“دار النسا”، مسلسل تلفزيوني بقصة محبكة وأداء فني ناجح

7٬958

يعد رمضان، إلى جانب كونه شهرا مباركا للصيام والقيام وتجسيد قيم التضامن والتعاون المتبادل، فرصة لاكتشاف أحدث الإنتاجات التلفزيونية خلال أوقات الذروة والناس متحلقون حول مائدة الإفطار.
هذه السنة، كانت السلسلة التفلزيونية “دار النسا”، التي تذاع مساء كل يوم على القناة الأولى، من أكثر البرامج متابعة من قبل المشاهدين، إذ استقطبت أكثر من 10 ملايين مشاهد.
وبلغت نسبة مشاهدة العمل، وفق المركز المهني لقياس نسب المشاهدة في وسائل الإعلام (CIAUMED)، خلال الفترة من 27 مارس إلى 2 أبريل ما يزيد عن 10,17 مليون مشاهد.
وقد حاز هذا المسلسل، الذي أخرجته سامية أقريو وكتبت له السيناريو بمشاركة مع نورا الصقلي وجواد لحلو، على إعجاب الجمهور بفضل اعتماده على التراث المغربي غير المادي الغني لإضفاء جمالية على الصورة وأيضا لإبراز فن العيش والمهارة المغربية.
بالفعل، فقد أبرز مسلسل “دار النسا” روعة المنسوجات والزخرفة التي تزخر بها الصناعة الحرفية المغربية، خاصة بجهة الشمال، عبر إدراج عناصر إبداعية متعددة فائقة الجمال لاسيما ما يتعلق بالمنسوجات، مثل الجلباب والقفطان و”الجبادور”، أو المنديل الذي زينت به الطاولات والأثاث المساعد ضمن الديكور.
وقالت الممثلة نورا الصقلي، في حديث مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إنه “إدراكا منا لثراء المهارة والصنعة المغربية، حرصنا على زخرفة مشاهد المسلسل بغلاف جمالي يستمد روعته من الصناعة التقليدية المغربية”، مضيفة أن “فريق الإنتاج كان واعيا بهذا الثراء وعمل على أن يكون كل مشهد من المسلسل يجسد بعدا جماليا من التراث المغربي”.
واعتبرت نورا الصقلي، والتي تجسد دور “أمينة”، إحدى الشخصيات الرئيسية في المسلسل، أنها “حرصت على نهج هذه المقاربة الجمالية منذ بداياتها المسرحية رفقة المخرجة والممثلة سامية أقريو”.
في معرض حديثها عن دور هذا العمل الفني في تسويق التراث الجمالي المغربي، شددت الممثلة على أهمية إبراز جمال وأناقة الزي المغربي الوطني لإلهام وحث الأجيال الشابة على استعماله بشكل يومي.
وأضافت أن “إبراز الأناقة المغربية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يقتصر على المناسبات الاحتفالية الكبرى، بل يمكن أن يجد مكانه في الحياة اليومية للمغاربة من خلال استبدال ملابسهم المنزلية بقفطان أنيق كما كان يفعل أسلافنا”.
وأكدت ممازحة أن “الأناقة المغربية لا يجب أن تقتصر على المناسبات الخاصة، بل يجب أن تصبح جزءا من حياتنا اليومية، كما كان يفعل أجدادنا”.
أما عن التمثيل، فقالت نورا الصقلي، وهي أيضا أستاذة فنون في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، أن السيناريو أتاح للممثلين تبني أداء رقيق يتأرجح بين الخفة والجاذبية، من أجل تخفيف الكثافة النفسية التي تتسم بها الشخصيات المتخيلة في المسلسل، موضحة أن “المسلسل، بقصته الغنية بالتحولات واللحظات الدرامية، يتضمن لمسات مسرحية لإضفاء بعض الخفة على الأحداث”.
وقالت إن هذه الخفة تجسدت مثلا في بعض الإيماءات والغمزات التي قامت بها، وهي تجسد دور أمينة، لوالدتها المسنة للا فطوم (الممثلة فاطمة ناجي) لحثها على ادعاء أنها تعاني وعكة ما.
من خلال تسليط الضوء على جوانب واقعية من المجتمع، يعتبر الفن التلفزيوني سفيرا للثقافة الوطنية، كما يساهم بشكل كامل في الترويج للتقاليد والاستلهام اليومي للمهارة والنبوغ المغربيين.
ويتجلى ذلك من خلال الاختيار الأنيق للملابس وللأثاث، أو في إعادة اكتشاف النمط المعماري التقليدي المغربي، مثل الرياضات، وهو ما يمكن أن يساهم في إبراز روعة التراث المادي واللامادي، وبالتالي التأثير إيجابا على سكان المدن العتيقة وحث الزوار على الاطلاع عليها.
وبالفعل فإن الحفاظ على هذه الجوانب الثقافية وتعزيزها يشكل قوة ناعمة ستسهم في الدينامية الاقتصادية لقطاع السياحة مع تعزيز الشعور بالهوية الثقافية.

error: