أحداث الملاعب الجزائرية عنوان بارز للاحتقان الحاصل في المجتمع

24٬892

أصبحت ملاعب كرة القدم الجزائرية منذ سنوات مسرحا لأعمال عنف وصلت حد القتل، دون ان يتمكن أحد من ايقاف هذه الظاهرة التي تعكس بحسب متخصصين مدى الاحتقان لدى الشباب الذي فقد الأمل بالمستقبل.

وبلغت خطورة هذه الظاهرة أوجها بمقتل لاعب نادي شبيبة القبائل الكاميروني ألبير إيبوسي على أرض الملعب بسبب مقذوف ألقي من المدرجات.

وبعد انحسار الصدمة التي خلفها الحادث ونقاشات وتحليلات طويلة وحملات واسعة قادتها السلطات من أجل اللعب النظيف والتسامح في الملاعب، عاد العنف من جديد ليصنع الحدث مع نهاية كل أسبوع.

وأفادت وكالة “فرنس برس” الإخبارية عن مراسلها من الجزائر قائلة، بأنه لا تكاد تخلو مرحلة في دوري كرة القدم خلال الأعوام الماضية من حادث عنف بين اللاعبين او بالاعتداء على الحكام او في المدرجات بين المشجعين أو مع قوات الامن أو حتى اجتياح الجمهور لأرض الملعب.

وأضافت، بأنه لم تنجح العقوبات المتكررة للنوادي بحرمانها من اللعب أمام جمهورها أو نقل مبارياتها إلى ملاعب بعيدة، في القضاء على الظاهرة.

وفي ديسمبر، قتل مشجع خلال لقاء بين ناديين هاويين في القسم الخامس من ولاية سطيف (شرق)، وسقط عشرات الجرحى.

وفي منتصف أبريل، أصيب اكثر من 100 شخص في قسنطينة على هامش نصف نهائي كأس الجزائر بين مولودية الجزائر وشبيبة القبائل، ما دفع السلطات الى تشديد اللهجة والوعيد “بالتصدي الصارم” و “وضع حد لهذه الظاهرة..”. وقامت وزارة الداخلية بتشكيل لجنة تحقيق في هذه الأحداث لكن نتائج عملها لم تظهر بعد.

ويوضح أستاذ علم الاجتماع والباحث في جامعة الجزائر 1 نور الدين بكيس ان “المراقب للعنف في الملاعب يلاحظ انه لم ينقطع يوما في السنوات الأخيرة، وإنما يتناسب حضوره مع مستوى الاحتقان الحاصل في المجتمع. وجمهور الملاعب يعكس مستوى هذا الاحتقان”.

ويضيف لوكالة “فرنس برس” ان اختيار الشباب للملاعب كفضاء للتعبير سببه “سوء تنظيم المجتمع وغياب مؤسسات حقيقية قوية تؤطر الفئات الشابة”.

ويعاني 30 بالمئة من الجزائريين بين سن الـ 16 و24 عاما من البطالة، بينما تسيطر الدولة على كل مقاليد المجتمع في ظل ركود سياسي وانتشار الممنوعات مقابل غياب فضاءات الترفيه.

ويشير بكيس الى ان “الملاعب كانت ولا زالت الفضاء الاكثر تحررا من السلطة للتعبير الصادق عن واقع المجتمع والتناقضات التي يختزنها”.

ويتابع “عنف الملاعب امتداد للعنف المنتشر في المجتمع لكن بمستوى أكبر لأن الفئات الشابة التي ترتاد الملاعب تختزن كما هائلا من العدوانية جراء الشعور بالعجز عن تحقيق ذاتها، ما يولد اليأس الذي يولد بدوره العنف”.

وبرأي الباحث بكيس ان “الملاعب تعيش أحداثا تتجاوز حدود النتائج الرياضية فهي تعكس مطالب المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفي نفس الوقت تبرز بوضوح مدى الاحتقان الحاصل في المجتمع” الجزائري.

error: