هو مجرد سؤال بديهي تفرضه مضامين التسريبات المتعلقة بخلاصات اللجان التقنية والفنية التي زارت المغرب طبقا للقرارات التي صادق عليها المجلس التنفيذي للفيفا في العاصمة الكولومبية بوغوتا بخصوص شروط وقواعد عملية الترشيح لتنظيم كأس العالم 2026.
فبعد تقديم كل من المغرب من جهة والثلاثي المشترك الولايات المتحدة وكندا والمكسيك من جهة أخرى، ملفاتهم التقنية خضعت هذه الأخيرة للتمحيص والدراسة ثم التنقيط من قبل اللجنة المستقلة التي قامت أيضا بزيارات ميدانية لتفقد الهياكل والمرافق، ثم تقييم الملفات واتخاذ قرارها الأولي في السادس من يونيو القادم بقبول أو رفض واحد من الملفين قبل عرض المتأهل على الجمعية العمومية في الثالث عشر من يونيو للتصويت عليه.
القواعد الجديدة للتقييم تعتمد بنسبة 70 في المئة على حجم ونوعية المرافق والبنية التحتية، و30 في المئة على تقديرات العائدات المالية من التنظيم، وهي معايير لم تخدم المغرب منذ تقرر زيادة عدد المشاركين في النهائيات الى 48 منتخبا، خاصة وأن اللجنة المستقلة قامت بزيارات ميدانية و تولت دراسات الملفات وتنقيطها بعلامة تفوق الاثنان من خمسة، وإذا حصل أحد الملفين على علامة أقل من اثنين سيقصى قبل الجمعية العمومية التي سيكون التصويت فيها سريا وليس برفع الأيدي كما طالب بذلك المغرب والاتحاد الافريقي لكرة القدم.
وبناء على قرار اللجنة في 6 يونيو المقبل، سيتم التعرف على الملفات الناجحة، والتي سيخول لها ذلك المرور إلى المرحلة النهائية، وهي مرحلة التصويت السري النهائي، والذي حدد موعده في 13 يونيو المقبل، حينها ستدلي 211 دولة عضوة بصوتها لتحدد الفائز بشرف تنظيم مونديال 2026.
قرار الفيفا باعتماد لجنة «مستقلة» تتخذ قرارا أوليا في 6 يونيو، فيه تحايل على المغرب لم يفطن له في حينه الوفد المغربي المشارك في اجتماع الفيفا، والذي قد يصدم برفض ملفه قبل الجمعية العمومية المقررة عشية انطلاق مونديال روسيا، وبالتالي سيعرض ملف واحد للتصويت، وهو ملف الثلاثي أمريكا وكندا والمكسيك تجنبا لأية مفاجأة لن تتحملها الولايات المتحدة هذه المرة، ولن تتحمل تبعاتها الفيفا، التي يبدو أنها لا تريد فتح جبهة حرب ستخسرها ضد أمريكا التي ستسعى للإطاحة بالملف المغربي قبل الوصول إلى الجمعية العمومية وإعطاء فرصة التصويت لـ211 عضوا في الاتحاد الدولي لا يمكن التحكم فيهم كلهم.
أولى معالم فوز ملف أمريكا اللاتينية بدأت بتشكيل اللجنة «المستقلة»، ثم تلميحات بعض الاتحادات الأوروبية والآسيوية وحتى بعض البلدان العربية على غرار مستشار ولي العهد السعودي المكلف بالرياضة في المملكة السعودية الذي لمح إلى أن السعودية ستبحث عن مصلحتها في اتخاذ قرارها يوم التصويت، وقد تحذو حذوه عديد البلدان العربية والأسيوية، كما أن الكاف لن يكون في مقدوره توجيه الاتحادات الإفريقية للتصويت على المغرب.
“انفانتينو” لن يغامر بمنصبه ومستقبله وأظهر منذ البداية قلقه من التفاوت في مستوى البنية بين الملفين ولا يريد أن يخسر أمريكا ويخسر منصبه مهما كانت الأسباب، واللجنة «المستقلة» ستقوم بالمهمة القذرة في إقصاء الملف المغربي قبل المؤتمر و أمريكا من جهتها ستقوم بكل ما في وسعها لتجنب بلوغ مرحلة التصويت، وملف أمريكا اللاتينية سيلعب على وتر التنظيم المشترك لمواجهة ارتفاع عدد المنتخبات المشاركة إلى 48 منتخبا لن تقدر عليهم سوى البلدان الثلاثة مجتمعة.
صحيح ان الملف المغربي ازداد قوة وصلابة منذ تاريخ أول ترشيح سنة 1994، صحيح أيضا أن ملف مغرب 2018 أفضل بكثير من كل الملفات الأربعة التي تقدم بها سابقا، لكن قوة وصلابة الملفات لم تكن عبر التاريخ هي العامل الوحيد في الظفر بشرف تنظيم كل الأحداث الرياضية الكبرى، حتى وان كان ملف المغرب الأكثر إغراء للمستثمرين الأوروبيين والأمريكان لأنه يفتح الأبواب أمامهم للحصول على المشاريع والمساهمة في بناء الملاعب والفنادق وشبكات الطرق وسكك الحديد.
ومع كل هذا وذاك وحسب توقعات العارفين بخبايا الفيفا، والصلاحيات المخولة للجنة «المستقلة»، ونفوذ أمريكا وتخوف مجلس الفيفا من المغامرة بمصيره، فان المغرب سيقصى في 6 يونيو قبل تاريخ المؤتمر بحجة عدم قدرته على استضافة 48 منتخبا، وسيخفق للمرة الخامسة منذ أول ترشيح سنة 1994 لتكون الصدمة هذه المرة أكبر والضربة أقوى ويتأجل الحلم لسنوات أخرى، أو ربما لن يتحقق أبدا…
كأس العالم 2026: هل قامت اللجنة «المستقلة» للفيفا بالمهمة “القذرة” في التهيء لإقصاء الملف المغربي قبل التصويت؟

تعليقات
0