أحمد شوقي بنيوب …شمعة أخرى انطفأت

101٬624

عبد السلام المساوي

ويفتح دفتر العزاء في البيت النضالي من جديد لاسم كبير …لحقوقي ألمعي… على إثر رحيل أحمد شوقي بنيوب الذي ترجل عن صهوة الحياة والنضال ليتوالى الحزن والضيق الكبير في المجال السياسي والحقوقي والفكري .
هذا قدر ، هذا قضاء وقدر، نقول عبر لغاتنا المختلفة، استكانةً وخضوعا، تعبيرًا عن يقين عاجز حتى عن التفكير في تغيير منطق الرحيل المتواتر الأبدي بل وعن استعادة السكينة إلى رجة الأعماق وتوتراتها جراء وقع صدمة ساعة الرحيل.
لكن الرحيل الذي يبدو متماثلا في مواصفاته البادية بل والذي يمكن الاعتقاد بكونه وحيد جنسه بين بني البشر، ليس كذلك في الواقع. فكل رحيل فريد نوعه. وهذه الفرادة بالذات هي التي تقف حاجزًا رئيسًا أمام تقديم شهادة في حق أحمد شوقي بنيوب .
مناضل هادئ …حكيم …صدق القول والفعل…يساري مؤمن بالقيم الكونية لليسار….انسان…معلم
عندما يتكلم يفرض عليك الانصات ، يتكلم وهو يفكر ، يمقت الانفعالات الطفولية والاندفاعات الحماسية…
كان عميقا وواعيا…كان مثقفا …كان وقورا …
لم يعد شوقي بنيوب على قيد الحياة …
ولن يقاسمنا الهواء المثخن بالغياب …
توقف الرجل عن التأمل في الأجواء …
وحمل همومه في سكون إلى مثوى السكون ..
لن ينازع أحدا في الزحمة …
تاركا الكلمات يتيمة ؛
تاركا النضال الحقوقي ؛
تاركا المرافعات حزينة ؛
تاركا رفاق دربه ؛
تاركا الوجود ؛
تاركا جبهة النضال من أجل ” الخبز والديموقراطية والوطن ” تشرح قلة اليد ؛
تاركا النخب لتستمتع بخيباتها …هاربة إلى تخصصها الجديد …
وهو التفوق الحقيقي في إحصاء الرزايا …
مات الرفيق الذي صاغ رفقة أخاذة في شخصيته …
بين الصرامة المبدئية والقدرة على استيعاب الرأي الآخر …
الجذب في اتجاه تخليق الحوار هي طاقة شوقي بنيوب …
في منازلة معاول الهدم وجرافات الاقتلاع …
لن أهيم في سرد مناقب مناضل تقدمه فضائله …
أحرفي هذه هي في حاجة إلى شحنة من الشجاعة للاقتراب من قامة مهابة في حضورها وغيابها…
لا ينكر …حتى الذين اختلفوا مع شوقي بنيوب …مهاراته الجذابة في دفاعه الدائم عن توطين المشروع الحقوقي داخل منظومة إنسانية متعددة الصراحات …
قوة المشروع في تحديد صراحة الهوية غير المتعالية على معطيات المجتمع …
قوة جديرة بالاختراق الناعم …
محمولة على ذهنية ثقافية صادقة ترفض الإلغاء …لذلك كان يفضل أن يعنون المسار ب ” معركة الإنسان ” …
وهي معركة مكثفة بالخصوبة …
اختار سليل شمس مراكش ممارسة السياسة بدون مساحيق …
لم يبحث عن بطولة يوما ولا عن ” مقعد ” …
لم ينعت أحدا بسوء في غمرة الانقسامات والانضمامات والتوترات …
لم يخون أحدا….
لم يشتبك مع أحد …
ولم يفبرك دسيسة …
شوقي العزيز …
ذهب الراحل إلى نادي الكبرياء في التاريخ …
الصفاء في التاريخ هو القمة والرفعة …
من هنا أصالة الرجل في حياته المفعمة بالأحداث الجسام خلال المنعطفات السياسية الكبيرة، تمامًا كما في الحالات الإنسانية الكبرى في حياته الخاصة وفي حياتنا العامة جميعًا. ومن هنا وجه الفرادة في رحيله المفعم بالعبر والدلالات ..سيحفظ لك الوطن أنك كنت من أبنائه الأوفياء له ، وقد بذلت من أجل تقدمه الكثير من الجهد بكفاءة نضالية….
شوقي بنيوب…ذكراك ستزهر وتولد أبدا نفحات الأمل في التقدم نحو حلمك بالوطن الزاخر بالكرامة لمواطنيه…

error: