبات لم يقررها القانون أي فعل لا يعد جريمة مالم ينص عليه القانون صراحة.

و بالتالي لا عقوبة و لا جريمة الا بنص هذا هو المبدأ المتعارف عليه ، و انطلاقا من مضامين النصوص التي نحن بصدد دراستها فإننا رغم النصية التي تتوفر عليها غير انها تبقى غامضة بعض الشيء و ذلك لتضمينها لبعض المصطلحات الواسعة المعنى كما هو شان : اهمل متعمدا / يمكن للإدارة/ من عرقل القيان ب………

و كذلك كثرة الإحالات التي تعرفها هاته النصوص و التي تصعب علينا المعرفة الدقيقة للنص المجرم .

الركن المادي

إذا كنا أمام غموض للركن القانوني ، فنفس الأمر بالنسبة للركن المادي الذي يتطلب فعلا واضحا  و غير غامض من اجل تحقيق الركن المادي فيه نسبيا يمكن القول أن الركن المادي لقانون الماء كان شيئا ما واضحا بتعبيره لأفعال واضحة كالهدم الجزئي أو الكلي ، او الاحتلال المؤقت لقطع أرضية أو مباني تابعة للملك العمومي المائي ، او منع من  القيام بمهامهم … و مقاومة الأعوان ، استخراج الماء بدون ترخيص ……….. ففي المخالفات المائية يشترط توافر الركن المادي المتمثل في إتيان نشاط ممنوع أو الامتناع عن القيام بما يقرره النص، اما في المخالفات الهوائية فان الغموض و الألفاظ الواسعة الدلالة و الغير مدققة تجعلنا أمام استحالة الوقوف عند هذا الركن .

الركن المعنوي

و هو الذي نقصد به العمدية آو القصد ، و هنا  لقد ربط المشرع في قانون  محاربة تلوث الهواء العمدية بالإهمال  ، وهو امر غير مفهوم كون أن أصلا الإهمال ليس قصدا ، و كذلك كون المخالفات المنصوص عليها في هذا القانون هي مخالفات ضبطية ، فانه من اللازم توافر الركن المعنوي لقيام مسؤولية الشخص ، و بالتالي إيقاع الجزاء و العقوبة يصبح امرأ غير سهل .

اما فيما يتعلق بالركن المعنوي في قانون الماء فانه و انطلاقا من مضمون النصوص إن القصد الجنائي ضروري توفره في كل المخالفات و ذلك نظرا لطبيعة النصوص الإدارية.

عموما ، وانطلاقا مما سبق تناوله في مضمون و شكل القانونين  ، و الغموض و عدم الانسجام في تركيبة قواعدها القانونية ، و الشوائب التي تعتريها ، و كذا عدم تناسب الجزاءات بالمخالفات وعدم الانسجام مع طبيعة قواعد القانون الجنائي و الأضرار التي تخلفها  , فإنهما يظلان قانونان بمثابة خطوة متقدمة من أجل إضفاء الحماية اللازمة على الماء والهواء بشكل خاص ، و على البيئة بصفة عامة.

والمشرع المغربي عليه أن يستدرك الأمر و يملئ الثغرات التي تعتري هاته القوانين مع التسريع بإخراج مجموعة من القوانين التنظيمية التي تسهل عملية تطبيق مجموعة من القوانين مع تحديد الجهات المختصة بكل دقة ،

(*) باحث في القانون و السياسات البيئية

error: