أقصت الحكومة حوالي مليون أسرة مغربية من الاستفادة من الدعم الاجتماعي المباشر، وهو ما أقرّت به وزيرة الاقتصاد والمالية التي أكدت بأنه تم التوصل بـ 4.4 مليون طلب استفادة في حين أن عدد الأسر المستفيدة حاليا يبلغ 3.64 مليون أسرة، معلّلة توقيف استفادة العديد من الأسر التي سبق لها وأن توصلت بالدعم المادي المتمثل في 500 درهم للأسرة، بكون الأمر له صلة بما تم وصفه «غشا في بعض المعطيات المدلى بها»، مبرزة أن الوضعية الشخصية لرب الأسرة لها تأثير على عتبة الاستفادة من الدعم.

وإذا كانت هناك فعلا حالات قد تم التأكد من وجود ما يمكن وصفه بـ «تلاعب» في تدبير المعطيات المتعلقة بها، فالأكيد أن هناك حالات أخرى بالمقابل أقصيت بالتأسيس على «معلومات خاطئة»، وهو ما يمكن التأكد منه بشكل واضح وجلي على أرض الواقع، فالعديد من الأسر التي تتكون من مسنين معوزين ومصابين بأمراض مزمنة مختلفة، لا معيل لهم ولا مورد يتوفرون عليه، قد وجد أفرادها أنفسهم محرومين من هذا المبلغ البسيط، الذي قد يشكّل نقطة ضوء محدودة المدى في بحر من العتمة، في ظل الواقع الاقتصادي والاجتماعي للمغرب الذي يغلب عليه الغلاء وارتفاع الأسعار وغيرها من المعيقات التي ترفع من معاناة الأسر الهشّة.

وإذا كان تصريح الوزيرة قد همّ الأسر التي تقدمت بطلباتها بشكل رسمي، فإن مواطنين آخرين لايزالون متواجدين داخل دائرة مظلمة بعيدا عن أضواء «كشّافات الحكومة»، ويتعلق الأمر بأشخاص لم يتقدموا بأي طلب لحدّ الساعة، من بينهم أرامل، ومسنّين، ومسنّات، يقطنون لوحدهم في غرف بسيطة داخل أحياء شعبية، يعيشون على تضامن الجيران معهم وعلى مساعدات أقارب أو أصحاب القلوب الرحيمة. مواطنون الكثير منهم بلغوا أشواطا جد متقدمة عمريا، لا حظ لهم من القراءة والكتابة، ولا يوجد من يأخذ بيدهم واصطحابهم، أو أنهم حتى لا يستطيعون الحركة لطرق أبواب الملحقات الإدارية، ولا يملكون مالا يقدمونه لمن يمكنه ملء الاستمارات وتقديم الطلبات إلكترونيا في المحلات المختصة بهذا النوع من «الخدمة» المؤداة عنها.

هذه الفئة من المواطنين التي توجد خارج «التصنيفات الاجتماعية»، يحتاج تدبير التفاصيل المتعلقة بها لعمل نوعي تقوم بها السلطة المحلية من خلال أعوانها، لكونها الأقرب منهم، للقيام بكل الخطوات الضرورية من أجل تسجيل المعنيين بشكل سلس بعيدا عن كل الإكراهات والصعوبات التي قد تعترضهم للقيام بهذه الخطوة، حتى يمكن لهم الاستفادة من الدعم المذكور، إلى جانب تبسيط وتوضيح مسطرة التقدم بالتعرض والشكايات بالنسبة للمقصيين الذين حرموا منه رغم أحقيتهم، لكي يتم تصحيح الأمر، أو بالنسبة لأولئك الذين باتوا مطالبين بتسديد اشتراكات من أجل الاستفادة من التغطية الصحية، بعد نقلهم من نظام «أمو تضامن» إلى «أمو شامل»، والحال أنهم لا يتوفرون على أي دخل، وهذا يعتبر عطبا من بين الأعطاب التي ترافق تنزيل هذا الورش، مما يجب معه بذل المزيد من الجهود لتكريس العدالة وتوفير الحماية لمن هم في حاجة ماسّة إليها.