الحق في بيئة ملائمة والضمانات الدستورية

42٬939

جواد رسام

إن تطور القوانين الوضعية له ارتباط وطيد بتطور المجتمع و تطور سلوكه . و موضوع البيئة هو موضوعا جديدا ، بدا التفكير في المشاكل التي تعتريها على المستوى الدولي ، و الغاية الأولى و الأساسية كانت هي البحث عن حلول لحماياتها خصوصا بعد الإتلاف الكبير لعناصر البيئة .

فلقد عقدت الدول مؤتمرات و أبرمت اتفاقيات و معاهدات بيئية في النصف الثاني من القرن الماضي ، فكان شغلها الشاغل هو إيجاد سبل الحماية الدولية للبيئة .

هذه الحماية سواء على المستوى الدولي او الوطني تتطلب تشريعات و قوانين و نظم داخلية تهدف بالأساس إلى حماية الإنسان و حماية و توازن البيئة ، و في مقدمة القوانين نجد القانون الدستوري الذي يعتبر حماية البيئة حق من حقوق الإنسان يتطلب احترامه و عدم الإساءة و الاعتداء عليه .

فمؤتمر ستوكهولم 1972 يعتبر بمثابة شهادة ميلاد القانون الدولي للبيئة ، في حين يعتبر مؤتمر ريوديجانيرو 1992 أو المسمى قمة الأرض الانطلاقة الحقيقية و القانونية لحماية البيئة .

فمنذ بداٌية السبعينيات من القرن الماضي لم يتم إقرار أو تعديل أي دستور إلا ونص على حق البيئة ،

ببد أن الدساتير الوطنيٌة لم تسلك مسلكا واحدا فًي تضمين هذا الحق، إذ هناك دساتٌير أشارت وبصورة صرٌيحة إلى حق الإنسان فًي بٌيئة ملائمة، ودساتٌير أخرى لم تشر صراحة إلى ذلك الحق ضمن موادها وفقراتها، إلا أنه تم استنباطها من خلال الحقوق الاجتماعٌية والاقتصادٌية والثقافٌية والصحٌية، تلك التيً تحتوٌيها أغلب الدساتيٌر الوطنٌية(مثل الحق فًي الحٌياة والحق فًي الصحة…) من خلال روح النص أو النصوص المتعلقة بالحقوق الاقتصادٌية والاجتماعٌية أو المقومات الأساسية التيً ٌكرسها الدستور

و المغرب بدوره سلك نفس المسلكيات الدولية  في حماية البيئة و ذلك بانخراطه التام و الجدي ، و يظهر ذلك جليا في خلقه لبعض المؤسسات التي رافقت الحكومات ما بعد فثرة 1972 كالمديرية المختصة بالشأن البيئي و التابعة لوزارة الإسكان و التعمير أو كتابات دولة تابعة لوزارات معينة أو كوزارة البيئة و للمرة الوحيدة و لفترة سنتين فقط في عهد حكومة الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي .

 و فًي المغرب، إذا كانت رٌياح الربٌيع العربًي قد عجلت بإخراج الوثٌيقة الدستورٌية الحالٌية (دستور2011) التي نعتبر نصوصها متقدمة بمقارنتها مع سابقاتها، خاصة في المجال الحقوقًي، فان إدراج الجٌيل الثالث من حقوق الإنسان ضمن الحقوق الأساسية المنصوص علٌيها يعد من أهم مكاسب المرحلة ، من خلال السياقات الدستورية التي ورد فيها اصطلاح البيئة.

ولقد نص الفصل 19 من الدستور : ” يتمتع الرجل و المرأة على قدم المساواة بالحقوق و الحريات المدنية و السياسية و الاقتصادية و الثقافية و البيئية الواردة في هذا الدستور و في مقتضيات أخرى و كذا في الاتفاقيات و المواثيق الدولية ، كما صادق عليها المغرب ، و ذلك في نطاق احكام الدستور و قوانين المملكة و قوانينها”

وبالرجوع إلى التصدٌير الذي هو جزء لا يٌتجزأ من الدستور، نجد فًي أول  فقرة منه ما ٌيلي  :” إلتزام المملكة المغربٌية بإرساء دعائم مجتمع متضامن يٌتمتع فٌيه الجمٌيع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص ، والعدالة الاجتماعية ومقومات العٌيش الكرٌيم “.

وحٌينما ٌنتحدث عن العيٌش الكرٌم، هنا نستحضر المبدأ الأول من تقرٌير ستوكهولم والمبدأ الأول من تقرٌير ريٌو:

” للإنسان حق أساسي في الحرية و المساواة و في ظروف معيشية مرضية  وفي ظل بيئة تتيح له نوعيتها في كرامة ورفاهية، و له واجب صريح في حماية البيئة و تحسينها لصالح الأجيال الحالية و المستقبلية”

وبالانتقال إلى الفصل 31 نجد بأن المشرع الدستوري انتقل للتأكٌيد الى المؤسسات الموكول لها ضمان هذا الحق بالإضافة إلى حقوق أخرى بطبٌيعة الحال ، ” تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابٌية على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتٌيسٌير أسباب استفادة المواطنات والمواطنٌين على قدم المساواة، من الحق فًي :

-الحصول على الماء والعٌيش فًي بيئة سلٌيمة؛

-التنمية المستدامة.”

هنا التأكٌيد على دور الجمٌيع، الدولة ومؤسساتها وكذا الجماعات الترابٌة، ضمانا لاستفادة المواطنات والمواطنٌين، من سبل العٌيش الكرٌيم (الحق فًي التعلٌيم، التطبٌيب، هواء نقًي .. إلخ ).وبشكل ضمنًي ٌكرس الدستور حقوق الاجٌيال القادمة أي بالإضافة إلى الأجيال الحالية هناك حديثٌ عن الحق فيً التنمٌية المستدامة، وهذه المقاربة التي لا تكتمل إلا باتخاذ بعين الاعتبار حقوق الأجيال القادمة.

الملكية و البيئة

عن المؤسسة الملكية باعتبارها تحتل مكانة سامية في النسق السياسي المغربي كمؤسسة محورية و فاعل رئيسي و رسمي لاعتبارات عدة : دستورية تاريخية وطنية ، سياسية ، دينية ، تنموية …، فقد خصها الدستور بوضعية مميزة و منحها سلطات واسعة تمارسها بشكل منفرد أو بمشاركة سلطة أخرى .

ان مكانة المؤسسة الملكية تبقى سامية مقارنة مع باقي المؤسسات الدستورية الأخرى ، الا أن درجة السمو تغيرت بالمقارنة مع السمو الذي كانت عليه في دستور 1996 ، فروح دستور 2011 و فلسفته العامة تبقى على الملكية في موقع الريادة و المركزية في النسق السياسي المغربي .

فبالنظر الى الهندسة الدستورية للدستور الجديد نجدها في الباب الثالث بعد باب الحقوق و الحريات عكس دستور 1996 ان لهذا التغيير رمزية قوية فالحريات و الحقوق أصبحت أولوية في الهندسة الدستورية .

المجال المؤسساتي : أعطى دستور 29 يوليوز 2011 الصلاحية القوية للملك في رئاسة مجموعة من المؤسسات والمجالس الاستراتيجية الهامة في البلاد حيث نلاحظ تضخم الرئاسات التي يتمتع بها الملك في هذا الاطار ، ومن هذه المؤسسات نذكر : المجلس الأعلى للسلطة القضائية ، المجلس الأعلى للأمن ، المجلس العلمي الاعلى ، المجلس الوزاري القائد الاعلى للقوات المسلحة الملكية

المجهودات المبذولة من طرف المؤسسة الملكية للنهوض بالقطاع البيئي

  • المجهودات الاستثمارية والتمويلية للمؤسسة الملكية للمحافظة على البيئة

  • الاستثمار في مشروع الطاقة البديلة  : المساهمة في تلبية جزء من الحاجيات الوطنية من الطاقة وينقسم إلى أربعة محطات أساسية  على مساحة 3000 هكتار  وقد تم الاعتماد فيه  على مجموعة من التقنيات التكنولوجية المتقدمة  والمعروف حفاظها على البيئة

  • بحيرة مار تشيكا نموذج بيئي : تعتبر من اهم   الفضاءات الأيكولوجية والبيئة التي تعرفها مدينة الناظور   المغربية والتي تعرف تلوتا بسبب الإهمال الدي طالها خلال السنوات الماضية ولكن وبفعل الاهتمام المولوي فقد تم  رصد ما يناهز 45  مليار  لإعادة تأهيلها وجعلها قطبا اقتصاديا وبيئيا بالمنطق

  • الحسيمة منارة المتوسط: ويتعلق الامر  بمحاربة انجراف التربة  والوقاية من الفيضانات  ،وتأهيل المطارح العمومية ، وإحدات متحف ايكولوجي  ،ومختبر للأبحاث البحرية  واحداث حزام اخضر  وتثمين المنتزه الوطني للحسيمة ،ناهيك عن احدات  محطة لتحلية مياه البحر  وتزويد الجماعات والدواوير  التابعة لاقليم الحسيمة  من سدود اسفلو و بوعاصم  وتوسيع شبكة الماء الشروب  والكهرباء .

  • المشاريع البيئية بالمناطق الجنوبية : إقامة حزام  بيئ  بالصحراء و كذلك  إعادة تكوين  الفرشة المائية  وسقي 5000 هكتار  بفضل المياه المحلات  في الداخلة  ومشروع تحلية  المياه في العيون  وتلبية الحاجيات من  غلى غاية 2030  إطلاق الحزام الاخضر في  الداخلة  لمحاربة زحف  الرمال  والحفاظ على التنوع البيئي  وتجديد الغابات  والحفاظ على  14 الف هكتار  من المزروعات  ومشروع تكنولوجي  للمكتب الشريف للفوسفاط  بفم الواد .  و كذلك وفي مجال الطاقات المتجددة  يتضمن المشروع ايضا  مشاريع  للطاقة  الريحية  بطاقة 300 ميغاواط  في العيون  و 300 ميغاواط فير طرفاية  و 200 ميغاواط  في بوجدور  ومعهد للتكوين  في  مهن الطاقات المتجددة  في طرفاية .

  • تأهيل خليج كوكودي بساحل العاج: أما على المستوى الخارجي فتمت مجموعة من المشاريع الموجهة نحو القارة الأفريقية في إطار القواسم المشتركة بين الشعب المغربي وافريقيا  و  ابرزها  المتعلق  بالشق البيئي  المشروع الملكي الرامي الى تأهيل خليج كوكودي بدولة الكوت ديفوار وكدا خط أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا العاج  بمثابة الميثاق الدي يؤكد عمق علاقة المغرب مع الأخوة الأفارقة ضمن منطق رابح- رابح أو ضمن الرؤية الشاملة جنوب- جنوب

المجهودات التنظيمية والتحسيسية  المبذولة من طرف المؤسسة الملكية للمحافظة على البيئة

 المجهودات التنظيمية   :

  • الإشراف على تنظيم فعاليات كوب22

  • تنظيم المعرض الوطني للفلاحة بمكناس

المجهودات التحسيسية :

تنظيم برامج تحسيسية توعوية: إن المؤسسة الملكية  ركزت خصوصا خلال الحقبة الاخيرة  أو ما يسمى بحقبة النهضة البيئية بالجانب التوعوي التحسيسي من خلال مجموعة من الفقرات الإشهارية والبرامج التلفزيونية  وتوسيع النقاشات بين مختلف الفاعلين في القطاع البيئي وفيما يلي بعض النماذج لبعض البرامج المذاعة :بيئتي / كوكبنا / المغرب الاخضر

الحكومة

 

   1  تطور الادارة الحكومٌية المكلفة بالبيئة

1972، وقبل شهرٌن من مؤتمر ستوكهولم حول البيٌئة دخلت هذه الأخٌيرة إلى

الحكومة لأول مرة فًي إطار وزارة مكلفة بالسكنى والتعمٌير والسٌياحة والبٌيئة واستمرت هذه الوزارة إلى ؼغاية 1977

وهًي السنة التًي تم فٌيها إعادة تنظٌيمها وهٌيكلتها فًي شكل وزارة السكنى وإعداد التراب الوطنًي تم فًي قسم البيٌئة التابع لمدٌيرٌة إعداد التراب الوطنًي وفًي أبريل1985أطلقت على هذه الأخيٌرة مديٌرٌة التعميٌر وإعداد التراب الوطنً والبٌيئة،

 و في 1998ً و بعد إلغاء وزارة البٌيئة تم ربطها بوزارة التعميٌر والإسكان وتحمل اسم وزارة البيٌئة والتعميٌر والإسكان،

وزارة الفلاحة والتنمٌية القروٌية والصٌد البحري

 تلعب وزارة التجهيز من جانبها دورا مهما للدفاع عن البٌيئة

وزارة الصحة العمومٌة مسؤولية أساسٌية لمحاربة الأمراض

وزارة الطاقة والمعادن وزارة الثقافٌة، وزارة السٌياحة، وزارة الشغل، وزارة الشؤون الخارجية …..

     2 تجلٌيات ومظاهر دور الحكومة فًي الحفاظ على البٌيئة

     1   البرنامج الحكومًي

.

بالرجوع الى البرنامج الحكومًي 2017- 2021 نجد في المحور الثالث المتعلق بتطوير النموذج الاقتصادي و النهوض بالتشغيل و التنمية المستدامة

نظرا للدينامية الاقتصادية في مختلف المجالات الاقتصادية و الفلاحية و السياحية ادت الى اختلالات بيئية  تزداد حدتها مع ضعف البنيات الاساسية دفعت الحكومة الىخلق برامج:

  • مشروع البرامج الوطنٌية للتطهٌير:البرنامج الوطنًي للتطهٌر السائل ومعالجة المٌياه العادمة.

  • البرنامج الوطنً لتدبٌير النفاٌيات المنزلٌية والمماثلة لها.

  • مكافحة التلوث الصناعًي وتحسٌين تدبٌير المواد الكٌمٌيائٌية الخطرة

  • حماٌية وتثمٌين الأوساط البٌيئٌية

   2  أهم الإنجازات والمخططات البٌيئٌة

إعداد مجموعة من التقاريٌر والدراسات ومشارٌيع القوانٌين التًي ساهمت فًي رصد الوضعٌية البٌيئٌة بالمغرب لى تعزٌز الإطار القانونً والمؤسساتًي لحماٌية البٌيئة ضد مخاطر التلوث،

وتكرٌيس مبادئ الوقاٌية البٌئٌية والتنمٌية المستدامة

من خلال وضع مجموعة من القوانيٌن والمراسٌيم المنظمة للقطاع، وكذلك إحداث مجموعة من الصنادٌيق التًي تعتبر ألٌية مالٌية لمواكبة حماٌية البٌيئة، وأبرزها :

  • الصندوق الوطنًي لحماٌية البٌيئة

  • الصندوق التطهٌير السائل وتصفٌية المٌياه المستعملة

  • صندوق التنمٌية الطاقٌة  FDE

ومهدت بذلك لبناء الأسس الأولى لسٌياسة وطنٌية فًي مجال المحافظة على البيٌئة.وذلك من خلال التركٌز على أربعة محاور أساسٌية :

  • محور المحافظة على الموارد المائٌية

  • محور تدبٌير النفاٌيات

  • محور مكافحة تلوث الهواء

  • محور حمايٌة التربة والسواحل من التدهور

3 المخططات الحكومية

  • المخطط المديري الوطني : يهذف بالأساس إلى عقلنة تدبٌير النفاٌيات الخطرة فوق مجموع التراب الوطنًي لما لها من مخاطر واثار سلبٌية على البٌيئة وعلى الصحة العمومٌية

  • مخطط المغرب الاخضر : عبر إعداد المخططات الفلاحٌية الجهوٌية وتوقٌع شراكات نوعٌية بٌين الفاعلٌين العموميين والخواص بمشاركة فعالة للقطاع البنكًي الوطنًي والمانحٌين الدولين من أجل تعبئة وسائل التموٌيل اللازمة .

     4 الإطار المؤسساتًي لحماٌية وتنظٌيم البٌيئة

وٌيمكن سرد التطور الزمنًي للمؤسسة المكلفة بالبيٌئة على الشكل التاليً:

: 1972خلق مصلحة للبٌيئة تابعة لوزارة الاسكان والسٌياحة.

1977: إنشاء قسم للبٌئة تابع لوزارة الاسكان والسٌاحة.

1985:إلحاق البيٌئة بوزارة الداخلٌية ضمن المديٌرٌية العامة للتعميٌر والهندسة المعمارٌية وإعداد التراب.

1992: خلق كتابة الدولة المكلفة بحماٌية البيٌئة لدى وزارة الداخلٌية.

1995:الارتقاء إلى وزارة البيٌئة.

1997: كتابة الدولة المكلفة بالبٌيئة تابعة لوزارة الفلاحة والتجهٌيز والبيٌئة.

1998: كتابة الدولة المكلفة بالبٌيئة تابعة لوزارة إعداد التراب والبيٌئة والتعميٌر والسكنى.

2000: قطاع البٌيئة تابع لوزارة إعداد التراب والبٌيئة والتعمٌير والسكنى.

2002: كتابة الدولة المكلفة بالبيٌئة تابعة لوزارة إعداد التراب والماء والبيٌئة.

2004: قطاع البيٌئة تابع لوزارة إعداد التراب والماء والبٌيئة.

2007: الجمع فًي وزارة واحدة بيٌن البيٌئة وإعداد التراب والماء.

2011: قطاع البٌيئة إلى جانب قطاع الماء ضمن كتابة الدولة المكلفة بالماء والبٌيئة تابعة لوزارة الطاقة والمعادن والماء والبٌيئة.

 وفي الحكومة الحالية تم تقسيم قطاع البيئة الى 3 وزارات تتكلف بهم 4 كتابات دولة .

  5  مبادرة الحكومة فًي المجال التشرٌيعًي المرتبط بالمجال البٌيئًي

وضع مجموعة من القوانيٌن والمراسٌيم المنظمة للقطاع

6 الاتفاقيات الدولية في المجال البيئي المصادق عليها و التي تحول الى قوانين داخلية

7 الأجوبة  بالبرلمان  المتعلقة بالسٌياسات العمومٌية ( الشق البٌيئًة

البرلمان

دور البرلمان في استصلاح والنهوض بحماية البيئة

مناقشة البرلمان بمجلسيه البرنامج الحكومي والتصويت عليه.

الدور التشريعي للبرلمان في حماية البيئة:

مما لا شك فيه أن البرلمان هو الجهاز القانوني الذي يسهر على وضع المنظومة القانونية التي تنظم حياة المجتمع، كما يلعب دور المحول الذي يغير القوانين لاعتبارات وطنية وأخرى دولية، كما يقوم بدور الرقابة والتمثيل وغير ذلك.

و في هذا المبحث سنقتصر على دور البرلمان في حماية البيئة، باعتباره المؤسسة ذات الاختصاص الأصيل في مجال التشريع، وذلك من خلال صلاحية المصادقة على مشاريع ومقترحات القوانين أي سن القوانين العادية.

يقصد  بسن التشريع الخطوات التي تتخذ حتى تصبح  له قوة التنفيذ. ووفقا للدستور المغربي فسن التشريع العادي يمر بعدة مراحل: وهي التشريع والتصويت والتصديق والمناقشة.

القانون رقم 00-28 المتعلق بتدبير

القانون الإطار رقم 99-12 بمثابة المييثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة

الوظيفة التقييمية للبرلمان في المجال البيئي

اظافة الى التصويت على القوانين أو تعزيز طرق ممارسته للرقابة على العمل الحكومي،  فالبرلمان ا صبح يمارس وظيفة جديدة التي أوكلها إليه الدستور والمتعلقة بتقييم السياسات العمومية، فالمؤسسة البرلمانية كانت حريصة على تفعيل وظيفة تقييم السياسات العمومية،

ومن أهم الأسئلة الموجهة لرئيس الحكومة عبد الإله بنكيران (2011/2016) خلال الجلسة الشهرية في الشق المتعلق بالشأن البيئي نجد :

السياسة العامة المتبعة بخصوص إشكالية تنمية المدن

الأمن المائي

التدابير الاستعجالية لمواجهة آثار الجفاف

آليات الرقابية البرلمانية.

تعد الرقابة البرلمانية من أھم المواضيع المطروحة في القانون الدستوري، والتي تشكل محورا أساسيا في عملية إرساء الديمقراطية، ومظھرا من مظاھر التعاون والتنسيق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

، بالتالي فممارسة هذه الوظيفة تتم من خلال عدد من الأدوات والآليات غالبا ما يتم تحديدها من خلال الدستور ونصوص تنظيمية كالأنظمة الداخلية للبرلمان ومن هذه الآليات نجد الأسئلة الكتابية (أولا) والأسئلة الشفوية (ثانيا)

الأسئلة الكتابية والشفوية البيئية  بمجلس النواب  و مجلس المستشارين

فمن بين 27211 سوال  تم طرح فقط 208 سوال في المجال البيئي بالولاية التشريعية السابقة تم الاجابة علة 117 فقط

و من بين 11237 سؤال شفوي عام نجد فقط 23 سؤال في المجال البيئي تمت الاجابة على 20 منها

  اللجان المؤقتة لتقصي الحقائق.

 فيما يتعلق بتشكيل لجان تقصي الحقائق في المجال البيئي فإن الأمر منعدم رغم أن عددا من الملفات البيئية التي تم طرحها على المستوى الوطني في ما يتعلق بالشأن البيئي من قبيل ( ملف الجرف الأصفر، الغبار الأسود بمدينة القنيطرة، الواقع البيئي بمدينة الزهور “المحمدية” …)

المهام الاستطلاعية

يُحدِّد النظام الداخلي لمجلس النواب المغربي في الفرع الثاني منه، الدور الاستطلاعي للجان الدائمة. وتنص المادة 63 من النظام على أنه يجوز للجان الدائمة أن تكلف، بناء على طلب من رئيسها بعد موافقة مكتب اللجنة أو رئيس فريق أو ثلث أعضاء اللجنة، عضوين أو أكثر من أعضائها، بمهمة استطلاعية مؤقتة حول شروط وظروف تطبيق نص تشريعي معين، أو موضوع يهم المجتمع، أو يتعلق بنشاط من أنشطة الحكومة والإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية باتفاق مع مكتب مجلس النواب.

ومنذ اقرار دستور 2011 وفي ظل الولاية التشريعية التاسعة عرف مجلس النواب تكليف بمهمة استطلاعية مؤقتة ما مجموعة 20 مهمة استطلاعية منها 3 فقط ذات الارتباط بالشأن البيئي وهي : المهمة الاستطلاعية المؤقتة حول حريق المحطة الحرارية لتوليد الطاقة بالوطية باقليم طانطان و مهمة استطلاعية مؤقتة للوقوف على وضعية مقالع الغاسول بالمملكة.

للاطلاع على مناجم سيف الريف بجماعة وكسان بإقليم الناظور

ملتمس مساءلة لمجلس المستشارين.

من المستجدات التي أتى بها دستور 2011، على مستوى اللفظ هي مصطلح ملتمس مساءلة الحكومة التي يمارسها مجلس المستشارين،

يشار إلى أن الفصـل 106 من الدستور ينص على أنه “لمجلس المستشارين أن يساءل الحكومة بواسطة ملتمس يوقعه على الأقل خُمس أعضائه؛ ولا يقع التصويت عليه، بعد مضي ثلاثة أيام كاملة على إيداعه، إلا بالأغلبية المطلقة لأعضاء هذا المجلس”، على أن “يبعث رئيس مجلس المستشارين،على الفور، بنص ملتمس المساءلة إلى رئيس الحكومة، ولهذا الأخير أجل ستة أيام ليعرض أمام هذا المجلس جواب الحكومة، يتلوه نقاش لا يعقبه تصويت”.

هذا ويشار إلى أن اخر محاولة لتقديم ملتمس مساءلة الحكومة جاء تزامنا مع فاجعة الصويرة التي راحت ضحيتها 15 امرأة وأصيبت فيها العديدات من النساء بجروح متفاوتة الخطورة، وقد رفض مجلس المستشارين وذلك، في الجلسة العمومية، التي عقدها المجلس زوال يومه الإثنين 2017 وتم تخصيصها للتصويت على الملتمس، الذي كان تقدم به فريق الأصالة والمعاصرة الثلاثاء 22نونبر 2017.

فريق حزب الجرار بالمستشارين، الذي أثار جدلا قانونيا وتم اعتباره خارج المساطر القانونية المعمول بها، أُسقط ملتمسه ليس بالتصويت ضده من قبل أعضاء المجلس، وإنما بمجابهته بالغياب الواسع لأعضاء المجلس بما فيهم أعضاء الفريق ذاته.

الزيارات الميدانية والمهام الاستطلاعية لمجلس المستشارين.

. لا يمكن القيام بالمهمة الاستطلاعية إلا بإذن من رئيس المجلس وباتفاق معه، ويتعين عليه أن يسهر على توفير الشروط الضرورية للقيام بها، ويتوجب على الأعضاء المكلفين بهذه المهام إعداد تقارير حول المواضيع المعنية، من أجل عرضها على اللجان الدائمة المختصة قصد مناقشتها أو إحالتها على المجلس برمته عند الاقتضاء.

يقتصر دور هذه اللجان الفرعية على الأعمال الاستطلاعية المحضة، ولا يمكن أن تتحول واقعيا إلى مهام لتقصي الحقائق.

ومنذ إقرار دستور 2011 وفي ظل الولاية التشريعية التاسعة عرف مجلس المستشارين وضع الطلبات المتعلقة بالزيارات الميدانية وبمهمة استطلاعية مؤقتة بلغ مجموعها14  طلبا، تم الاستجابة خلالها إلى 3 طلبات  ذات الارتباط بالشأن البيئي وهي الدبلوماسية البرلمانية.

المصادقة على الاتفاقيات الدولية البيئية:

للملك أن يعرض على البرلمان كل معاهدة أو اتفاقية أخرى قبل المصادقة عليها”

ومن خلال هذه الصلاحية يتعزز دور البرلمان في مجال حماية البيئة، إذ تمكنه من مواكبة المستجدات الدولية بخصوص التشريعات البيئية.

وللوقوف على دور البرلمان في حماية البيئة من خلال المصادقة على الاتفاقيات الدولية نورد بعض النماذج:

الدبلوماسية البرلمانية ودورها في حماية البيئة

تشكل الدبلوماسية البرلمانية، كأحد اختصاصات القانون، شقا هاما من العمل البرلماني، وقد كرس دستور 2011 رسميا الدور الهام الذي تلعبه الدبلوماسية البرلمانية في الدفاع عن المصالح العليا والحيوية للوطن، وذلك من خلال المكانة المخولة له للعب دوره كاملا في علاقته مع مختلف برلمانات دول العام والشركاء الاستراتيجيين والمنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية.

ويتمثل العمل الدبلوماسي في مختلف الأنشطة والمبادرات التي يقوم بها كلا المجلسين على المستوى الثنائي ومتعدد الأطراف من خلال :

  • تنظيم واحتضان المؤتمرات الإقليمية والجهوية والدولية ودورات الاتحادات والجمعيات البرلمانية والندوات والأوراش الموضوعاتية.

  • الانخراط في الاتحادات والجمعيات البرلمانية الجهوية والإقليمية والدولية والمشاركة المنتظمة في أشغالها وأنشطتها والتنسيق في المحافل والتظاهرات الدولية.

الأحزاب السياسية

الادوار البيئية للاحزاب المغربية

الدور التاطيري للاحزاب المغربية

بما أن الحزب السياسي يعمل في الأساس كوسيط بين أفراد الشعب ونظام الحكم في الأنظمة الديمقراطية بأنواعها

ولازال الشق البيئي لم ياخد حيزا في اهتمامات الاحزاب المغربية , حيث  لا تضع من بين اهتماماتها و اولوياتها حماية البيئة , .

البرامج الانتخابية البيئية للأحزاب المغربية

مذكرات الإصلاحات الدستورية ل23مارس2011 للاحزاب في المجال البيئي

وخلاصة الأمر و ما يمكن استخلاصه من مذكرات الإصلاحات الدستورية في باب البيئة , هو أن الأحزاب التي تطرقت للأمر لم تتجاوز حد الإشارة السطحية , من اجل فقط تاتيتها للورقة او اظافتها في جملة مركبة , في حين ان البعض الآخر و من بينهم الحزب الاغلبي لم يتطرقوا للموضوع من الاصل في حين ان هناك احزاب لم تقدم مذكرة من الأساس .1

المجتمع المدني

ولا يخفى على أحد الأهمية التي تكتسيها هيئات المجتمع المدني  من جمعيات ومنظمات غير حكومية في التحسيس بقضايا البيئة والتنمية المستدامة والمشاركة  في عملية سن القوانين وصنع القرار  ووضع آليات التنفيذ التي تهم حماية البيئة وتدبيرها بكيفية رشيدة ومستدامة،

دور الجمعيات في حماية البيئة

الفقرة الأولى: السند القانوني للعمل الجمعوي البيئي

لا يوجد نظام قانوني خاص بالجمعيات البيئية، انما تخضع للنظام القانوني الذي يحكم الجمعيات بصفة عامة بالمغرب، والمحدد بظهير 15 نونبر 1958

أهداف الجمعيات البيئية بالمغرب

  • حماية البيئة من المخاطر التي قد تهددها

  • العمل على تكوين وتأطير أعضاء الجمعيات ذات البعد التنموي

  • عقد اتفاقيات الشراكة والتعاون مع المؤسسات والجهات المعنية

كيف جاءت فكرة تأسيس الائتلاف المغربي للعدالة المناخية؟

جاءت فكرة تأسيس الائتلاف نتيجة للعمل الذي قامت به منذ عقود جمعيات تشتغل حول البيئة وتلاقي هذا الاتجاه مع الاهتمام الذي توسع عند الجمعيات الحقوقية والنسائية بموضوع البيئة، وطبعا الائتلاف هو وليد لرؤية تقوم على الصعيد الدولي حول العدالة المناخية وتوسيع مجال التفكير والممارسة من القضايا التقنية والتقنقراطية إلى مجال سياسي هيكلي يطرح إشكالية الاستهلاك وله مقاربة تدمج مسألة حقوق النساء (إذ هن المتضررات أكثر من التقلبات المناخية وحقوق المهاجر البيئي).

إن النداء إلى تشكيل الائتلاف كان له تجاوب كبير وانضمت إليه ما يقرب عن 250 جمعية وشبكة كما انضمت إليه ثمانية مركزيات نقابية، وساعد على ذلك كون النداء جاء في ظروف مواتية مع قرب انعقاد مؤتمر كوب.

3رغم حداثة تأسيس الائتلاف إلا أنه استطاع في ظرف وجيز خلق إشعاع وطني من خلال إطلاقه حملة زيرو ميكا؟ كيف تأتى ذلك؟

مساهمة المنظمات غير الحكومية في التربية ونشر الوعي البيئي

ان أبرز التوصيات التي أقرها مؤتمر استوكهولم لسنة 1972، أن التكنولوجيات والتنظيمات والتشريعات جميعها يمكن أن تعجز في سبيل تحقيق أهدافها لإرساء سياسة بيئية ذات فعالية، نتيجة لافتقارها للوعي البيئي، ومن هنا كان لابد من البحث عن أسلوب أكثر فاعلية واستمرار من القوانين والتشريعات، ينجح في تنظيم استغلال الإنسان للموارد وصيانة البيئة.

و هذا ما تجسد في التربية البيئية التي يقصد بها إعداد الأفراد ليكونوا متوافقين مع بيئتهم، هنا يبرز دور المنظمات غير الحكومية البيئية، التي تعمل على تحسيس الجماهير وأصحاب القرار بالمشاكل البيئية،

كما تقوم المنظمات غير الحكومية في سبيل تحسيس المواطن و نشر وعي بيئي وكذا تعريف الأشخاص بحقهم في العيش في بيئة سليمة، بإتباع جملة من الأساليب و الطرق كالمشاركة في مختلف البرامج الإعلامية عبر مختلف وسائل الإعلام المقروءة و المكتوبة التي تتناول مواضيع بيئية، كما تبادر بتقديم محاضرات و ندوات و تنظيم معارض باعتبارهم من الأدوات الهامة من أجل نشر ثقافة بيئية في أوساط أفراد المجتمع، بمساهمتهم في التبليغ عن المشاكل البيئية و تزويدهم بالمعلومات و المعطيات اللازمة لمناقشتها و تقديم الاقتراحات التي يرونها لازمة للمحافظة على البيئة.

كما أنشأت المنظمات غير الحكومية معاهد متخصصة في مجال علوم البيئة وأصبحت تحث الدول على إدراج مادة التربية البيئية بصفة مستقلة في برامجها التعليمية الرسمية.

دور المنظمات غير الحكومية من خلال العمل التطوعي

إن المنظمات غير الحكومية البيئية وسعيا منها للحماية البيئة، تقوم باتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية وكذا العمل على إصلاح الضرر البيئي الحاصل.

انطلاقا من هذا، فإن العمل التطوعي للمنظمات غير الحكومية يشكل نواة الأعمال المادية للمنظمات والجمعيات البيئية بمختلف مجالاته سواء تم لغرض إزالة النفايات أو القيام بعمليات التشجير أو الحفاظ على المساحات الخضراء أو تنقية المسطحات المائية أو كانت تلك النشاطات تتعلق بالمحافظة على التربة أو مكوناتها أو يراد منها حماية الهواء أو بصفة عامة المساعدة في التخفيف من كل مشكلة بيئية.

التجارب المبتكرة لمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة بكوب 23 ببون الألمانية

لقد شاركت مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة في تنظيم جلسة موازية حول “المقاربات المبتكرة للتربية حول التغيرات المناخية وتمكين الشباب من العمل المناخي”، وعرضت فيها مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة أدواتها البيداغوجية على الإنترنيت المرتبطة بالتغيرات المناخية وبرنامجها المدارس الإيكولوجية من خلال شهادة منسق المدرسة الإيكولوجية القروية حجر النحل قرب طنجة.

باحث في القانون و السياسات البيئية

error: