في مداخلة قوية خلال الجلسة العمومية التشريعية المنعقدة اليوم الأربعاء 5 فبراير 2025، فسر رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، عبد الرحيم شهيد رفض حزبه القاطع لمشروع القانون التنظيمي 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، مؤكدا أن الحكومة أخلفت موعدها مع التاريخ ولم تنجح في استثمار هذه اللحظة التشريعية بما يتلاءم مع شعار “الدولة الاجتماعية”.
“غياب الحوار الحقيقي ومراوغات الحكومة..”
واعتبر شهيد أن الحكومة فشلت في إرساء مقاربة تشاركية حقيقية تضمن انخراط جميع الفرقاء الاجتماعيين في صياغة هذا القانون، حيث ظل الرأي العام شاهدا على حالة من التذبذب بين مواقف الحكومة والنقابات، مشيرا إلى أن الحكومة تتحدث عن توافقات، بينما تنفي النقابات ذلك بشكل قاطع وتعلن رفضها التام للمشروع.
“خذلان الشغيلة المغربية والتنصل من الالتزامات..”
ووجه رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية اتهامات مباشرة للحكومة، معتبرا أنها خذلت الشغيلة المغربية عبر التنكر لالتزاماتها الحكومية الواردة في الصفحة 59 من برنامجها، والتي تنص على تفعيل توصيات النموذج التنموي الجديد المتعلقة بتطوير قانون الشغل، والتي تشمل، “اعتماد قانون النقابات، وإصدار القانون التنظيمي للإضراب، وتعزيز احترام الحقوق الأساسية في مكان العمل، ووضع إطار قانوني لهيكلة العلاقة بين المتدربين والمقاولات”، قبل أن يتساءل عما إذا كانت هذه المقتضيات المجزأة ستحمي الحقوق الطبيعية والمشروعة للأجراء، مشدداً على أن المشروع بصيغته الحالية لا يستجيب لمتطلبات الإنصاف والعدالة الاجتماعية.
“انحياز واضح للباطرونا على حساب الأجراء..”
وفي انتقاد حاد، أكد رئيس الفريق أن الحكومة كان عليها الوقوف على نفس المسافة بين أرباب العمل والشغيلة، باعتبار ذلك من مقومات الدولة الاجتماعية، إلا أن الواقع كشف زيف هذا الشعار، إذ اختارت الحكومة الاصطفاف إلى جانب “الباطرونا”، التي صوتت لصالح القانون دون أي احتجاج، في حين وقفت النقابات ضده، مما يؤكد فقدان الحكومة للشجاعة السياسية لضمان سيادة القانون وتعزيز الحقوق الشغلية، وعلى رأسها حق الإضراب المكفول دستوريا، مشددا على أن المعارضة الاتحادية لا تعارض التوفيق بين حق الإضراب وحرية العمل، ولا ترفض الموازنة بين الإضراب المشروع واستمرارية المرفق العمومي، لكنها ترفض بالمطلق تراجع الحكومة عن المكتسبات الديمقراطية والتراكمات الإيجابية التي حققتها البلاد في مجال الحقوق والحريات.
“حكومة “غير مقبول” والصمت عن تعديلات المعارضة الإتحادية..”
كما اتهم شهيد الحكومة بانتهاج سياسة الصمت والتجاهل في التعامل مع تعديلات المعارضة، التي بلغت أكثر من 112 تعديلا، لم تتفاعل الحكومة مع أغلبها إلا بصياغات مرتبكة ومعزولة، مما يؤكد منطق الأغلبية العددية على حساب الحوار الديمقراطي. وقال ساخراً إن الحكومة رفعت شعار “غير مقبول”، الأمر الذي يجعلها تستحق تسمية “حكومة غير مقبول”.
“حكومة ليبرالية منحازة للرأسمال..”
وأكد رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية أن هذه الحكومة أثبتت منذ بداية ولايتها أنها ليبرالية بامتياز، وأن شعار “الدولة الاجتماعية” الذي ترفعه مجرد غطاء لسياسات منحازة للرأسمال ضد الحقوق الاجتماعية للفئات الشعبية، معتبرا أنها لم تستغل فرصة مناقشة هذا القانون لإقرار توازن عادل بين مصالح أرباب العمل وحقوق العمال والعاملات، حيث سخر شهيد من إنجازات الحكومة في تدبير هذا الملف، قائلا: “قضيتم سبعة أشهر في طحن طواحين الهواء، فهل تمكنتم من إقناع جهة كانت ستصوت ضد القانون ثم غيرت موقفها؟ الجواب: لا أحد!”، مجددا التأكيد على أن قوى اليسار وكل النقابات صوتت ضد المشروع، مما يثبت أن الحكومة لم تقنع أحدا بخطابها المعسول.
“إبداع الحكومة في إغناء القاموس السياسي..”
وفي ختام مداخلته، تهكم شهيد على طريقة الحكومة في التعامل مع المعارضة، قائلا: “إذا عارضنا الحكومة، نصبح مدنسين كذابين، وإذا انسحبنا احتجاجا، نوصف بالخونة الجبناء، وإذا صوتنا ضدها، نصبح زنادقة!”، ليضيف قائلا: “هنيئا لكم، إذا كان هناك شيء أبدعتم فيه، فهو توسيع القاموس السياسي بهذه المصطلحات الجديدة!”.
وبهذا، فسر الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية رفضه القاطع لمشروع القانون التنظيمي للإضراب، معتبرا أنه لا يكرس العدالة الاجتماعية، ولا يحترم روح الحوار الديمقراطي الحقيقي.
تعليقات
0