مغرب القرويين يغيب عن لائحة أفضل الجامعات والصباني يستحضر الأسباب ويدعو إلى الشروع في الإصلاح…

73٬945

مغرب القرويين الذي احتضن أول جامعة بالعالم ليسبق بذلك كبرى الدول بقرنين، هو نفسه الذي لم تتمكن جامعاته على الأقل من ضمان مركز لها بلائحة العشر الأوائل عربيا في تصنيف مجلة “تايمز هاير إيدوكايشن” مكتفيا بالمرتبة 43 خلف جامعات دول الخليج التي هيمنت على المراكز الأولى بعد شروطها في إعطاء أولوية وأهمية للجامعة والبحث العلمي وتطوير الإبتكار وتعزيز التمويل ونهج أساليب تواكب تطور الأنظمة الجامعية على الصعيد الدولي.

جمال الدين الصباني الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العالي، عزى تراجع الجامعة المغربية إلى اتباع النظام الفرنسي الذي همش دور الجامعات واستبدله بمدارس التخصصات بعد ثورة نابليون نتيجة حسابات سياسية لا علاقة لها بما هو أكاديمي، مشيرا إلى أن هنالك  نظامين للتعليم العالي، نظام الكرة الأرضية وآخر نشاز وإستثناء هو فرنسا ومستعمراتها لإعتمادهم مدارس غير تابعة للجامعة هذه الأخيرة التي لا تهتم بما يروج بالعالم السوسيو اقتصادي، وأنه في جميع دول العالم باستثناء فرنسا ومستعمراتها تجد أن جميع التكوينات ما بعد البكالوريا تكون داخل الجامعة التي تهتم بتأهيل وتكوين العنصر البشري.

كان علينا العمل على إصلاح جامعة القرويين عبر إدخال الطرق والتقنيات الجديدة..

وعكس ما وقع في فرنسا التي عرفت حكومة ثورية وجامعات محافظة أشار الصباني إلى أن المغرب عرف حكومات محافظة وجامعات ثائرة وغير موثوق بها وهو ما دفعها أيضا إلى أخذ نفس الإتجاه والتسويق لهذه الخلفية السياسية تحت ذريعة أن الدراسة بالجامعة صعبة وأن مغربة الأطر تسير ببطئ كبير، وحتى تكوين الأساتذة لم يكن بالجامعة، كل هذا أدى إلى تهميش الجامعة، معتبرا أنه كان من الأجدر أخذ ألمانيا التي اقدمت على مجموعة من الإصلاحات الواضحة، نموذجا، والعمل على إصلاح جامعة القرويين عبر إدخال الطرق  والتقنيات الجديدة.

للأسف ابتلينا بفرنسا وبنظامها والاستعمار ليس باختيار…

ونبه المسؤول النقابي إلى أن المغرب ليس هو الوحيد الذي لا يتصدر القائمة بل فرنسا أيضا ليضيف قائلا :” للأسف ابتلينا بفرنسا وبنظامها والاستعمار ليس باختيار..”، مشيرا إلى أن الاستعمار الفرنسي أضعف التعليم بالمغرب بحيث أنه بالمغرب كله كان هنالك بين 200 وال 300 طالب مغربي بينهم طالبتين فقط، أما الآن فهنالك مليون و300 طالب وأكثر من 50 بالمائة هن طالبات، مما يعني أن المغرب كان يعرف تحديا كبيرا في عدد الطلبة الذين يقومون بدراسات عليا ليتابع قائلا:”اليوم تقدمنا في نسبة العدد لكن الطريق لازال طويلا”.

أما عن الجانب المادي فقد اعتبر الكاتب العام لنقابة التعليم العالي أن الميزانية المخصصة لهذا القطاع لا تتساوى مع غيرها من بعض جامعات العالم، كما لا يمكن مقارنة الجامعات الخليجية التي تبوأت صدارة القائمة والتي لديها القدرة المادية، مقارنة بالمغرب الذي بدأ منذ زمن في شق طريقه لبناء نظامه التعليمي.

الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمادة 12 من القانون الإطار

وعن سبل تطوير وإنجاح الجامعة المغربية والتعليم العالي فإنها تنبني على عدة مرتكزات (يضيف الصباني )، وتبدأ من توحيد التعليم بحيث أن جميع التكوينات ما بعد البكالوريا يجب أن تكون داخل الجامعة، مستشهدا بالشعار الذي رفعته نقابة التعليم العالي “المدخل الوحيد للإصلاح هو توحيد التعليم العالي في إطار جامعة موحدة المعايير ومتعددة الاختصاصات”، مشيرا إلى أن هذا الشعار لم يكن مجرد حديث حزب يساري معارض ونقابة بل أضحى يتمثل في الميثاق الوطني للتربية والتكوين والمادة 12 من القانون الإطار المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، هذه المادة التي يجب الأخذ بها لتأكيدها على ضرورة اعتماد نظام بيداغوجي يستجيب لمتطلبات التنمية الوطنية، وينفتح على التجارب الدولية، مع توفير الوسائل والإمكانات المناسبة لتطبيقه وتطويره بكيفية مستمرة ودائمة، ووضع خارطة وطنية استشرافية للتعليم العالي.

الإصلاح لن يقوم بين ليلة وضحاها لكنه يحتاج أيضا يحتاج إلى إرادة سياسية…

كما شدد عضو المكتب الوطني لحزب الإتحاد الإشتراكي على أن كل هذا الإصلاح لن يقوم بين ليلة وضحاها بل يحتاج وقتا وجهدا، لكنه يحتاج أيضا يحتاج إلى إرادة سياسية من أجل البدء بهذا الإصلاح، داعيا الحكومة إلى العمل بالمادة 12 والبدء في الإصلاح، قائلا:” على الأقل يجب أن نبدأ في إيجاد الحل فهنالك فرق بين أن الشروع في إصلاح هذه الوضعية الصعبة وبين أن نخفيها ونعمل على أمور أخرى”.

بدوره قال مدير مركز البحوث التربوية بجامعة قطر “عبد اللطيف سلامي”، أن السعودية نجحت في افتتاح جامعات جديدة وكان الهدف الأولي هو توفير القراءة والكتابة ومع ذلك انتقلت منذ ذلك الحين إلى استخدام التعليم العالي لتوفير اقتصاد المعرفة كجزء من بناء الأمة، مسلطا الضوء على التركيبة السكانية ونماذج التعليم ولغات التدريس المختلفة، وأن النموذج الأمريكي للتعليم ساهم في هذا التفوق في مقابل تراجع دول شمال إفريقيا مثل المغرب ومصر والأردن وتونس، التي تشكلت بإرث الاستعمار الماضي لذلك اتجهت نحو نماذج التعليم الفرنسية والهولندية والبلجيكية، كما أن الجامعات استمرت بالتدريس باللغة العربية عكس الجامعات الدولية والخاصة الأحدث التي اعتمدت اللغة الإنجليزية.مغرب القرويين الذي احتضن أول جامعة بالعالم ليسبق بذلك كبرى الدول بقرون عديدة، هو نفسه الذي لم تتمكن جامعاته على الأقل من ضمان مركز لها بلائحة العشر الأوائل عربيا في تصنيف مجلة “تايمز هاير إيدوكايشن” مكتفيا بالمرتبة 43 خلف جامعات دول الخليج التي هيمنت على المراكز الأولى والتي أعطت أهمية للجامعة والبحث العلمي وتطوير الإبتكار وتعزيز التمويل ونهجت أساليب تواكب تطور العالم.

error: