رسالة الاتحاد.. 8 مارس: لحظة ترقب حافلة بالوعود!

12٬079

فتح جلالة الملك، مجددا، ورش إصلاح ومراجعة وتعديل مدونة الأسرة، وفتح بذلك أفقا إيجابيا، كما تعودنا منذ اعتلائه العرش، تترقبه مكونات الأمة، وفي قلبها النساء. ولعل مناسبة الاحتفال بثامن مارس لهذه السنة لحظة استشراف مشروعة لروح ونص التعديلات الضرورية التي صارت تتطلبها مدونة الأسرة،… وهي تعديلات حدد ملك البلاد سقفها المرتفع منذ التعديل الكبير، عندما أعطى انطلاقتها الأولى في 2004 ثم جدد، من بعد، الروح الإصلاحية التي يستوجبها تطوير ترسانتنا القانونية لكي تليق بالمستقبل المغربي المشرق. ويجدر بنا َاَلتذكير أن المرتقب من الدينامية الجديدة.

هو إصلاح بنفس ثورٍّي، باعتباره قاعدة الإرادة الملكية في تثوير البنيات الأسرية لتساير ما يتحقق في الواقع وتجاوز ما يكبحه الواقع ذاته، وهو في الوقت نفسه مطلب ملح للقوى العاملة من أجل الإصلاح، وفي قلبها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
ولعل التاريخ المغربي الحديث يسجل بأن مطالب الحركة النسائية والارتقاء بالقضية النسائية إلى مرتبة شرط الوجوب في بناء المجتمع الديموقراطي العادل، كان وسيظل من صميم الهوية الإصلاحية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. فلم تكن القضية النسائية مجرد بند ملحق بالمشروع الإصلاحي الكبير الذي دافع عنه الاتحاد، بل كان في قلب سرديته الكفاحية ومسيرته النضالية الطويلة، وشرطا إجباريا لبناء الوطن العادل والديموقراطي الحداثي والمواطن والمواطنة الحرين الكريمين القويين.
ولعل من عناصر التفاؤل بمستقبل المغرب أن تكون الأجندة الإصلاحية، التي دفع الاتحاد الثمن باهظا من أجل زرعها في التربة الوطنية، وتبيئتها كمقوم من مقومات المجتمع المنشود، مشروعا لكافة مكونات الأمة، الملتفة حول تحديث البلاد، واستكمال التعاقد الوطني القائم على تحرير الوطن والمواطنين وبناء المؤسسات، وتوفير شروط النهضة المجتمعية. وقد نظر الاتحاد باستمرار إلى القضية من زاوية الحرية والعدالة، اجتماعيا ومجاليا ، وجعلها من صميم هويته، بما هي ُسَّلم قاعدة إنسانية وحضارية في التمييز بين المشاريع ذات الحمولة الحضارية المتجهة إلى المستقبل، وبين المشاريع الراكدة، والرابضة في المرجعيات الماضوية، والتحقيرية للنساء.
ويرفض الاتحاد، بناء على هذه المسَّلمة، أَّي عودة بمكانة المرأة إلى ماضوية كابحة أو محافظة مكِّبلة، تنفي ماتحقق،وتحجُرعلىالقوةالحيويةللبلاد،وقدصارت، بشهادة العالم ، نموذجا في تدبير كل الإشكالات الكبرى بَنَفس إصلاحي ،عقلاني وديالكتيكي في الوقت نفسه. ونحن إذ نذكر بما قاله الكاتب الأول لحزبنا بأننا، هنا والآن، جاهزون للإعلان عن مواقفنا وقناعاتنا تجاه هذا الورش الهام، « ندرك أن ذلك تم ويتم، بوضع أعلى سقف إصلاحي تتطلبه المرحلة، ويتطلبه التفاعل الجدلي مع واقع تحرري تعيشه المرأة المغربية، وواقع آخر مناهض لحيويتها في الوقت نفسه، ويجدر بنا تجاوزه.
إن الاتحاد، بأذرعه النسائية والشبابية والحقوقية والمدنية، قد شارك في النقاش المجتمعي الذي تطلبه الإصلاح، وثابر في إشراك كل مكونات الحقل الوطني ذات الصلة بالمجتمع، وخلق تيارا مجتمعيا مهيكلا داخل المغرب لفائدة الإصلاح ومساندا للإرادة الملكية في تحقيق القفزة المطلوبة اليوم، بما يعنيه من تفعيل للهندسة الدستورية ذات الصلة بقضايا المرأة، وتأهيل مؤسساتي يتجاوز معيقات التدبير الإداري والقضائي لقضاياها، والتحريض الثقافي والفكري على تجاوز البنيات الذهنية المنغلقة، والتي تجر المغرب إلى الوراء، مدركا بأن كل لحظة إصلاح هي موعد مع التاريخ، سابقا أو لاحقا، سيكون من الخطير إخلافه، أو إضاعته بسبب التساهل أو التنازل للنكوصيات المتحجرة الرامية إلى إفراغ الإصلاح من مضامينه الإنسانية والتحررية.
إن فلسفة التشاورية التي دعا إليها جلالة الملك في خطاب العرش، كان هدفها واضحا، وهو أن تكون آلية تنبني على اعتماد الاعتدال، وليس التطرف الذاتي أو الطائفي، وعلى الاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، لا على الفكر الواحد والتأويل الواحد والرأي الواحد، كما نلمس ذلك في الكثير من الأطروحات التي تريد أن تستبد بالفضاء العمومي لفائدة الاحتقان و«التوتر» و«الانشقاق» داخل الكتلة المجتمعية الواحدة. لقد كان جلالته واضحا «بأنه إذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية، لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق، تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها»، وعليه فمن المنتظر أن تكون نتائج هذه المشاورات قد تبلورت، في شكل مقترحات تعديلات، تقدم إلى جلالته وتفتح للنقاش المؤسساتي مساطره ومساراته
الذاهبة ….. نحو المستقبل كما تتوافق عليه البلاد.

الاتحاد الاشتراكي

error: