يعد الصادق الرغيوي أحد قادة العمل النقابي التعليمي بالمغرب بتحمله الكتابة العامة لقطاع واسع من نساء ورجال التعليم، وأحد الوجوه التي خلفت بمنصبها هذا، أسماء وازنة حملت مسؤولية قيادتها، كالقائد المرحوم عبد الرحمان شناف مثلا، الرمز التاريخي للحركة الاجتماعية والسياسية بالمغرب.
حان الوقت للمناضل النقابي الصادق الرغيوي أن يستريح من تعب الصراع النقابي داخل صفوف الشغيلة التعليمية، بعد الاتفاق التاريخي الذي وقعه مع الحكومة، والوصول إلى نظام أساسي جديد بعد خمس أشهر من عدم الاستقرار داخل منظومة التعليم بالمدرسة العمومية، وبعد مسار حافل طويل من التدرج داخل الجسم النقابي للتعليم منذ تخرجه سنة 1989 وتعيينه بسكورة إقليم ورزازات.
هذا الابن الريفي الصلب، الذي رأى النور بقرية « اموكزان « سنة 1960 بالحسيمة، من أب فلاح تعرض للسجن في عهد الاستعمار ولم يغادره إلا بعد الاستقلال، ومن أم والدها كان قائدا في جيش الزعيم عبد الكريم الخطابي.
الصادق الرغيوي تنقل بين مدن عديدة لمتابعة دراسته، بداية من العرائش حيث تابع دراسته الابتدائية، ثم فاس وتطوان والرباط، خلال مساره الثانوي والجامعي، ليتخرج من المدرسة العليا للأساتذة بمكناس كأستاذ التعليم الثانوي التأهيلي تخصص «الأدب العربي».
منذ طفولته وهو مشاغب ومشاكس، ملامح وجهه توحي بالصرامة، لكن ضحكته المجلجلة تؤشر على بشاشة ترافقه حتى في أصعب الأوقات، رجل حاسم في مواقفه ومبادئه، قاد الاتفاق الأخير بصبر وتحمل، بالرغم من الضربات العديدة التي تلقاها من مقربيه قبل خصومه. عندما يقتنع الصادق الرغيوي بالفكرة يعمل كل ما في جهده ومقدوره للدفاع عنها حتى تتحقق، داعم صلب لشركائه الاجتماعيين ومساند لهم لا يتوانى عن الوقوف إلى جانبهم. لا يحب الظهور وغير مكترث بالزعامات، يبقى ملاذه دائما هو لقاءاته مع الخصوم لتقريب وجهات النظر ومحاولة التجميع والتنازل عن أشياء رغم صواب رؤيته وفصاحة موقفه حتى « ينعم الشعب الشقيق» وتستمر مسيرة النضال في شق طريقها.
تربى داخل النضال، من شبابه، حيث أدى ضريبة النضال بترسيبه كتلميذ بعد تضامنه مع الأساتذة إثر الإضراب الذي دعت له المنظمة النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وتم فصل العديد من الأطر التعليمية والصحية، بالرغم من أنه جاء في المرتبة الأولى من بين زملائه التلاميذ، كما أنه دائم الحضور في جميع التظاهرات والمؤتمرات التي تنظمها CDT، كما أنه انخرط في الثمانينيات، في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب وتعرض للمطاردة لأشهر بعد الأحداث التي عرفتها مدينة تطوان سنة 1984.
كانت للصادق الرغيوي مهام داخل صفوف الشبيبة الاتحادية، حيث تحمل مسؤولية نائب كاتب الفرع بالعرائش إلى جانب حسن بكور سنة1978.
بمدينة الأنوار باريس، فاز الصادق الرغيوي ببطولة الشطرنج خلال المهرجان العالمي بمناسبة الذكرى المائتين (200) للثورة الفرنسية وصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن في غشت 1989، وكان قد شارك مع وفد الشبيبة الاتحادية التي اختارت شعار: « من أجل الحق الكامل في المواطنة « بمهرجان « باريس 1989 « وباعتباره رئيس نادي «الرائد» للشطرنج، وفي قلب باريس، وخلال ذات الحدث قاد تظاهرة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، كما فاز على ثلاثة أبطال للمغرب في مقابلات رسمية للجامعة الملكية للشطرنج سنة 1980.
تحمل الصادق الرغيوي مسؤوليات عديدة داخل صفوف النقابة الوطنية للتعليم العضو في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بانخراطه في صفوفها بعد التحاقه كأستاذ بورزازات، ثم كاتب فرع النقابة الوطنية للتعليم بالعرائش بعد انتقاله إليها، وكان كاتبا جهويا بجهة طنجة تطوان وعضو اللجنة الإدارية في المؤتمر الوطني السابع المنعقد بالمحمدية، وعضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم برئاسة المرحوم عبد الرحمان شناف سنة 2002، ونائب الكاتب العام برئاسة عبد العزيز إيوي في المؤتمر الوطني التاسع، ثم أخيرا تحمل مسؤولية الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، في 30 نونبر 2017، التي انشقت عن المركزية النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل سنة 2004 بتأسيس مركزية جديدة، بعد صراع كبير بين الأطر النقابية في التعليم والكاتب العام المرحوم نوبير الأموي، الذي تم الانفصال بينهما « بالهراوة «.
ساهم المناضل الصادق الرغيوي بجمع التبرعات المالية لشراء المقر الجديد، بشارع الدويري بالدار البيضاء، إلى جانب العديد من المناضلين النقابيين داخل صفوف رجال التعليم، (منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)، عبد الرحمان شناف، الفاضل الفوال، محمد المسعودي، الطيب منشد، عبد الهادي خيرات، عبد الرحمن العزوزي…بالإضافة إلى العديد من المناضلات والمناضلين، وجزء كبير من المساهمين بدون أن يُعرف أنهم ساهموا في شراء مقر النقابة الوطنية للتعليم وشاركوا في دعمها.
تربى الرغيوي على يد العديد من المناضلين النقابيين والسياسيين، يجيد الإنصات وممارس من الدرجة الأولى للتفاوض داخل رقعة الشطرنج التعليمي، يتشاور كثيرا، لا ينفرد بالقرارات، يفوض للإخوة محمد النويكة والحسين سنين، كبيرا المفاوضين وضميرا النقابة الوطنية للتعليم، الملفات الحارقة للتعليم(النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية) إلى جانب عضوات وأعضاء المكتب الوطني، في انسجام تام، كي تزدهر هذه الباقة الجميلة وتحقق مبتغى الفيدراليات والفيدراليين.
رجل هادئ صبور بشوش، يحترم الاختلاف، يتوارى إلى الخلف، غير متسرع، لا يحب الواجهة ،بالرغم من تأسيسه لـ» اتحاد النقابات بالمغرب العربي « سنة 2010 واستمر عضوا فيه لثلاث ولايات، وهو عضو اتحاد المعلمين العرب منذ 2009، كما كانت له تجربة بمجلس المستشارين كمستشار باسم المركزية النقابية الفيدرالية الديمقراطية للشغل (2009/2015).
فاز الصادق الرغيوي بمقعدين في انتخابات اللجن الثنائية المتساوية الأعضاء كمرشح للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل في اقتراع 16 يونيو 2021 فئة التعليم الثانوي التأهيلي بقطب طنجة العرائش شفشاون فحص أنجرة، وتوج مساره الحافل والمشرف بالوصول إلى اتفاق بالإجماع في الأسبوع الماضي بالقاهرة، لتنظيم مؤتمر اتحاد المعلمين العرب نهاية أبريل القادم بالمغرب، والذي ستنظمه النقابة الوطنية للتعليم (فدش).