يبدو لي أننا نحمل عبارة “تصفية الحسابات” شحنة سلبية غير قابلة للاحتمال.
إذ الحياة في حد ذاتها هي في الواقع، حزمة متشابكة من “تصفيات” الحسابات: مع صروف الزمن، مع الآخر، أيًا كان هذا الآخر، ومع الذات، أيضًا، وربما قبل كل شيء.
تصفية الحسابات، إذن، طقس من طقوس الحياة. وإن لم يكن متماثلًا بين الناس، قوةً وحضورًا ووعيًا.
هناك من يحاول تصفية الحسابات مع الأبعاد السلبية، في الواقع، أو في التاريخ، أو في الذات.
وهناك، في المقابل، من ديدنه تصفية الحسابات مع أي مصدر من مصادر النور في الواقع، في التاريخ، وفي الذات الإنسانية.
نعم لتصفية حسابات إذن. ولا لتصفية حسابات .
والإنسان حر في أن يختار بؤرة النور، أو أن يظل سادرًا في حلكة الظلمات.
تصفية الحسابات تعني، في الغالب، أن يقدم طرف على فعل بهدف جعل طرف آخر يدفع الثمن، غاليا، بفعل ممارسة سابقة اعتبرها الذي يصفي حساباته مسيئة إليه، وتتطلب الرد في الوقت المناسب.
تصفية الحسابات بهذا المعنى نوع من الثأر الذي قد يكون لأسباب ذاتية محضة أو ربما أيضًا لأسباب موضوعية لكنها لا تمت بأي صلة تذكر إلى الذريعة أو الذرائع التي يقال، عادة، إنها السبب الرئيسي في مباشرة فعل تصفية الحساب مع الشخص أو الأشخاص المعنيين.
لكن هذه العبارة تنطوي أيضًا على ما يندرج ضمن عملية تفاعلية بين طرفين أو أكثر. وكل عملية تفاعلية تفترض أن لا تكون ذات اتجاه واحد وإنما ذات اتجاهات ينخرط فيها الفاعلون المعنيون بها، بشكل إرادي مخطط له مسبقًا أو بشكل تتحكم فيه مضاعفات العملية دون وعي مسبق بطبيعتها.
وهذا يعني أن ديناميكية خاصة تنشأ بين تلك الأطراف تغطي عددًا لا محدودًا من المجالات والميادين بما في ذلك ميادين الموقف السياسي أو المهني أو القانوني حيث يمكن لتلك الديناميكية أن تؤثر على مواقع تلك الأطراف طوال عمر مرحلة تصفية الحسابات إذ يمكن للمبادر إلى الفعل غير المدروس جيدًا أن يتحول من مواقع الهجوم إلى مواقع الدفاع التي تفرض عليه تقديم جردة الحساب بدلًا من الذي وقع عليه الفعل عند انطلاق عملية تصفية الحسابات.
ويبدو أن اللبيب لا يبادر إلى مثل تلك الأفعال خاصة إذا كان على يقين أن موقعه في المعادلات التي تنشأ عنها أضعف بكثير من موقع الذي أريد له أن يتضرر من عملية تصفية الحسابات.
تعليقات
0