شيكات على بياض و «لخلاص بالنوار» في انتظار مراجعة التعريفة المرجعية في القطاع الصحي ..!

202٬538

. محمد رامي

أقر خالد آيت طالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خلال مثوله بالبرلمان الإثنين الماضي، بأن عدم مراجعة التعريفة يفتح المجال أمام تجاوزات المصحات، قائلا إن الأمر راجع بالأساس إلى كون “التعريفة المرجعية الحالية متهالكة وانتهت صلاحياتها، مما يؤدي إلى هذه السلوكيات في بعض المصحات الخاصة”.

وذكر الوزير بدراسة أفادت بأنه “لا توجد مصحة تستطيع إدخال مصاريفها من التعريفة المرجعية، لأنها قديمة، وبالتالي يطلبون من الزبون أداء زيادات أو وضع شيك ضمان، وهو أمر يرفضه القانون”، متحدثا عن عزم الحكومة القيام بإصلاح ومراجعة التعريفة المرجعية، موردا أن “المراجعة خرجت من الأمانة العامة للحكومة وستتم فيها تصحيحات وتعديلات قبل إخراجها للوجود”.

وضع نبهنا إليه أكثر من مرة.. فقد  انتشرت في المغرب ، مؤخرا، ظاهرة «النوار» ببعض المصحات الخاصة، حيث تجبر إدارة العديد من المصحات المرضى المؤمنين بمختلف تصنيفات التأمين عن المرض سواء الإجباري منها أو الاختياري ، على تسديد فارق شاسع يهم خدمات غير مدرجة بفاتورة العلاج! بل هناك مصحات ترفض إطلاقا تمكين المريض من فاتورة تفصيلية لمصاريف الاستشفاء، وهو ما يمثل ابتزازا متعمدا للمرضى وأسرهم و استغلالا بشعا لحالتهم الحرجة من أجل الاغتناء خارج القانون!

وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، يقر إذن بوجود ممارسات وعادات من قبيل تقديم الشيك على سبيل الضمان أو المعاملة بما وصفه بـ “النوار” .

لكن ، هل سيتمكن من محاربة هذه الظواهر المسيئة للمنظومة الصحية ببلادنا؟ هل سيكتفي بإعلان حسن نواياه لمواجهة لوبيات الاستشفاء ببلادنا؟

أعتقد أن الأمر أكثر من مجرد إعلان نوايا، الأمر يحتاج لجهاز رقابي يتتبع مسارات الاستشفاء وفتح خط مباشر للتبليغ عن هذه التجاوزات..

شهادات عديدة استقيناها من مرضى وذويهم وجدوا أنفسهم مجبرين على أداء مبالغ مالية للأطباء أو لبعض المصحات « تحت الطاولة» بعدما أجبروا ، وتحت الضغط النفسي، على ترك شيك موقع على بياض في غالب الأحيان لإدارة المصحة كضمانة قبل مباشرة العلاج في انتظار التوصل بموافقة المؤسسة المؤمنة على المرض وتحديد نسبة التعويض.

والمفاجأة أنه حتى بعد تحديد نسبة التغطية في مائة في المائة، فإن المريض يطالب بأداء مبالغ مالية هامة عند المغادرة وعدم تمكينه من الفاتورة، ولكن فقط ورقة المغادرة!

مظهر آخر من مظاهر «النوار» في العلاقة مع بعض الأطباء المعالجين، يتمثل في مايطلب مباشرة من أهل المريض قبل مباشرة العلاج ، فبعد زيارة الطبيب المعالج والاتفاق مع المصحة، وتحضير وثائق التأمين اللازمة وتحديد المستحقات الواجب أداؤها، بعد كل هذا يفاجأ المريض بضرورة أداء مبلغ خاص للطبيب المعالج وأن يكون ذلك نقداً حتى يبدأ علاجه ومن دون وصل!

وزارة الصحة سبق لها أن أكدت أن «النوار» في مستشفيات القطاع الخاص لا يدخل ضمن اختصاصاتها بشكل مباشر، وأن هناك مجموعة من المقتضيات القانونية تُعالج هذه الإشكالية الخطيرة، عند الحديث عن ظاهرة الشيكات التي تسلم للمصحات الخاصة وتشكل سيفا على عنق المريض عند مطالبته بأداء مبالغ مالية كبيرة تتجاوز بكثير السعر الحقيقي للإستشفاء!؟

فإذا كان القانون يفرض التوافق المباشر بين الطبيب والمريض في تحديد ثمن العلاج في ظل غياب أي تعريفات يمكن السير على منوالها ، فإن هناك توافقا بين بعض الأطباء وبعض المصحات على العمل ب«النوار» للتهرب الضريبي من جهة ، ومن جهة أخرى الاستفادة من تعويضات شركات التأمين بالإضافة إلى مبالغ مالية إضافية يفرض أداؤها على المريض بالرغم من استفادته من التغطية الصحية بشكل كامل، أي مائة في المائة!

فإذا كانت وزارة الصحة قد تحللت من مسؤوليتها تجاه هذا الواقع ، فإن الوضع يتطلب فعلا فتح تحقيق من طرف الوزارات المعنية بأمن وصحة المواطن ولم لا مباشرة تحقيق ميداني من طرف لجن برلمانية مع الاستماع إلى الشهود المرضى وذويهم، فالأكيد أن مثل هذا التحقيق سيكشف النقاب عن أكبر عملية اغتناء على حساب معاناة المرضى وذويهم.

error: