المركز الثقافي بخنيفرة يستضيف عبدالصمد حدوشي حول الموروث المادي واللامادي في تاريخ المجالين التادلي والزياني

70٬545
  • أحمد بيضي
في إطار برنامجه “ضيف الشهر”، استضاف “المركز الثقافي أبو القاسم الزياني”، بخنيفرة، عشية يوم السبت 21 أكتوبر 2023، الشاعر والباحث في التراث الثقافي، ذ. عبد الصمد حدوشي، في محاضرة قيمة تحت عنوان: “الموروث المادي واللامادي: نماذج من تاريخ المجال التادلي والمجال الزياني”، وتميز اللقاء بحضور نوعي من المهتمين والفاعلين المحليين، وسجل تفاعلا ملحوظا مع مضامين المحاضرة الغنية بالمعطيات والوثائق التاريخية، وبالأسئلة والمقاربات المجالية، وقد افتتحت أشغال هذا اللقاء بكلمة لمسؤول المركز، المصطفى فروقي، تناول فيها تعريفا بالضيف، شاعر وباحثا، ومساهما في الملتقيات الفكرية والثقافية والعلمية والبرامج التلفزيونية.
وانطلق الباحث ذ. عبدالصمد حدوشي من كائن الإنسان الذي “حل على المجال ضيفا”، واعتباره “موضوعا طبيعيا بلغة الانتماء والصراع والتدافع والاستجابة للحاجات الفطرية”، واعتباره بالتالي “الكائن الذي قام بتسمية الأمكنة وبدونه لا قيمة لهذه الأمكنة على مدى التاريخ”، من هنا انطلق المحاضر بورقته لتفكيك المجال الرابط بين بين المجالين الزياني والتادلي، على ضوء سؤال: “هل نحن أمام مجالين مستقلين أم موحدين؟”، مقابل تركيزه على وحدة القبيلة وتوزعها بين مكونات وتجمعات وتحالفات بشرية، وعلى ذاكرة الأمكنة التي “أضحت من مسالك الباحثين”، فيما انتقل للحديث عن “إرادة الانسان على الأرض ومحاولات الضغط على صراعاته”.
كما تطرق ذ. حدوشي لمجال تادلا بين التقلص والتمدد، وموقعه وحدوده الجغرافية، وكيف “يستحيل على الإنسان تجزئة كل مجال يكون محدودا”، لينتقل للحديث عن “القبائل ومظاهر الترحال والطبيعة الموحدة للمجالات والانتساب المطابق للوجدان العاطفي”، وعن نمط عيش السكان، ونمط الرعي وظروف تقسيم مناطق لا تقل عن “أزغار” الزيانية التي يعتبر الرعي بها “مصدرا لما يفرضه نمط العيش المعتمد على الترحال”، فيما قرأ في بعض المظاهر الطبيعية ملاحظات خاصة، ومن ذلك الجبال التي رآها “أقل علوا بمناطق زيان مقارنة مع علو جبال مناطق تادلا”، قبل توقفه لاستعراض حدود وجغرافية زيان بناء على الدراسات الجغرافية والكتابات التاريخية.
وعلى مستوى آخر، تناول ذ. حدوشي “موقع المجالين وحضورهما في الصراع على السلطة بين أشراف تافيلالت والزاوية الدلائية”، وتمرد القبائل على المخزن، وأساليب العقاب الذي تعرضت إليه، فيما قام باستعراض بعض القناطر التاريخية التي لا تقل عن “قنطرة دشر الواد”، كما ببسط “تاريخ الصراعات التي شهدتها قبائل بلاد زيان”، وما توافد على هذه البلاد من “أشراف تافيلالت واستقرارهم ببعض المناطق مثل تاسكارت ولهري في إطار ما عرف عن الأمازيغ من ثقافة التعايش والتلاقح”، حيث لم يفت المحاضر التذكير ببعض المناطق الناطقة بالعربية ببلاد زيان، ومنها مثلا سيدي بوعباد، سيدي محمد امبارك، لهري وتسكارت.
وضمن محاضرته الغنية، تطرق ذ. حدوشي لما يتعلق بالأساطير التي نسجت حول بعض الأودية، ومنها مثلا “مجرى فرعون”، ضواحي خنيفرة، والذي “تمت تسميته بهذا الاسم لقوة مياهه ورهبة مكانه”، بينما تحدث عن “معركة بطن الرمان” التي انهزم فيه الدلائيون، و”عن رؤية الباحث محمد حجي على أنها وقعت بشمال الزاوية الدلائية غير أن الأبحاث جادلت في ذلك بناء على تشكيكها في احتمال وصول جيوش المولى الرشيد لهذه المنطقة، وأن المعركة وقعت ب “أم الرمان” وليس “بطن الرمان”، ليتوقف المحاضر للحديث عن حياة شخصية أبي الحسن اليوسي كرمز لروابط المجالين التادلي والزياني، ورسائله الشهيرة للمولى إسماعيل.
وعلاقة بموضوع المحاضرة، حرص ذ. حدوشي على التطرق لمجال الأطلس المتوسط، و”ما شهده من تفاعل بارز لكائنات قبلية وتدافع اتخذ أحيانا شكل صراع بررته دوافع الرغبة في الهيمنة على أسباب العيش أو الصراع على الزعامة أو الموقف من السلطة الحاكمة (المخزن)، مما حدا بها إلى التكتل لتحقيق هامش تفوق مجالي وديمغرافي وسياسي، وقد وُسمت هذه التحالفات، يضيف المحاضر، بتأرجحها مدا وجزرا، في تماسكها ونجاعتها ومقاومتها أسباب انحلالها”، ذلك قبل إشارة المحاضر ل “فازاز” كمنطقة جغرافية وتاريخية، ولمصدر اسمها الذي كان يستعمل عموما للإشارة إلى الأطلس المتوسط، ومستشهدا في ذلك بما جاء في كتاب “الاستقصا” للناصري.
error: