“الأمغاريون” بخنيفرة يحتفلون بالسنة الأمازيغية في حفل يطبعه الإصرار المطلق والحفاظ على الهوية

220٬752
  • أحمد بيضي
كادت “جمعية أمغار للثقافة والتنمية”، بخنيفرة، أن تصطدم بمنعها من الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، حتى بالرغم من إقرار هذه المناسبة عطلة وطنية رسمية بأمر من الملك، في إطار التكريس الدستوري للأمازيغية باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة بدون استثناء، علما أن الجمعية المذكورة تعد من الجمعيات الأمازيغية المغربية التي واظبت، منذ ميلادها، قبل أزيد من عقدين، على تكريس رأس السنة الأمازيغية (إيض ايناير) تقليدا سنوياً، بكل ما تتأبطه المناسبة من أبعاد ودلالات تاريخية وهوياتية، وبالرغم من كل التحديات التي ظلت تلاحق هذه الجمعية بإقليم يتوسطه موقع أجدير الذي ألقى منه الملك خطابه التاريخي حول الأمازيغية.
وقد تداول متتبعون للشأن العام المحلي موضوع محاولات غريبة سعت إلى عرقلة طلب الجمعية لمقر احدى الجمعيات، وأمام تمسك هذه الجمعية بحقها في الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، على غرار باقي الجمعيات والمؤسسات بكل أنحاء البلاد، بلغ الأمر للسلطات الإقليمية، عبر “مكلفة بملف الأمازيغية لدى رئاسة الحكومة”، كانت في ضيافة إحدى المؤسسات الثقافية بالمدينة، ليتم السماح للجمعية بتنظيم احتفالها الذي كان من المفروض في الجهة المعنية بالعرقلة الوعي بما يحمله الاحتفال هذه السنة من توجيهات أعلى سلطة في البلاد، وما يميزه من تحول استثنائي، بعد اعتماده لأول مرة إجازة وطنية رسمية على غرار السنتين الهجرية والميلادية.
ومن قاعة (ممنوعة) إلى قاعة أخرى، نظمت “جمعية أمغار للثقافة والتنمية” حفلها تخليدا للسنة الأمازيغيّة الجديدة 2974، في حضور عدد متميز من المدعوات والمدعوين من مختلف الشرائح الاجتماعية، ومن الأطياف الثقافية، التربوية، الجمعوية، الفنية، المهنية، وغيرها، حيث افتتحت المناسبة بكلمة للفاعل المدني ذ. علال الحاج وأخرى لرئيس الجمعية ذ. التجاني السعداني، تناولا فيهما ترحيبا بالحضور، وما تحمله المناسبة من أهمية قوية بالنسبة لعموم الأمازيغ، والشعب المغربي قاطبة، ومدى نضالات التنظيمات المدنية في فرضها رسميا على مراكز القرار، وإقرارها رسميا كعطلة وطنية رسمية مؤدى عنها.
وبعد ذلك، عاش فضاء المكان مع أشعار مجموعة لفن تامديازت برئاسة حدو نايت أعمر أمكييل، من منطقة إيتزر، ومع مقاطع غنائية وترية لمجموعة الفنان محمد عاشور، من مدينة خنيفرة، الذي مسح القاعة، رفقة الصوت الجبلي القوي، الفنانة شادية، بفيض من التجاوب الجميل، فيما عاش الجميع معزوفات على آلة القيتار مع مجموعة تسوتان ن إمال، من الجنوب الشرقي، قبل مشاركة المنظمين والمدعوين في رقصة وغناء جماعيين من فن (أحِيدُوسْ)، في أجواء حميمية ووفية للسكان الأمازيغ الذين استقروا بالأطلس المتوسط، وحافظوا على هويتهم وتراثهم الشعبي الأصيل بطقوسه وأهازيجه التاريخية المتجذرة.
وارتباطا بإرث الأمازيغ وثقافاتهم العميقة، وتقاليدهم الموروثة جيلا بعد جيل، وتجسيدا للارتباط بالأرض والاحتفاء بالهوية وخصوبة الطبيعة، لم يفت “جمعية أمغار للثقافة والتنمية”، في هذا اليوم، وكما كل سنة، دعوة ضيوفها لحفل عشاء تم فيه تحضير أطباق كسكس متوجة ب “سبع خضار وفواكه جافة وبيض مسلوق”، على أن يكون الأوفر حظا من يعثر على “حبة تمر” في قلب الطبق، حيث يعلو التصفيق، في جو من المرح والتشويق، حول كل طاولة تم فيها العثور على هذه التمرة، ذلك قبل انتهاء الحفل بتجديد التهاني بين الجميع، وتبادل المتمنيات بأن تكون السنة الجديدة سنة خير واستقرار وسلام ورفاه.
error: