النساء الاتحاديات يفتتحن النقاش الوطني حول المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة

مراجعة مقتضيات مدونة الأسرة مراجعة جذرية والتي و الوقوف عند مكامن الضعف فيها وتحيينها لتتلاءم وروح الدستور المغربي وسمو المواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب.

31٬118

 الكاتبة الوطنية حنان رحاب: نحن بحاجة إلى   “وقفة تقييم وتقويم» وإعادة النظر في مضامين مدونة الأسرة لتحصين حقوق الأطفال والنساء”

 

 عقدت منظمة النساء الاتحاديات، صباح أول أمس السبت، ندوة وطنية حول موضوع « مراجعة شاملة لمدونة الأسرة حماية للمجتمع» في إطار سياقاتها الترافعية وحلقات النقاش التفاعلية التي دشتنها منظمة النساء الاتحاديات عبر سلسلة ندوات جهوية قاربت الموضوع من كل جوانبه السياسية والاقتصادية والسوسيوثقافية.

تأتي ندوة «مراجعة مدونة الأسرة حماية للمجتمع» في إطار ترافع المنظمة النسائية الوطنية الاتحادية بهدف تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، والذي لن يتحقق بدون مراجعة مقتضيات مدونة الأسرة مراجعة جذرية والتي وجب الوقوف عند مكامن الضعف فيها وتحيينها لتتلاءم وروح الدستور المغربي وسمو المواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب.
وقد نظمت هذه الندوة بمقر الحزب المركزي بالرباط، وتخللها نقاش أكاديمي وحقوقي قارب الملف بكل جرأة ودون قيود أو طابوهات.

شكلت مدونة الأسرة، حين اعتمادها سنة 2004، حسب الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات ذ. حنان رحاب ثورة ثقافية ومجتمعية في مسار المغرب نحو التحديث والإنصاف، واليوم، وبعد مرور حوالي 18 سنة على إقرارها، فقد أكدت التجربة والممارسة القضائية، أننا في حاجة لوقفة تقييم وتقويم، بهدف تجويد المنظومة القانونية لتحصين وتكريس حقوق جميع أطراف العلاقة الأسرية، خاصة الأطفال والنساء، باعتبارهم الأكثر عرضة لاحتمالات الهشاشة وعدم الإنصاف.
وقد سجلت الكاتبة الوطنية ذ. حنان رحاب ومن خلالها كل مناضلات منظمة النساء الاتحاديات، ببالغ الفخر والامتنان، دعوة جلالة الملك، في خطاب بمناسبة «ثورة الملك والشعب»، إلى تحيين وتجديد مدونة الأسرة، بعد أن أظهرت الممارسة، خلال ما يقارب العقدين، مجموعة من الاختلالات والثغرات، التي كانت تسمح بالالتفاف على روح فصولها الساعية للإنصاف.
فعلى سبيل المثال نتج عن توسيع السلطة التقديرية للقضاة في ما يخص بعض الحالات، كالتعدد وزواج القاصرات، تأويلات محافظة لا تتلاءم بتاتا مع مغرب الألفية الثالثة، بينما كانت مقاصد المدونة هي منع زواج القاصرات والحد من التعدد إلى أقصى درجة ممكنة.
ولم تكن التأويلات وحدها سببا في إفراغ مدونة الأسرة من مقاصدها، بل إن بعض الثغرات القانونية تسمح بالتحايل على مضامينها، مثل الإذن بتعدد الزوجات واستعماله، إذ انتبه المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أخيرا، إلى استعمال بعض الأزواج قرار الإذن لهم بالتعدد، عدة مرات ومع زوجات أخريات، وذلك نظرا لعدم تضمين اسم السيدة المراد الزواج بها في الإذن، كما اسم الزوجة الأولى، ما يجعل هذا الإذن بمثابة «شيك موقع على بياض».
وهو التحايل الذي شمل ملفات متعلقة بثبوت الزوجية وتحديد قيمة نفقة الأبناء بعد الطلاق، وأيضا، اقتسام الممتلكات المكتسبة أثناء الزواج… وغيرها من القضايا التي تستحق الانتباه.
وأكدت الممارسة والقضايا المعروضة على أنظار المحاكم، طيلة 18 سنة، الحاجة الملحة لإعادة النظر في مضامين مدونة الأسرة، إذ شكلت العديد من الملفات نماذج للقضايا المفصلية التي تتطلب التعديل، تناغما مع روح وفلسفة الدستور المغربي، وانسجاما مع التزاماتنا الدولية، وتشمل هذه الملفات ثبوت النسب، الحضانة والولاية على الأبناء.
لقد حدثت تحولات في الأنساق الثقافية والسياسية والاقتصادية ببلادنا، بحسب كلمة ذ. حنان رحاب، وهي تحولات وإن كانت بطيئة، فإنها تؤثر على الأنساق المجتمعية، ومن ذلك أن تعميم التعليم، خصوصا في العالم القروي بالنسبة للإناث، وتوسع حضور النساء في الفضاءات العامة (التعليم، أماكن العمل، المجتمع المدني…)، وارتفاع نسبة النساء المعيلات للأسر سنة بعد أخرى، أفضى إلى تغيير في التمثلات المجتمعية للمرأة وأدوارها، وأصبحت مسألة المساواة الكاملة بين النساء والرجال لا تثير الحساسيات التي كانت تثيرها من قبل، وهذه مكتسبات رمزية وجب تعضيدها وترسيخها بمكتسبات قانونية وسياسية.
إن القوانين لا تتمثل أدوارها، فقط، في الضبط والفصل بين المتنازعين وتنظيم العلاقات، بل إنها تلعب دورا بيداغوجيا على مستوى النهوض بثقافة الحق والواجب، كما يتجسد هذا الدور في نقل المجتمع ومساعدته على الانفتاح والتحديث، والتصدي بشكل أكثر نجاعة للعقليات المقاومة للتغيير.

وبالتالي فإن القانون حين يجرم ممارسات مثل زواج القاصرات، فإنه يساعد المجتمعات على «الانتقال القيمي» ويدفعها إلى العمل على تكييف الخصوصيات مع الأفق الكوني للحقوق والحريات.
وفي هذا الإطار تنظم منظمة النساء الاتحاديات هذه الندوة حول تحيين وتعديل مدونة الأسرة، وهي ندوة تدخل في إطار مسار ترافعي هدفه الأسمى مواكبة النقاش حول التعديلات المرتقبة بخصوص فصول وبنود المدونة، والعمل على خلق رأي عام مدافع عن الإنصاف والمساواة، ومساعدة المشرعين المناصرين لحقوق وحريات النساء على التصدي لكل مناورات القوى المحافظة، التي تلجأ لقراءات تقليدية متجاوزة للمتن الديني بهدف استدامة هيمنة التيار المحافظ داخل المجتمع.

 

فاطنة سرحان: “ليس هناك سقف محدد لإصلاح المدونة وتعديلها وسنعمل على الانتصار للمستقبل والواقع”

الدكتورة فاطنة سرحان، أستاذة قانون الأسرة بكلية الحقوق بالدار البيضاء طالبت بدورها، بالمراجعة الشاملة والدقيقة لمدونة الأسرة والتي نقصد بها عدم الالتباس الذي يجعل من قراءة النص قراءة تتأرجح بين الحداثي والمحافظ، هذا الارتباط الذي يضر بنا كمجتمع ويضر بنا كأسرة كذلك، وهذا ما حدث لنا في الدستور المغربي في بعض الفصول وخير مثال على ذلك الفصل 19 الذي يجد فيه المحافظ والحداثي التقدمي ذاته لأنه غير مكتوب بلغة دقيقة تنتصر للمستقبل والواقع، ومن أجل المستقبل والواقع ستستمر النساء الاتحاديات في مناقشة هذه الإرادة الجماعية داخليا وانسجاما مع ما عبر عنه رئيس الدولة وملك البلاد محمد السادس، حيث ليس هناك سقف محدد للإصلاح والتعديل، وليس هناك كذلك سقف لطموحات المجتمع المدني في هذا الباب، سننخرط رغم أننا قد لا نجد صدى لكننا سنؤثر من خلالكن ومن خلال الفريق الاشتراكي بغرفتي البرلمان ومن خلال كل التنظيمات الموازية التي نشتغل فيها جميعا كنساء، سنؤثر في إقرار مدونة منصفة للأسرة والمجتمع وتحقق العدالة للنساء وتنتصر للحقوق الكاملة للإنسان.

مليكة الزخنيني: “ضرورة تنقيح القانون الأسري من كل الشوائب التمييزية بين المرأة والرجل”

في حين طالبت مليكة الزخنيني الأستاذة بكلية الحقوق ببني ملال بضرورة سن قانون أسري خال من التمييز لأن ذلك شرطا أساسيا للبناء الديمقراطي، حيث ركزت على التمييز مذكرة هنا بالشرعية الدولية لحقوق المرأة من خلال اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء، التي تستدعي في صياغتها وثيقتين أساسيتين هما دستور الأمم: ميثاق الأمم المتحدة (الذي يؤكد على الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الفرد وقدره، وبتساوي الرجل والمرأة في الحقوق)، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (الذي يؤكد مبدأ عدم جواز التمييز، ويعلن أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق، وأن لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات الواردة في الإعلان المذكور، دون أي تمييز، بما في ذلك التمييز القائم على الجنس)، تؤكد في ديباجتها على مجموعة من الأمور:
أولها، أن التمييز ضد المرأة يشكل انتهاكا لمبدأي المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، ويعد عقبة أمام مشاركة المرأة، على قدم المساواة، مع الرجل، في حياة بلدهما السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويعيق نمو رخاء المجتمع والأسرة، ويزيد من صعوبة التنمية الكاملة لإمكانات المرأة في خدمة بلدها، ثانيها، أن التنمية التامة والكاملة لأي بلد، ورفاهية العالم، وقضية السلم، تتطلب جميعا مشاركة المرأة، على قدم المساواة مع الرجل أقصى مشاركة ممكنة في جميع الميادين.
ثالثها أن دور المرأة عظيم في رفاه الأسرة وفى تنمية المجتمع، ولم يعترف به حتى الآن على نحو كامل، كما أن للأمومة ولدور الوالدين كليهما في الأسرة وفى تنشئة الأطفال أهمية اجتماعية.

رابعها أن دور المرأة في الإنجاب لا يجوز أن يكون أساسا للتمييز بل إن تنشئة الأطفال تتطلب بدلا من ذلك تقاسم المسؤولية بين الرجل والمرأة والمجتمع ككل.
خامسها، أن تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة يتطلب إحداث تغيير في الدور التقليدي للرجل وكذلك في دور المرأة في المجتمع والأسرة.
وبالتالي، فمعركتنا اليوم، بحسب د.الزخنيني هي تنقيح القانون الأسري من كل الشوائب التمييزية بين الجنسين، على اعتبار التمييز كما عرفته «سيداو» «كل تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل».
معركتنا اليوم كنساء اتحاديات، وكاتحاد اشتراكي للقوات الشعبية لم يفصل يوما بين النضال من أجل دمقرطة الدولة ودمقرطة المجتمع، إيمانا منه أن أي تغيير مجتمعي مأمول لا يمكنه أن يتحقق إلا عبر انخراط كافة مكونات المجتمع ومن أجلهم، هي تنقيح هذا النص القانوني من كل النفحات التمييزية التي تخترقه أفقيا وعموديا لأننا ببساطة إذا لم ننجح في تنقيح مدونة الأسرة من التمييز، سنبقى أمام بنية مستعصية على استيعاب قيم المساواة والحرية كأحد الشروط الضرورية للبناء الديمقراطي في البلد.
لذلك عندما تثار إشكالية من قبيل: هل يتعلق الأمر بمراجعة شاملة أم تغيير جذري أم تحيين، أم….. أرى أن الأمر يقتضي فقط تنقيحا للمدونة من كل مقتضى تمييزي، وبمباشرة هذه العملية سنعرف بماذا يتعلق الأمر.
المساواة بين الجنسين خيار دولة ومجتمع، مكبوح بالتمثلات الاجتماعية، ويجد التأصيل القانوني للمساواة بين الجنسين سنده في دستور المملكة لسنة 2011، الذي عادة ما نسميه بدستور الحقوق والحريات من خلال مجموعة من المواد سأقتصر على ثلاث منها، لأنها ترسم الصورة التي وضعها المشرع للتوازنات العامة في البلد ونوع المجتمع الذي نصبو إليه، وطبيعة العلاقات بين مكوناته:
– الفصل 6 الذي ينص على تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين والمساواة بينهم، ومشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
– الفصل 19 الذي نص على تمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية الأخرى كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. مؤكدا في نفس الفصل على سعي الدولة إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، ولهذه الغاية تحدث هيئة للمناصفة لمكافحة كل أشكال التمييز.
– الفصل 164 الذي ينص على إحداث الهيئة المكلفة بالمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والتي تسهر على احترام الحقوق والحريات المنصوص عليها في الفصل 19 التي لم تر النور إلى يومنا هذا رغم إخراج القانون التنظيمي المتعلق بها منذ سنوات.
لكن، كيف نتمثل المساواة كمغاربة؛ مواطنين ومشرعين؟ كيف نتصور هذا القانون الأسري الجديد علما أن المؤسسة الأولى الموكول لها إعادة النظر في ما طبع معه المجتمع من تقسيم جنساني للأدوار يحتكر فيه الذكر الفضاء العام، ويحكم فيه على الأنثى بتدبير تفاعلات الفضاء الخاص، بعيدا عن ممارسة السلطة، أو الاحتكام إلى الثروة، هي الأسرة باعتبارها المسرح الأول لتثبيت التمثلات المجتمعية، أو خلخلتها؟
ما يجعلنا أمام ضرورة مراجعة مدونة الأسرة والتي انخرط فيها الاتحاد الاشتراكي في انتصاره الدائم لمجتمع المساواة، المجتمع التقدمي الحداثي، في انتصاره لدولة القانون، الحامية للحقوق والحريات، والراعية لقيم التضامن والتسامح في إطار المجتمع المغربي المتميز بتعدديته وتسامحه.

 سعاد بنور: “المشرع يعاني من فصام في قضايا مدونة الأسرة لأنه يعمل ضد الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها”

 بدورها تحدثت الدكتورة سعاد بنور، الأستاذة بكلية الحقوق عين الشق بالدار البيضاء كذلك، عن وضعية الابن غير الشرعي أو الناتج عن علاقة خارج إطار الزواج بين الاتفاقات الدولية والقوانين الوطنية والاجتهادات القضائية، وقد اختارت الاستاذة بنور هذا المحور بالذات لسببين، الأول هو عرفانا بأيقونة الدفاع عن الأمهات العازبات والأطفال مجهولي النسب، فمسؤوليتنا كاتحاديات أن نرث هذا الهم عن الراحلة الشنا وأن لا نسكت عنه ونتركه ضمن الطابوهات التي دائما ما يتأخر نقاشها، والسبب الثاني يتمثل في الدراسات والأرقام المهولة التي تشير إلى استفحال هذه الظاهرة خاصة أن 11.43 % من الأطفال يولدون خارج مؤسسة الزواج بمعنى أن 153 طفلا يولدون خارج مؤسسة الزواج 24منهم يتم التخلص منهم ورميهم وتركهم عرضة للشارع. وقد عرجت د.بنور على سكيزوفرينية المشرع المغربي، الذي يعاني من فصام حقيقي في قضايا مدونة الأسرة لأنه صادق أو يوافق على اتفاقيات دولية معينة لكنه عندما يريد أن ينظم النصوص القانونية فإنه ينظمها بشكل مخالف لما صادق عليه حتى إننا عندما نناقش القوانين الوطنية نفسها يتبين بالملموس أن هناك فصاما حقيقيا مثلته د.بنور بزواج القاصرات، الذي يعتبره القانون زواجا مباحا بإذن القاضي لكنه في القانون الجنائي يعتبر تغريرا بقاصر أو برضاها يعتبر جريمة تؤدي إلى عقوبة سجنية قد تتجاوز أربع سنوات.
وعرجت د. بنور في مداخلتها كذلك على معظم الاتفاقيات الدولية بهذا الخصوص، والتي صادق عليها المغرب كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نص في المادة الأولى منه على أن جميع الناس يولدون أحرارا ومتساويين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهُبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بروح الإخاء، كما نجد أن المادة 24 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي اعتمدته الأمم المتحدة في سنة 1966 وصادق عليه المغرب سنة 1977 ينص كذلك على أن يكون لكل ولد قد يتعرض لأي تمييز بسبب اللغة أو الدين أو العرق أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو النسب حق على أسرته وعلى مجتمعه، وعلى الدولة التي يجب أن تتخذ كل التدابير اللازمة لحمايته باعتباره قاصرا ويتوجب تسجيل كل طفل فور ولادته ويُعطى اسما يعرف به وأن لكل طفل الحق في اكتساب الجنسية.
المادة 7 من اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الأمم المتحدة سنة 1988 وصادق عليها المغرب سنة 1993 تنص على تسجيل الطفل بعد ولادته فورا ويكون له الحق منذ ولادته في اسم واكتساب الجنسية ويكون له الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما، كما نجد في المادة 8 من نفس الاتفاقية، تعهد كل الدول الأطراف الموقعة على هذه الاتفاقية، لكن إذا قارناها بالقوانين الوطنية نجد أن الدستور المغربي ينص في المادة 32 في الفقرة الثالثة منها على أن الدولة المغربية تسعى لتوفير الحماية والاعتبار الاجتماعي والمعنوي، وهو اعتبار سيغيب في جميع الأحكام القضائية بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية، في حين نجد أن مدونة الأسرة نظمت حقوق الطفل في الباب الأول وهو باب مختص بالزواج الصحيح وآثاره، بمعنى أن مدونة الأسرة عندما أرادت أن تتطرق لحقوق الطفل تطرقت إلى حقوق الطفل الناجم عن الزواج الصحيح، أي أن هناك إجحافا حقيقيا يطال الأطفال المتخلى عنهم، كما مثلت الأستاذة بنور بمجموعة من الأحكام المجحفة في حق هؤلاء الأطفال والذين لا يعترف لهم بالبنوة رغم أن الخبرة الجينية تؤكد صحة النسب لهذا الطفل، والذي يعتبر طفلا ناتجا عن علاقة فساد ما سيفتح الباب على مصراعيه أمام زنا المحارم وخلط الأنساب في المجتمع، ما يجعلنا أمام مطالبة جادة ومسؤولية جماعية في إلزام القضاء بالرجوع إلى الخبرة القضائية الجينية وليس الاعتماد فقط على السلطة التقديرية للقاضي المغربي، وكذلك إلزام الآباء بإجراء هذه الخبرة الجينية وترتيب البنوة خارج إطار الزواج وإلغاء المادة 148 لأجل توحيد البنوة والنسب معا، وتعديل المادة 146، ووضع إجراءات بديلة عن ايداع الأطفال المتخلى عنهم في دور الرعاية الاجتماعية، وذلك في إطار تشجيع الكفالة وتسهيلها، وحماية حقوق الأطفال المتخلى عنهم، وذلك من خلال إلغاء المادة 490 من القانون الجنائي، وإلغاء تجريم الإجهاض.

   مريم الإدريسي: “المادة 49 عرت واقع عدم توحيد العمل القضائي وعدم قدرته على تمكين النساء اقتصاديا”

عتيقة لوزيزي: “المدونة لم تكن منصفة للنساء وتحتاج مراجعة دقيقة لحماية للأسرة والمجتمع على حد السواء”

وفي نفس السياق، أكدت كل من الأستاذة مريم جمال الإدريسي المحامية بهيئة الدار البيضاء والأستاذة عتيقة وزيري المحامية بهيئة الرباط، أنه وحينما نتحدث عن موضوع يتعلق بمدونة الأسرة فإن الاسم يظل في مكانه معنى ومبنى لأننا نتشارك جميعا في تكوين هذه الأسرة، والحديث عن المادة 49 من مدونة الأسرة أو ما تخيلناه كدا وسعاية، هو بعيد كل البعد عن العرف الذي طبق في بلدنا، ولكن في نطاق لم يراع أبدا عدالة مجالية حيث كان يطبق على نساء منطقة سوس، بحيث ظل القضاء وفيا لزمن قريب، لتنزيل هذا العرف الذي يعتبر مصدرا من المصادر القانونية، فكل امرأة سوسية كدت وسعت كانت تنال حظا ونصيبا مما تم اكتسابه إبان الحياة الزوجية، لكن بقيت كل نساء الوطن من كل المناطق محرومة من تطبيق هذا العرف حينما يتقدمن بطلب تفعيله، وهو عرف مأخوذ من فتاوى دينية لكنه لم يعمم داخل كل المحاكم المغربية للأسف.
وقد عرف القضاء سنوات 1998 إلى 2004 تطورا جيدا في تفعيل عرف الكد والسعاية، حيث تم توضيح مجموعة من الثغرات والنواقص في المادة 49 ، والتي تم توضيحها في العمل القضائي الذي لم يتوفق في تنزيل مقتضيات هذه المادة بروح العدالة، في حين نجد في مقتضيات الفصلين 110 و 112 من دستور المملكة المغربية، حيث ينص الأول على التطبيق العادل للقانون، أما الثاني فيتحدث عن الأمن القضائي، وهنا تسائل ذ.جمال الإدريسي القضاء المغربي الذي لم يتوحد في المادة 49، التي عرت الواقع الأليم لعدم توحيد العمل القضائي وعدم قدرته على الريادة في تمكين النساء اقتصاديا لاسيما في الشق المتعلق بالعملين الإنجابي والمنزلي، اللذين أخذتهما بعين الاعتبار مجموعة من الدراسات الاقتصادية، التي جعلت من العمل المنزلي والإنجابي أعمالا يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، مثلا في قياس الإنتاج الاقتصادي، وفي قياس جودة حياة الأفراد في إطار كيفية تقييم العمل المنزلي، خاصة أن الموروث السيوسيوثقافي يكرس التنقيص من دور المرأة وحصره في أدوار ثانوية داخل مؤسسة الزواج، رغم أن النساء المغربيات يقمن بأدوار جبارة داخل هذه المؤسسة إلا أنهن يجدن أنفسهن خارجات منها وهن خاليات الوفاض لا حق لهن في مناقشة ما تم اكتسابه داخلها، على اعتبار أن المفهوم الذي تم تكريسه يجعل الرجل هو الذي يعمل خارج البيت وهو الوحيد الذي ينفق على البيت دون استحضار دور المرأة الجبار، وتفعيل الشق الثاني من المادة 49 والتي تتعلق باللجوء إلى وسائل الإثبات في ظهير الالتزامات والعقود وهو إثبات مقيد فكيف للمرأة أن تحافظ على وثيقة شراء أي مقتنيات داخل بيت الزوجية، والتي تثبت مشاركتها في ملكيتها حينما تحين الساعة الصفر للطلاق، خاصة أن القضاء لا يكون جريئا، وهنا نسائل روح العدالة لنصل إلى عدالة حقيقية وناجعة وعادلة خاصة أن مدونة الأسرة لم تكن منصفة للنساء وتحتاج مراجعة حقيقية ودقيقة حماية للأسرة والمجتمع على حد السواء.
تلا هذا النقاش العلني والكاشف مجموعة من المداخلات والتوصيات التي خرجت بها هذه الندوة بمقر الحزب المركزي، والتي خلصت جميعها إلى ضرورة مراجعة مدونة الأسرة مراجعة شاملة وجذرية حماية للأسرة وللأطفال وللمجتمع.

الرباط: إيمان الرازي

error: