عفوا السيد وزير الصحة المحترم.. الجواب خطأ

310٬219

محمد رامي

أن يماطل السيد وزير الصحة في الإجابة عن سؤال النائب البرلماني، محمد ملال، فذلك أمر متعارف عليه بين الوزراء الذين يجيدون لغة الخشب للتهرب من سؤال محرج.

أن يناور السيد الوزير ويختار الكلمات بعناية بالغة وهو يجيب على تساؤل أعضاء الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، بخصوص ضعف وتراجع الخدمات الصحية بالأقاليم النائية، فذلك أمر وارد خاصة إذا كان السؤال مركزا وغير معوم  .
لكن أن يتحلل السيد الوزير من مسؤوليته عن القطاع الذي يشرف عليه بشكل علني ويبحث عن تبريرات، ويشهد على ذلك جميع المغاربة الذين تابعوا جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب مباشرة، فذلك قمة الاستهتار بالمسؤولية .
عفوا السيد الوزير.. الجواب عن السؤال  خطأ ..

نعم لقد أخطأتم في الإجابة واكتفيتم بتبريرات ليست واهية، ولكنها لا ولن تعفيكم من المسؤولية..
محمد ملال البرلماني الاتحادي طرح ملفا شائكا بالفعل، عندما سألكم، عن “التدابير والاجراءات اللازمة و الاستعجالية التي تود الوزارة القيام بها لتزويد المراكز والمستشفيات الصحيـة بالموارد البشرية الكافية والأدوية والمعدات اللازمة، لتحسين والرفع من جودة الخدمات الاستشفائية بأقاليم المملكة.”
السيد النائب تحدث بلغة الأرقام، وهي أرقام صادمة بالفعل وإن كانت تهم فقط إقليم الصويرة ، إلا أنه يمكننا القياس عليها بباقي الأقاليم ذات التضاريس الجلبية عبر ربوع الوطن.
فبلغة الأرقام التي أوردها محمد أملال عن الإقليم، هناك 57 جماعة تضم خمسين مستوصفا ومركزا صحيا، 80 في المائة منها خارج الخدمة ،  طبيب مخدر واحد، ومولدة واحدة ل 57 جماعة تضم نصف مليون من الساكنة.

فماذا كان رد السيد الوزير ..

اعترف بأن هناك مناطق كثيرة بالمغرب تعيش نفس الوضعية مصرحا  « غا نكذب عليك الا قلت لك عندي الحل .. غادي تقول ليا اعطيني طبيب ديال الإنعاش غادي نقول لك منين غانجيبو »
واستطرد في الحديث عن الإكراهات التي يعيشها القطاع قبل أن يلخص الحل في ضرورة استقدام الجهات ال 12 لكفاءات طبية أجنبية للعمل معها…
شخصيا لم أستوعب الجواب، كما لم يستوعبه طارحه الذي كان مقيدا بالتوقيت وهو ماحرمه من التعقيب المفصل على سؤال لم يجب عنه السيد الوزير وبقي معلقا .

عفوا السيد الوزير، ” منين غانجيبو لك الطبيب..” ليس جوابا، ولكنه إقرار بالعجز عن تنزيل برنامج الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية الذي أطلقه جلالة الملك.
إذن على ساكنة الأقاليم النائية ، بعد سماعها جواب السيد الوزير، أن تنتظر أربع سنوات أخرى أو مايزيد قبل أن توفر الوزارة لها الأطقم الطبية الوطنية اللازمة، أو أن تستقدمها الجهة من الخارج للإشتغال بكل من أقرمود، سيدي العروسي، تكاطت، الكريمات، أوناغة، سيدي إسحاق، حد الدرا، تمنار، أكليف، بزضاض، إيمي إنتليت، سميمو، امكراد، على سبيل المثال…
عفوا السيد الوزير الجواب خطأ..

نحن هنا لسنا بصدد المزايدة ، بل للتعليق على إجابة جانبت الصواب..

نعرف جيدا السيد الوزير، أن النقص الكبير الذي تعرفه البلاد في ما يتعلق بالموارد البشرية في القطاع الصحي، يطرح تساؤلات عن إمكانية إنجاح ورش الحماية الاجتماعية والنهوض بالقطاع الصحي في البلاد، إذ تؤكد المعطيات أن النقص يتجاوز 32 ألف طبيب و 65 ألف إطار تمريض.
ونحن نعرف جيدا أن المشاكل التي يتخبط فيها القطاع ونعرف أيضا أن مجموع الأطباء في القطاعين العام والخاص يبلغ 25575 طبيبا، من المفترض أن يعالجوا أزيد من 36 مليون مغربي، أي بمعدل 7.1 طبيب لكل 10 آلاف نسمة، في حين تشدد منظمة الصحة العالمية على معدل متوسط يناهز 15.3 لكل 10 آلاف نسمة.
ونعرف أنه لا يتجاوز عدد الأطباء في القطاع العام 11953، من بينهم 3616 طبيبا عاما، و8337 مختصا، وفقط 323 طبيب أسنان. أما عدد الممرضين فهو 15087، مع 4943 قابلة. بينما في القطاع الخاص تتوفر البلاد على 13622 طبيبا، من بينهم 5182 طبيبا عاما و8440 مختصا.

لانريد من تبريرات بل أجندات تدخل، نريد قرارات جريئة ومسطرة زمنية وليس الاختباء وراء مبررات لم تعد تقنع أحدا …
ألم يكن من اللائق أن يتم البحث عن حلول طارئة تمكن من تجاوز الوضع الكارثي الحالي عوض القول “ماعندي ماندير لك؟”
كيف يمكنك الحديث عن الخصاص في الأطر الطبية في بلد له من الإمكانيات البشرية ما يمكنه من سد هذا الخصاص لو تم توسيع قاعدة الولوج إلى كليات الطب والمهن الطبية وأنت من تقلد هذه المسؤولية منذ 2019 والإشكال مطروح منذ ذلك الحين.
لكن يبدو أن السيد الوزير لم  يعير أي اهتمام بما يقع بداخل المؤسسات الصحية، خصوصا الواقعة في المغرب العميق بالرغم من الخروج الإعلامي الأخير  له بمستشفى الدريوش والذي لم يتجاوز التفاعل مع الوضع حد تدخل أدنى لن يساهم في حل الإشكالية..
لعل ما يؤكد هذا، غياب الأطر الصحية الكافية لسد الحاجة، فضلاً عن ذلك افتقارها لأبسط التجهيزات اللازمة لإسداء خدمات طبية في المستوى المطلوب، فماذا قدم السيد الوزير لهذه المناطق؟

نريد إجابة بلغة الأرقام…
في انتظار أن يجيبنا السيد الوزير عن المداخل المقترحة لتجاوز الإكراهات المرتبطة بالخريطة الصحية والبنيات التحتية؟ نقول له :
عفوا الجواب خطأ…

error: