بعد تشييع جثمانها وإعادة تمثيل العملية : التفاصيل الكاملة لجريمة “قطع رأس مواطنة واد إفران”

12٬688

أحمد بيضي

في جو جنائزي مهيب وأليم، تم تشييع جثمان  ضحية “قاطع الرؤوس”، بواد إفران، فاطمة ريحان، عصر يوم الأحد 30 دجنبر 2018، إلى مثواها الأخير، تحت مراقبة شديدة من لدن عناصر من الدرك الملكي والسلطة المحلية، تحسبا لأي طارئ محتمل، وذلك فور وصول جثمان الضحية من مدينة مكناس، حيث أحيلت جثتها على الطب الشرعي، في إطار الاجراءات القانونية الممنهجة للوقوف على تفاصيل وملابسات الجريمة النكراء التي لايزال الرأي العام  ، يعيش على هولها، منذ صباح  يوم الجمعة 28 دجنبر 2018، عندما عثر على جثة الضحية التي تم ذبحها من الوريد إلى الوريد، وفصل رأسها عن جسدها.

وتحت إشراف مباشر من النيابة العامة المختصة، وبحضور مسؤولين من الدرك والأمن، تمت صباح الاثنين 31 دجنبر 2018، ومن غير سابق إعلام أو إعلان، إعادة تمثيل جريمة القتل التي اهتزت على وقعها المنطقة وربوع البلاد،  حيث قام القاتل بتشخيص الطريقة الوحشية التي ذبح بها ضحيته وفصل رأسها عن جسدها، بينما لم تتمكن وسائل الإعلام من الإلمام بكل الحيثيات نظرا للمعطيات الشحيحة بخصوص ملف الواقعة، علم أن عددا من المحامين أعلنوا عن تطوعهم، وأن عدة هيئات حقوقية ونسائية عبرت عن تضامنها ودعمها للأسرة.

وأمام انتشار صورة لأب الضحية وحفيدته، تم إطلاق حملة تضامن معه، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من طرف فاعلين بالمغرب ودول أجنبية، لأجل جمع التبرعات لفائدته، في حين بادر بعض الفاعلين إلى مساعدة أب الضحية على فتح حساب بنكي باسمه   بأزرو، ووُضع رقمه رهن إشارة الجميع قصد مساعدته لمواجهة مصاريف علاج سرطان القولون، والعيش مع حفيدته، بينما علم من مصادر متتبعة بالمنطقة أن قافلة من الجمعيات ستقوم، في الأيام القليلة المقبلة، بزيارة لوالد الضحية وطفلتها.

مصادر من المنطقة لم يفتها الكشف عما جمعته من معطيات، ومن ذلك محاولة الجاني التأكيد على أنه أقدم على جريمته منفردا، ومن دون مساعدة أي أحد، وأنه أبلغ مشغله (خال الضحية)، ليلة الجريمة، بأنه سيقضي ليلته ببيت شقيقته القريب من المكان، وما فتئ ساعتها أن ظل مترصدا بضحيته إلى أن ظهرت،صحبة طفلتها، وهي تخرج من بيتها لقضاء حاجتها، تحت جنح الظلام،فانقض عليها، ووضع غطاء على رأسها بالقوة، وأحكم قبضته عليها لشل مقاومتها،ثم عمد إلى جرجرتها صوب المكان الذي أقدم فيه على خنقها وذبحها، من الوريد إلى الوريد، وفصل رأسها عن جسدها، في ظروف غامضة كانت فيه أرجاء القرية صامتة، ووالد الضحية في بيته منهك القوى بعد عودته ليلتها من مستشفى   بمكناس حيث يتابع العلاج.

وبعد اقتراف الجاني لجريمته  النكراء بمفرده أو بمساعدة آخر أو آخرين،غادر مسرح الجريمة باتجاه  بيت  شقيقته، ومنه لجأ هاربا، عبر المسالك الغابوية والجبلية، باتجاه منطقة تونفيت التي ينحدر منها، وهي تابعة لإقليم ميدلت   .

وعلم من مصادر متتبعة أن غرفة الجنايات باستئنافية مكناس باشرت مسطرة تعميق نظرها في ملف الجريمة، حيث استمعت للجاني، مع استدعاء سائق سيارة أجرة للاستماع لأقواله، دون توصل أي أحد لدوره في الواقعة، في حين تم الاستماع مجددا لخال الضحية،وهو مهاجر كان ينوي مغادرة التراب الوطني،وابنه القاطن بالمنطقة، وكذلك لوالد الضحية، ولم يستبعد المتتبعون أن يجري التحقيق في ما إذا سبق للجاني أن طلب فعلا يد الضحية للزواج فرفضت؟، وهل كان يهددها بالقتل فعلا؟ وما حدود خلفية ما يروج من أقوال بخصوص وجود نزاع حول إرث عقاري، سبق للضحية أن تقدمت في موضوعه بشكاية لدى النيابة العامة بابتدائية أزرو، وأحيلت على أنظار الدرك الملكي بحد واد إفران لإجراء التحريات الضرورية؟.

وبينما تمنى الكثيرون أن تعمل العدالة على فتح تحقيق في مدى حقيقة وجود شكايات تقدمت بها الضحية ولم يتم البت فيها؟، وهل فعلا كان رفض الضحية للزواج سببا وراء ذبحها وقطع رأسها أم هناك أسباب أخرى؟، في حين مازال العديد من المتتبعين لفصول وتفاصيل الجريمة غير مقتنعين  بما يفيد بأن تنفيذ الجريمة المروعة قد تم على يد شخص واحد؟ ، وأن عملية الذبح قد جرت في الموقع الذي وجدت فيه الجثة بناء على كمية الدم التي عثر عليها قرب الجثة مقارنة مع ما يمكن أن يسيل من دماء انسان مذبوح ومقطوع الرأس، سيما في حال صحة الخبر المتعلق بعثورالمحققين على سلاح أبيض  في بئر بعيدة عن مسرح الجريمة المسمى “ثافرييج”؟  إلى غيرها من التساؤلات المحيرة التي ستظل عالقة في انتظار الانتهاء من مجريات التحقيق الجارية من طرف العدالة.

ومن خلال المعطيات الأولية، فالضحية، تبلغ من العمر حوالي 34 سنة، وهي مطلقة وأم لطفلة في ربيعها الثامن، يتيمة الأم منذ ما يناهز أربع سنوات، وتعتبر المعيل الوحيد لعائلتها عن طريق اشتغالها بالبيوت ومقاهي مركز الجماعة، أو ببعض الضيعات الفلاحية، لتوفير لقمة العيش لوالدها المريض بسرطان القولون وابنتها الحريصة على متابعة دراستها، في حين يشهد الجميع لها بحسن السلوك والتضحية وقوة الشخصية، وشوهدت في أكثر الحملات الانتخابية وهي تواجه مظاهر الفساد وتدافع عن انتظارات المنطقة وتطلعات الساكنة.

وكان بديهيا أن تتحول المنطقة، يوم الجريمة،إلى مسرح لحالة استنفار ومطاردة هوليودية، بمشاركة عناصر الدرك الملكي والسلطات المحلية والإقليمية والاستخبارات، واستعمال حوامة تابعة للدرك الملكي وكلاب مدربة، من أجل فك طلاسم الجريمة والتنقيب عما يمكن من الخيوط التي قد تعجل بالكشف عن ملابسات الجريمة وهوية الجاني، وقد انقسمت أصابع الاتهام يومها حول حقيقة المشتبه بهم، وفي مقدمتهم راعي الغنم (عزيز)، الذي راج لحظتها أنه ليس من عادته التغيب عن الرعي، منذ حلوله بالبلدة، قبل عدة أشهر، قادما إليها من تونفيت للعيش مع شقيقه، والعمل راعيا لدى خال الضحية، حيث اختفى، صباح الجريمة، عن الأنظار في ظروف غير مألوفة.

وبينما شددت السلطات الأمنية اتهامها  للراعي، على خلفية تحرشه بالضحية أكثر من مرة، عاينت عن قرب أحد الكلاب المدربة وهو يتوجه توا إلى بيت شقيقته، لينصب بحث المحققين عن المعني بالأمر بين الجبال والغابات الفاصلة بين إقليمي إفران وميدلت، إلى أن تم اعتقاله، يوم السبت 29 دجنبر 2018، بضواحي تونفيت، إقليم ميدلت، بعد أن ولج أحد المقاهي الأسبوعية، ومن سوء حظه لم يفطن لوجود عون سلطة داخل المقهى، هذا الأخير الذي تمكن من التعرف عليه، ليربط الاتصال بقائد المنطقة، وفي الوقت ذاته قام المستهدف  بمغادرة المكان لتتم ملاحقته بشكل من السرية والحذر الشديدين، حيث أجبره الجوع على البحث عما يملأ به بطنه، قبل الايقاع به في الكمين وإخطار عناصر الدرك الملكي لاعتقاله كصيد ثمين.

error: