محمد امهيدية …رجل المهام الصعبة والرهانات الكبرى

64٬037

عبد السلام المساوي

سنة 1954 ، وبسيدي قاسم ، كان ميلاد محمد امهيدية . إنه ، اذن ، ينتمي إلى جيل الاستقلال ، وهو الجيل الذي سيراهن عليه المغرب لتحرير البلاد من التخلف والتأخر ، والانخراط في البناء والتنمية .
بعد مشوار دراسي متألق شد محمد امهيدية الرحال إلى فرنسا ، وتوجت هذه الرحلة بالحصول على مهندس دولة من المدرسة الوطنية للمعادن بفرنسا سنة 1981 ، وعلى دبلوم من المعهد العالي للاسمنت بمرسيليا سنة 1982 .
بعد العودة إلى وطنه ، بدأ حياته المهنية كرئيس مصلحة بالمديرية الجهوية للأشغال العمومية بمكناس سنة 1982 . وقد أهله تكوينه العلمي وكفاءته المهنية لحصد الترقيات ، فمن رئيس مصلحة إلى مدير جهوي للأشغال العمومية بإقليمي أزلال وتازة سنتي 1987 و 1993 ، ثم رئيس بمديريةالطرق والسير على الطرقات ابتداء من سنة 1993 ، وفي سنة 1996 عين محمد امهيدية في منصب مدير شركة تهيئة سلا الجديدة .
في 11 دجنبر 2002 ستعرف الحياة المهنية لمحمد امهيدية مسارا مختلفا ، إذ سيحظى بثقة صاحب الجلالة ويعين عاملا على عمالة الصخيرات تمارة ، وهذا كان يدخل في التوجهات الجديدة للتعيينات الملكية . وهكذا بدأنا نلاحظ لأول مرة تعيينات في صلب وزارة الداخلية لأشخاص تمرسوا داخلها . كان الهدف واضحا هو تحويل رجال السلطة إلى رجال تنمية ، أي إخراج العمال والولاة من هاجس الاهتمام من بمعناه الدقيق إلى الاهتمام بالأمن بمفهومه العام، وبالتالي من تحويلهم من الاهتمام بشؤون الدولة فقط إلى شؤون الدولة والمجتمع .
إن هدفا من هذا النوع ، يستلزم رجالا من وزن خاص ، لهم دراية بالشؤون العامة ، وأثبتوا قدرتهم على إدارة الملفات المعروضة عليهم ومحمد امهيدية أحدهم .
إن نجاح محمد امهيدية في مهمته الجديدة فتح له الطريق لمزيد من التألق والترقي ، وكان الصعود في أبريل 2007 حيث عين واليا على جهة تازة الحسيمة تاونات عاملا على إقليم الحسيمة ، وللزمان والمكان دلالتهما الخاصة ، فهذه الجهة بحساسياتها وخصوصياتها ، وبمشاكلها الطبيعية والاجتماعية والسياسية ، وبساكنتها الصعبة المراس …تحتاج إلى مسؤول صارم ومرن …وكان محمد امهيدية الرجل المناسب في الزمان والمكان المناسبين .
التجربة الغنية التي راكمها الوالي محمد امهيدية أهلته ليعين في فاتح مارس 2010 واليا على جهة مراكش تانسيفت الحوز وعاملا على عمالة مراكش …وكان الرجل في الموعد مع انتظارات المواطنين. فالمغرب هو مراكش بمعنى التاريخ والسياحة ، والوالي هنا يجب عليه أن يتوفر على كفاءات عليا ويبذل مجهودات استثنائية .
يوم الجمعة 11 ماي 2012 تأكد الخبر اليقين والنبأ السار ، محمد امهيدية يعين رسميا من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، واليا على الجهة الشرقية عاملا على عمالة وجدة أنجاد ، مدينة وجدة ، مدينة الألف سنة ، بماضيها الحافل ، وبحكم موقعها وحاضرها المشرق تحتل موقعا استراتيجيا هاما في المحيط المغاربي الأورو متوسطي، ويمكن أن تلعب دورا طلائعيا في هذين المجالين الجهويين .
إن تعيين واليا من العيار الثقيل في هذه المنطقة ، يدخل في صميم التوجه الملكي الجديد ، المتمثل في تدعيم سياسة اللاتمركز بشكل يجعل الأطر العليا للدولة في خدمة الجهة والجهوية والتنمية المستدامة . لقد أبان التوجه الملكي السديد هذا ، عن رغبة جلالته في استفادة كل جهات المملكة من قدرات وإمكانيات الأطر الكفأة والنزيهة ، القادرة ليس فقط على استيعاب الاستراتيجية التنموية الجديدة ، ولكن أيضا المتميزة بالقدرة على تحويلها إلى واقع ملموس تستفيد منه مختلف شرائح المجتمع ، ويدفع البلاد نحو التنمية الشاملة : التنمية البشرية .
تعيين محمد امهيدية استقبله سكان الجهة الشرقية وأهالي وجدة بغبطة وفرح ، وبثقة وأمل ، خصوصا وأن الرجل ليس نكرة ، وأعفاهم من كثرة السؤال والبحث عن السيرة ، بل إن جديته سبقته وقدرته على معالجة الملفات الكبرى والجسيمة معروفة . إنه قادم من المدينة الحمراء ، حيث وجه المغرب كان بين يديه ، ذلك لأن مراكش هي الرائحة التي يحملها كل سائح أجنبي عن المغرب ، كما أن تحول المدينة إلى مقصد للمؤتمرات الدولية تجعلها في قلب الاهتمام العالمي من الناحية الأمنية ، ناهيك عن المشاهير والنجوم الذين يقيمون بها أو على الأقل يزورونها بانتظام ، مما يفرض على الوالي أن يجعل من مؤسسات الإدارة الترابية وأجهزتها خلايا نحل لا تهدأ ولا تنام . وقد استطاع محمد امهيدية أن يجتاز بنجاح الامتحانات العسيرة التي واجهته منذ تعيينه بالعاصمة السياحية ، أبرزها الإرث الثقيل المرتبط ببرنامج مراكش بدون صفيح والتفجير الإرهابي المقيت لمقهى أركانة ، الاحتجاجات العارمة ضد فواتير الماء والكهرباء .
كما أن امهيدية واكب باقتدار التحولات السياسية الكبرى التي عرفتها بلادنا ، حركة 20 فبراير ، الاستفتاء على الدستور الجديد واستحقاقات 25 نوفمبر ، وينضاف هذا كله إلى نجاحه في تدبيره بالحكامة الجيدة لمجموعة من الملفات والقضايا الاقتصادية والاجتماعية بعاصمة النخيل .
يوم 25 يونيو 2017 ، عين جلالة الملك محمد السادس ، محمد امهيدية واليا لجهة الرباط – سلا – القنيطرة، وعاملا على عمالة الرباط .
يوم 07 فبراير 2019 ، عين جلالة الملك محمد السادس ، محمد امهيدية ، واليا على جهة طنجة – تطوان – الحسيمة وعاملا على عمالة طنجة – أصيلة .
يوم الخميس 19 أكتوبر 2023 ، عين جلالة الملك محمد السادس ، محمد امهيدية ، واليا لجهة الدار البيضاء سطات وعاملا على عمالة الدار البيضاء .
نبأ سار هنا …وغير سار هناك
الرأي العام الشمالي ( طنجة ، تطوان ، الحسيمة ) ، صعب عليه انتقال محمد امهيدية من شمال المغرب إلى الدار البيضاء ، واعتبر هذا الانتقال خسارة لجهة الشمال ، كما عبرت عنه المواقع والفعاليات الشمالية ، بالنظر إلى الدور الدينامي الذي لعبه ، تطبيقا للتوجيهات الملكية ، في الدفع بعجلة التنمية في طنجة مع تكريس صورة جدية لرجل السلطة من خلال نهج أسلوب التواصل مع شرائح المجتمع ، لتحسين وتوطيد العلاقة بين الإدارة والمواطن وزرع الثقة بتقريب المؤسسات من المواطنين ، إيمانا منه أن نجاح أي مشروع لا بد أن يتم في إطار من التشاور والتواصل مع كل الفعاليات السياسية والاقتصادية والشبابية والمدنية ومختلف شرائح المجتمع ، أفرادا وجماعات ، بغية الإنصات إليهم وإشراكهم في اتخاذ القرار عند الاقتضاء .
ويسجل الفاعلون الجمعويون بتقدير كبير للوالي امهيدية انفتاحه على المجتمع المدني الذي فتح له باب مكتبه. ويسجلون له أيضا ، الحضور الميداني والاطلاع في عين المكان على القضايا التي تشغل المواطنين ، وهذا ما يعطي لسياسة القرب معنى حقيقيا .

error: