وفاة غامضة لمواطن بخنيفرة، بعد تهريبه إلى مصحة بأزرو، تعيد طبيباً لأضواء الاتهام وتتحول إلى قضية رأي عام

957٬873
  • أحمد بيضي

أثارت وفاة غامضة لمواطن بالمستشفى الإقليمي في خنيفرة، بعد أقل من أسبوع من “تهريبه” إلى إحدى المصحات الخاصة بمدينة أزرو، من طرف طبيب اخصائي في أمراض الأنف والحنجرة والأذن، موجة غضب وسط عدد من الفعاليات الحقوقية والجمعوية بالمدينة، حيث جرت عملية “التهريب الشجع” لهذا المواطن (إسماعيل اليوسفي)، وإخضاعه لعملية جراحية أصيب إثرها بشلل، بعدها تقدم لمستشفى خنيفرة ليلفظ أنفاسه الأخيرة في ظروف مسيجة بسلسلة من علامات الاستفهام التي تستدعي فتح تحقيق شفاف وإطلاع الرأي العام على نتائجه.

وأمامها ظهر أفراد من أقارب المتوفى يطالبون بالتحقيق في ملابسات الوفاة، وبتحديد المسؤولية فيها، وكذلك في ظروف إجراء العملية ليلاً، وفي أجواء قيل بأنها “تفتقر للشروط المطلوبة”، بما فيها “تكليف ممرض بعملية التخدير عوض طبيب مختص”، حسب مصادرنا التي زادت فأفادت أن المعني بالأمر “تم السماح له بالخروج من المصحة صباحا، أي بعد تسع ساعات فقط من خضوعه للعملية”، وهو ما بلغ ملفه لمكتب وكيل الملك لدى ابتدائية خنيفرة، الذي وضع الأمر بعين الاعتبار الفوري.

ووفق المعطيات الأولية، فتحت الشرطة القضائية بخنيفرة بحثا قضائيا، بتعليمات من وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، بغاية تحديد ظروف وملابسات وفاة المعني بالأمر، وذلك بانتقال فريق من هذه الشرطة للمصحة المعلومة، مرفوقا بعناصر من شرطة أزرو، لتكوين ملف كامل وشامل بكل التفاصيل والمعلومات المتعلقة بالموضوع، بما في ذلك الملف الطبي للمتوفى، وما يرتبط بكل الظروف التي خضع فيها للعملية الجراحية، كما بالقاعة المخصصة للعمليات قصد الوقوف على مدى مؤهلاتها الصحية والبشرية.

وأكدت مصادرنا قيام وكيل الملك بمحكمة خنيفرة بربط اتصالات متسارعة مع نظيره بمحكمة أزرو، ومع المندوب الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، في سبيل جمع ما يمكن من المعطيات على قاعدة متكاملة قد تشمل رأي الهيئة الوطنية للأطباء بهدف التأكد من وجود خطأ أو إهمال طبي مفضي للوفاة، مع تعميق البحث في حيثيات تهريب المريض من مستشفى عمومي إلى مصحة خاصة خارج الإقليم، وإخضاعه لعملية جراحية تحت جنح الليل، رغم بساطة العملية، إلى جانب دواعي السماح له بمغادرة المصحة.

وارتباطا بذات النازلة، ما تزال التحقيقات والتحريات جارية في كل الاتجاهات للحصول على ما يمكن من الأدلة والتقارير التي يمكنها تحديد المسؤوليات القانونية والطبية والعلمية، والوقوف أكثر على ملابسات تعرض المواطن المذكور لحالة الشلل التي عجلت بوفاته، وبينما تم الاستماع لأسرة المتوفى تقرر الاستماع لأقوال الطبيب في موضوع الوفاة المشبوهة، وخلفيات انتهاكه للقانون 13/131 المنظم لمهنة الطب، وللظهير رقم 1-58-008، بشأن النظام الأساسي الذي يمنع أطباء القطاع العمومي من الاشتغال في المصحات الخاصة.

وبينما تجري متابعة تطورات ملف القضية من طرف هيئات حقوقية محلية وجهوية، عاد الحديث مجددا عن قضية كانت قد بلغت للقضاء والأمن، وتتعلق بمواطنة فات لها أن خضعت، في الفاتح من فبراير 2022، لعملية جراحية على مستوى الأنف، من طرف نفس الطبيب المشار إليه، ولم تكلل بالنجاح، حيث تعرضت، بعد أقل من ثلاثة أيام، لنزيف حاد لم تنفع معه لا الأدوية ولا حتى الاتصالات العقيمة بالطبيب المعلوم، قبل استفحال حالتها، ما أجبر زوجها على نقلها للمركز الاستشفائي الإقليمي، في السادس من فبراير، لتلقي العلاجات الضرورية.

وبقسم المستعجلات، ونظرا لما تتطلبه حالة المواطنة من تدخل طبي مستعجل، جرى الاتصال بالطبيب المعلوم، باعتباره المعني بالمداومة في تخصصه ذلك اليوم، والمعني أساسا بحالة مريضته، ورغم كل الاتصالات الهاتفية به، سواء من طرف الزوج أو طبيب المستعجلات أو أسرة التمريض، أبى إلا التخلي عن مريضته، دون تفاعل ولا مساعدة تقتضيها القوانين الإنسانية، وكم كانت مفاجأة الزوج صادمة لما طالب منه هذا الطبيب، مرة أخرى، بالعمل على نقل الزوجة المريضة إليه بإحدى العيادات الخاصة، ليعمد بعدها إلى إغلاق هاتفه.

ولم يكن غريبا أن يحمل الوضع بمدير المستشفى إلى إحالة المريضة على المستشفى الجهوي ببني ملال تفاديا للأسوأ، علما أن الرأي العام المحلي سبق له أن تداول قصة “تسلل” نفس الطبيب للمركب الجراحي، صحبة زوجته، لإجراء عملية سرية على مواطنة كادت أن تلفظ أنفاسها الأخيرة بسبب خطأ فادح في عملية التخدير لولا “صدفة الحظ” على يد طبيب الإنعاش، هذا الأخير الذي سارع إلى إشعار الإدارة بالواقعة، وكل هذه الملفات بلغت علم الشرطة التي قامت بأدوارها تحت إشراف النيابة العامة المختصة.

error: