منظمة النساء الاتحاديات تنظم سلسلة من الندوات حول الحركة النسائية ومطالب المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة

28٬347

الرباط : عبد الرحيم الراوي

عقدت منظمة النساء الاتحاديات يوم أمس السبت 19 نونبر 2022 بمقر حزب الاتحاد الاشتراكي بالرباط، ندوة حول الحركة النسائية ومطالب المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة، حضرها كل من الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي إدريس لشكر، وأعضاء من المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي، إلى جانب ممثلي عدد من المنظمات النسائية المغربية نذكر من بينهم: جمعية اتحاد العمل النسائي (عائشة لخماس)، الجمعية المغربية لحقوق الضحايا (عائشة كلاع)، الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء (فاطم الزهراء الشاوي)، جمعية التحدي للمساواة والمواطنة (بشرى عبدو)، فدرالية رابطة حقوق النساء (سعاد بطل)، المركز المغربي للأستاذة الجامعية للبحث في قضايا النوع والتنمية (فريدة اللوماري).

وتندرج هذه الندوة في سياق الدفاع من أجل التغيير الشامل لمضامين قانون مدونة الأسرة، وإحقاق العدالة والمساواة بين الجنسين في العديد من موادها.

خلال هذا اللقاء، أكد الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أستاذ إدريس لشكر، أن الحزب سيدعم كل مبادرة من خلال تواجده في المؤسسات و المنظمات النسائية، مشددا على أنه لا يجب أن يكون هناك سقف فيما يتعلق بحقوق النساء وحرياتهن المتعارف عليها عالميا، أي المساواة التامة والكاملة، مضيفا “أقول هذا الأمر رفعا لكل لبس”.

وأشار الكاتب الأول قائلا: “نشتغل في مجتمع له تعقيدات تجعل من الصعب على الإنسان أن يتحدث بيقينية أو يتخذ مواقف يقينية ومطلقة، إلا إذا لم يكن مرافعا جيدا ومقنعا، والإقناع يبدأ بنصف المجتمع أولا”.

 

 

 

 وأضاف الكاتب الأول لحزب الوردة “نحن كحداثيين واجهتنا المرأة وشكلت لجنا في الأحياء، عندما كان النقاش حول مدونة الأسرة، ودخلت البيوت لتوهم النساء بأن مشروع المدونة ضد مصلحتهن”.

وذكَّر ادريس لشكر بفترة حكومة التناوب عندما اقترح تعديلا على المادة 6 من قانون الجنسية، حيث قال “برزت مقاومة شديدة من داخل الحكومة التي كان يترأسها الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، ولم نجد من يناقش معنا هذا المقترح، بل وطلبوا منا أن نسحب النص لأن الظرف لا يسمح، ولكن تمسكنا بموقفنا والحمد لله “.

وفي هذا السياق تحدث ادريس لشكر عن الصعوبات التي اعترضتهم بخصوص المقترحات، والمتمثلة في التأويلات السلبية للنصوص من قبل مؤسسة القضاء، موضحا أن المؤسسة الملكية توجد أمام مجتمع محافظ، لكن رغم ذلك أظهرت مرونة وانفتاحا كبيرا في تطوير مدونة الأسرة.

وقال الكاتب الأول إنه في سنة 2011 بينما كانت القوى الحية تناقش الحقوق والحريات، كانت القوى المحافظة، والتي كانت تقف حجر عثرة في كل المشاريع المتعلقة بمدونة الأسرة، تبحث عن مواقعها من خلال التأويلات السلبية لتلك النصوص.

وأوضح ادريس لشكر في كلمته “مرت عشر سنوات عجاف في ظل الحكومات المحافظة التي عمدت إلى التأويل السلبي للدستور، بل أصدرت قوانين تنظيمية وحتى عادية رجعية ومحافظة”.

وخلال الندوة دعا الكاتب الأول منظمة النساء الاتحاديات، إلى تشخيص دقيق لكل فصل من فصول المدونة، للترافع على تفعيل المكتسبات السياسية والاجتماعية للمرأة التي جاءت بها مدونة 2004 والتي اعترتها مشاكل كبيرة في التنفيذ خاصة مع التأويل القضائي لمقتضياتها.

وأبرز الكاتب الأول في الأخير، أن الظرف الحالي مواتي للحكومة الحالية، كي تتحلى بالشجاعة وتطرح قانونا في هذا الاتجاه، قائلا “لا تنمية لبلدنا بدون تحول حقيقي في قانون الأسرة”.

من جانبها كشفت الكاتبة العامة لمنظمة النساء الاتحاديات حنان رحاب، أن الندوة حول الحركة النسائية، ومطالب المراجعة الشاملة لمدونة الأسرة، جاءت ضمن سلسلة من الموائد التي بلغت 11 اجتماعا مع منظمات وجمعيات نسائية، حضرن إلى مقر الاتحاد الاشتراكي لإثراء النقاش حول مدونة الأسرة.

وأشارت الكاتبة العامة للمنظمة الاتحادية، أنه بعد التجاوزات المجتمعية، ساهمت المناضلات والمناضلين بشكل فعال على إخراج مدونة الأسرة إلى الوجود، لتحل محل مدونة الأحوال الشخصية بفضل إرادة مؤسساتية وتلاحم بين الأحزاب السياسية والتنظيمات النسائية والمنظمات الحقوقية بشكل عام.

وأبدت القيادية في حزب الاتحاد الاشتراكي امتعاضها من عدم تطبيق العديد من المقتضيات التي وردت في مدونة الأسرة، بعد أن تبين خلال 18 سنة من الأحكام القضائية أن الأمور تراوح مكانها، بل أكثر من ذلك أبدت الكاتبة العامة تخوفها من أن تعرف مدونة الأسرة مزيدا من التراجع على المكتسبات الحقوقية.

لهذا ارتأت منظمة النساء الاتحاديات، تضيف حنان رحاب، وجوب تنظيم موائد مستديرة بشكل محترف يضم جميع التمثيليات النسائية، ليضمن تنسيقا متكاملا ومتناغما بين العمل المدني والعمل السياسي، بعيدا عن المزايدات وعن الأساليب الفردية، والتي لن تحقق أي نتيجة إيجابية في هذا الاتجاه، لأنه في نهاية المطاف هناك مطالب توحد الجميع.

 واعتبرت رئيسة جمعية اتحاد العمل النسائي عائشة لخماس أن مدونة الأسرة في 2004 شكلت تقدما وتطورا غير مسبوق في مجال حقوق النساء، لكنها منذ البداية حملت اشكالات وعيوب من الناحية السياسية.

وعللت لخماس أسباب الاشكالات والعيوب كون أن بعض القوانين لم تناقش أوضاع وحاجيات الأسرة المغربية، بل ركزت على التوافق بين جهات مختلفة، مما جعل تلك المكتسبات معنوية، وبالتالي لم تنعكس على وضعية المرأة داخل الأسرة وداخل المجتمع. هذه القوانين التوافقية منعت المدونة من أن تؤدي الدور الذي كان مطلوبا منها.

وعن الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء عولت فاطمة الزهرة الشاوي في مداخلتها عن القوى الحية في المجتمع المغربي لإقرار مدونة حداثية ومدنية، باعتبار ان المجتمع المدني في حاجة إلى من يرافع بجانبه ويسانده سياسيا وعلى مستوى التشريع القانوني.

وأكدت الشاوي خلال مداخلتها عن ضرورة ملاءمة ورش الحماية الاجتماعية مع المدونة، مبرزة على أنه لا يمكن نجاح الحماية الإجتماعية دون تغيير مدونة الأسرة، مسجلة في السياق ذاته أن المرأة المغربية تعاني اجحافا في حقها في الإرث.

أما بخصوص مداخلة سعاد بطل، المحامية ورئيسة فدرالية رابطة النساء الديمقراطيات، فقد تقدمت بورقة مكتوبة تضم العديد من المقترحات والتعديلات تروم تطبيق وتنفيذ العديد من مقتضيات مدونة الأسرة.

ودعت بشرى عبو ممثلة جمعية التحدي والمساواة والمواطنة المشاركة في هذه المائدة المستديرة، إلى ضرورة أن يكون قانون الأسرة منسجما في مواده ومبني على أسس قانونية حتى تتم مراجعته مراجعة شاملة تتماشى مع العصر الحديث ومتطلبات الحياة، حيث ركزت في مداخلتها على تزويج القاصرات..

وكشفت فريدة اللوماري ممثلة مركز الأستاذة الجامعية  النوع الاجتماعي والتنمية، عن بعض الاختلالات التي تعتري مجموعة من مضامين مدونة الأسرة من خلال دراسة قام بها المركز حول مدونة الأسرة ، معتبرة أن المدونة هو شأن اجتماعي يهم جميع فئات المجتمع المغربي.

واعتبرت الناشطة الحقوقية والمحامية ورئيسة جمعية الضحايا، عائشة كلاع أن الحلقة الضعيفة في مدونة الأسرة هو المرأة والطفل، داعية في نفس الوقت إلى رفع القدسية على هذا القانون من أجل إقرار المساواة والإنصاف لصالح المرأة المغربية.

وأكدت  كلاع أن الفاعل المدني دوره الأساسي الترافع والجهر بالحقوق والمطالب، والفاعل السياسي هو الذي له إمكانية إيصال صوت الفاعل المدني والحقوقي وتضمينها في التشريعات والسياسات العمومية المستقبلية.

وفي كلمة ختامية لهذه الندوة، توجهت الكاتبة العامة لمنظمة النساء الاتحاديات حنان رحاب بالشكر إلى كل من الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي ادريس لشكر، على اهتمامه ومساندته لقضايا المرأة، كما توجهت بالشكر إلى جميع المشاركات والمشاركين في المائدة المستديرة، مؤكدة على مواصلة هذا النقاش في موائدة قادمة.

error: