الفنانة الفلسطينية، دلال أبو آمنة، التي جرتها عبارة “لا غالب إلا الله” للاعتقال والتحقيق على يد الشرطة الإسرائيلية

45٬960
  • أحمد بيضي
“بعد قضاء ليلتين في السجن الانفرادي ظلمًا وبهتانًا.. أنا حرّة، حرّة كما كنت، وحرّة كما سأبقى دومًا وأبدًا، وجسدي الذي هَزُل بسبب إضرابي عن الطعام طيلة الثلاثة أيام أصبح الآن أقوى.. وإيماني بالله أعمق.. وقناعتي برسالتي وتكليفي زاد أضعافا.. حاولوا تجريدي من إنسانيتي، وإسكات صوتي وإذلالي بكل الطرق، شتموني وكبّلوا يديّ وساقيّ بالقيود، لكنهم بهذا جعلوني أكثر شموخًا وعزة.. سيبقى صوتي رسولاً للحب مدافعًا عن الحق في هذه الدنيا .. شكرًا لكل من دعمني من كل أنحاء العالم، إن كان بكلمة أو بدعوة أو بموقف..”.
بهذه الكلمات خرجت الفنانة والمؤثرة الفلسطينية، دلال أبو آمنة، التي اعتقلتها السلطات الإسرائيلية، منذ الاثنين 16 أكتوبر، مع إخضاعها للتحقيق، على خلفية منشور نشرته عبر صفحتها الخاصة على منصة “الفايسبوك”، جاء فيه عبارة: “لا غالب إلا الله”، مرفوقة برمز دعاء وعلم فلسطين، ما اعتبره بعض المستوطنين المتطرفين تحريضا ضدهم، ودعما لـ “الإرهاب والعنف”، وقد جرت إحالة دلال أبو آمنة على مركز الشرطة في حيفا بتهمة القيام بـ “تصرف قد ينتهك الأمن العام”، قبل تمديد توقيفها في محكمة الصلح في الناصرة.
ووفق المعطيات الأولية ليوم الأربعاء 18 أكتوبر، تم الإفراج عن الفنانة دلال ابو آمنة، وذلك بشروط إسرائيلية تضمنت “الإفراج مقابل تحويلها إلى الحبس المنزلي لاستكمال التحقيق معها، وإلزامها بحذف جميع المنشورات التي تعتبرها الشرطة محرضة، ومنعها من كتابة أي منشور لمدة 45 يوماً!!“، بحسب الموقع الإخباري “الموجز”، وسبق للمحامية عبير بكر أن أكدت أن معنويات الفنانة دلال أبو آمنة “عالية وتقول إنها متصالحة مع نفسها ومستعدة لدفع ثمن كونها فنانة فلسطينية ملتزمة وإنها واعية لمحاولة ترهيب فلسطينيي الداخل من خلال مثل هذه الاعتقالات”.
وارتباطا بالموضوع، أفادت المحامية عبير بكر، لصحيفة “القدس العربي” أن اعتقال الفنانة دلال أبو آمنة “يندرج ضمن محاولات الترهيب التي تمارسها إسرائيل”، مؤكدة “عدم وجود سبب مقنع لتحقيق جنائي معها، فالقول “ولا غالب إلا الله” لا يدعو بالضرورة للعنف”، مضيفة “من حضّ الشرطة الإسرائيلية على الاعتقال هي أوساط صهيونية يمينية اعتبرت منشور دلال بمثابة دعوة لانتصار فلسطين”، دون أن يفوت المحامية ذاتها التأكيد بأنه “من حق الفنانة أبو آمنة تعريف نفسها كفلسطينية وما كتبته ليس حضّا على الإرهاب”.
وضمن المعلومات المتداولة، كانت دلال أبو آمنة قد تقدمت لشرطة حيفا قصد وضع شكوى ضد ناشطة إسرائيلية يمينية بارزة تمنت في تغريدة لها، “القتل والاغتصاب للنازية دلال”، وما لبثت هذه الفنانة أن أخذت تتعرّض لتهديدات مرعبة، هي وزوجها الطبيب والمنتج عنان عباسي، وبقسم الشرطة فوجئت دلال بأنها معتقلة عوض مشتكية، بل أن اعتقالها جاء تزامنا مع اقتحام عناصر من الشرطة الإسرائيلية لمنزلها، حيث تمّ، يوم الثلاثاء 17 أكتوبر، إحضارها إلى محكمة الصلح بالناصرة التي أمرت بتمديد اعتقالها.
ويشار أن الفنانة دلال أبو آمنة خريجة مدرسة المطران (الإكليريكية)، في الناصرة، عام 2001، حاصلة على درجة البكالوريوس في العلوم المعرفية وعلم النفس من الجامعة العبرية في القدس، ومن ثم درجة الماجستير، فيما تقدمت لدراسة الطب في معهد التخنيون في حيفا، وتعتبر أول عربية فلسطينية تجمع بين علوم الحاسوب وعلوم الطب والأحياء وعلم البيو فيزياء وعلم النفس والفلسفة، قبل التحاقها ببرنامج الدراسات العليا في معهد التخنيون التطبيقي، حيث نالت الماجستير في العلوم الطبية بتخصص علم الدماغ.
وفي عام 2011 شرعت دلال في عملها كباحثة وكطالبة دكتوراه في معهد التخنيون، في موضوع علم الدماغ والأعصاب، حيث عملت على تطوير وسيلة تكنولوجية حديثة لعلاج أمراض عصبية مزمنة كالتصلب اللويحي المتعدد، ورغم تألقها وإشعاع اسمها، لم تسلم من موجات التحريض ضدها، ومن جملة ذلك الحملة التي أطلقها المدير العام لمنظمة “بيتسالمو”، شاي غليك، الذي طلب من رئيس التخنيون (معهد إسرائيل التكنولوجي)، أوري سيفان، إبعاد العرب المناهضين لإسرائيل عن المعهد، ومن ضمنهم دلال أبو آمنة.
وعلاقة بشخصية دلال أبو آمنة، الفنانة التي رفضت مغادرة بيتها واختارت أن تعيش على أرضها، يذكر أنها أول مطربة فلسطينية تغني على مسرح اليونسكو الرئيسي، وذلك في إطار احتفالية “اليوم العالمي للغة العربية لعام 2019″، حين تغنت في حب السلام والمحبة والوطن، خلال حفلها على المسرح الرئيسي لمنظمة اليونسكو العالمية بالعاصمة الفرنسية باريس، وكانت قد قامت بتمثيل فلسطين في عدة أوبريتات عربية كأوبريت أرض الأنبياء 2012 وأوبريت نداء الحرية 2014، وليس غريبا أن يتصدر اسمها، اليوم، قوائم تريند.
كما أن الفنانة دلال عرفتها مهرجانات عالمية، وعربية من قبيل مهرجان الموسيقى العربية ومهرجان محكى القلعة للموسيقى بمصر ومهرجان جرش ومهرجان ليالي بيروت ومهرجان العود في مسرح أورشليم وغيرها، ومنذ طفولتها وهي تحب الفن، حيث نالت عام 1987 جائزة مسابقة “أميرة الربيع” عن أغنية “مريم مريمتي”، واتسعت شهرتها بعد حرصها على تقديم أغاني التراث الفلسطيني وجمع أغاني المرأة الفلسطينية التراثية، فيما تميزت بقدرتها على أداء الأغاني التقليدية والصوفية وأغاني كوكب الشرق أم كلثوم.
error: