أسماك ليس لنا حق التلذذ بطعمها.. من المستفيد من خيرات المغرب البحري متوسطيا؟ وأطلسيا؟ 

22٬175

محمد رامي
وكأنني بالمغاربة يمتنعون طوعا عن استهلاك السمك، فقبل سنوات أطلقت الوزارة الوصية على قطاع الصيد البحري ببلادنا ، حملة تحت شعار «الحوت للصحة مصلحة .. حوت بلادي من خير بلادي»، تدعو من خلالها المغاربة وتحثهم على تناول الأسماك وتبين لهم عبرها المزايا الغذائية للسمك..
الحملة التي أثارت الاستغراب أنذاك ، جعلتني أتساءل هل  المغاربة يمتنعون طوعا عن استهلاك السمك أوالحوت بحسب الوصلة الاشهارية؛ وكأن المغاربة لا يعرفون فوائد استهلاك السمك؛ أو أنهم يتحاشون زيارة أروقة بيع الأسماك في الأسواق ترفعا عن منتوج الواجهتين البحريتين للوطن؟
هنا أجدني أتساءل مرة أخرى مادام التساؤل ليس بجرم يعاقب عليه الفرد؛ حيث يحق لنا أن نستفسر عن سبب حرمان المواطنين من التلذذ بطعم السمك بأسعار معقولة.؟
يحق لنا معرفة سبب غياب الأسماك، بمختلف أنواعها ، عن موائد شريحة كبيرة من المواطنين والذين لا يعرفون من السمك أو الحوت، كما نسميه بالعامية المغربية، إلا السردين، الكابيلا، الشرن ، السمطة، ويسمعون عن سمك يسمى الصول، الميرلان والكروفيت وآخر يسمى لالوت، لاترويت، يرونه معروضا للبيع أمامهم لكنهم لا يتجرؤون على الاقتراب منه خوفا من لهيب يحرق جيوبهم ويأتي على كل مصروف الأسبوع وربما الشهر ؟
ومَن مِن المغاربة يعرف أنواع الأسماك الممنوع عليهم تناولها لغلاء سعرها من أمثال: العنفوز، شماهي، عوم، نقرور، صبور، خباط، لسان ثور، الباراكودا، سمك موسى، جاندوفلي… وهي أسماك لا تجد طريقها إلى الأسواق المغربية بالمرة؟
هناك العديد من المنتوجات البحرية ، والتي تزخر بها الشواطئ المغربية من أسماك ورخويات وصدفيات والقشريات والأسماك الطائرة، والسبب الحقيقي لارتفاع أسعار السمك بأكثر من عشرة أضعاف السعر الأصلي عند البحارة، يعود إلى “تواطؤات  جهات تغتني على حساب المواطنين والبحارة المهنيين على حد سواء”.
أليس من المفارقة أن نتوفر على شريط ساحلي يمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى المحيط الأطلسي جنوبا ونعتبر تواجد السمك فوق موائدنا نوعا من رغد العيش؟
أليس من المؤسف أن تلتهب أسعار “الحوت” طوال السنة وبمستويات قياسية خلال شهر رمضان من كل سنة لتزايد الطلب عليه؟
الثروة السمكية المغربية «مهربة»، فمن أصل 842 نوعا من الأسماك ، فإن المغاربة في المدن الساحلية لا يعرفون إلا 20 نوعا في حين لا يعرف المغاربة في المدن الداخلية إلا عشرة أنواع، ويضيف قائلا فالمغاربة لا يستمتعون بهذه الثروة الهائلة من الأسماك و 75 في المائة من المنتوج البحري يتم القضاء عليه من قبل الأساطيل الأجنبية والتي تساهم في تدمير البيئة البحرية والقضاء بصفة نهائية على الثروة السمكية.
فهناك أنواع من الأسماك انقرضت بالفعل ( الصنور، الشابل، الميرلان الحقيقية، الدرعي) وهناك أنواع في طريقها إلى الانقراض ( الصول لحرش و15 نوعا من الصول، الرخويات، باجو الكبير أو ما يطلق عليه رجال البحر «شامة») وهناك أنواع كانت لا تستهلك لرداءتها فارتفع الطلب عليها (السمطة)
إنهم أثرياء البحر الذين لم يتركوا للبحارة البسطاء إلا الفتات مما تخلفه شباكهم من أسماك، إنهم أباطرة المصايد الذين لم يتركوا للمواطنين فرصة للتلذذ بطعم أسماك تسبح في مياهنا الإقليمية وليس لنا الحق في التلذذ بطعمها، بل حتى تلك الأسماك التي تفضلوا ، جازاهم الله عنا خيرا ، وطرحوها في الأسواق بأسعار غير معقولة، فإنها أحيانا تكون فاسدة ولا أدل على ذلك الأخبار الواردة من هذه المدينة الساحلية أو تلك ؛ فجميعنا يتذكر عندما حجزت لجنة المراقبة التابعة لولاية أكادير أزيد من خمسة أطنان من السمك من مختلف الأنواع غير صالحة للاستهلاك؛ وقبلها حجزت السلطات المختصة بمدينة الدارالبيضاء أطنانا من السمك كانوا يستعدون لعرضها على المستهلك.
ترى، كم من الأطنان من مثل هذه الأسماك الفاسدة وجدت طريقها إلى المستهلك ولم ترقبها عين الرقيب؟
الأكيد أن ما يتم الإعلان عن حجزه ، بين الفينة والأخرى ، ليس إلا النزر القليل مما يمكن أن يكون قد تسرب خلسة إلى مطابخ الأسر المغربية؟
إن للبحر أسرار عميقة لا يعرف عنها المغاربة إلا بعض ما يطفو على السطح…

error: