تراجع نسبة تأييد حزب المؤتمر الوطني الإفريقي و قضية الصحراء المغربية تغيب عن اهتمام المستطلعين

هل يسقط تحالف البطالة والفساد حلم نيلسون مانديلا؟

10٬072

مشيج القرقري

تناقلت وكالات الأنباء العالمية، باهتمام بالغ، نتائج استطلاع رأى أجرته مؤسسةBrenthurst على عينة مكونة من 1500 مواطن ومواطنة مسجلين في اللوائح الانتخابية، حول نوايا التصويت في الانتخابات الرئاسية المزمع انعقادها في شهر ماي من السنة الجارية بدولة جنوب إفريقيا….
النتائج أظهرت أن شعبية حزب المؤتمر الوطني الإفريقي ANC انخفضت إلى 39%، بعدما كانت في حدود 52% في الرئاسيات السابقة، مما يزيد من رجاحة احتمال تشكيل حكومة ائتلافية بعد الانتخابات العامة.
نتائج الاستطلاع المذكورة تؤشر كذلك على اقتراب تشكل تحالف اليمين/ وسط، المكون من العديد من الأحزاب وعلى رأسها حزب التحالف الديمقراطي DA ( ، الذي سيرتفع رصيده من الأصوات من 23 إلى 27%) ، ليحصد التحالف اليميني المذكور 33% من الأصوات، الأمر الذي يجعله مطاردا لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي بفارق لا يتجاوز 6% من كتلة الأصوات، ويحوله بالتالي إلى مشروع تحالف حاكم.
حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، والذي يحكم البلاد منذ 1994 بأغلبية برلمانية مطلقة، معرض بشدة لفقدانها خلال انتخابات 29 مايو 2024، حيث عبر حوالي 76% من المستجوبين عن رغبتهم في أن يحكم البلاد تحالف أحزاب عوض حكم الحزب الوحيد، مما يظهر تراجع منسوب الثقة في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم.
وعند سؤال المستجوبين عن الائتلافات التي يفضلونها، عبر 29% منهم أنهم يفضلون ائتلاف الميثاق المتعدد الأحزاب (DA، IF، Action SA، FF+، ACDP وغيرها)، بينما اختار 25% ائتلاف ANC-DA، في حين أن 24% اختاروا ائتلاف ANC-EFF، وفي نفس السياق عبر حوالي 26% من مواطني جنوب إفريقيا المستجوبون،عن ميولهم في التصويت لصالح حزب معارض.
ومع تصاعد وتيرة الحملات الانتخابية، وفي أول استطلاع عام يتم إجراؤه، أظهرت نتائج برينثورست أن مواطني جنوب إفريقيا يفضلون الآن حكومة ائتلافية تتموقع في اتجاه الوسط بدلاً من اليسار، ويبدو أن الاستياء الواسع النطاق من حكم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وأن تقييم السياسات يتفوق على نحو متزايد على أي ولاء موروث لحركة التحرير، حيث يتخذ الناخبون الآن قراراتهم استنادا إلى سجل ما حققه حكم الحزب الحاكم في الآونة الأخيرة بدرجة أقل من الحنين إلى الماضي.

حزب المؤتمر الوطني الإفريقي والسياسة الخارجية

ساءل عدد مهم من المستجوبين أجندة السياسة الخارجية لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي، والتي أدت إلى فقدانه لحلفائه التقليديين في الغرب، بينما كان الحزب يغازل روسيا والصين وإيران، على حساب المصالح الاستراتيجية لدولة جنوب إفريقيا، في بعدها الاقتصادي، على المستويين العالمي والإفريقي، كون 43% من المستجوبين يعتقدون أن مصلحة جنوب إفريقيا توجد في تموقعها مع الدول الغربية والدول الديمقراطية الأخرى، وأن 22% كانت لهم ميول نحو التحالف مع إفريقيا، ويعتبر 19% فقط أنها يجب أن تنحاز إلى مجموعة البريكس BRICS ، مما يعني أن قرار حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بالتحول إلى جانب البريكس سيفقده العديد من الأصوات.
السودان، زيمبابوي، النزاع الروسي/الأوكراني، إسرائيل وحماس…

حظيت السياسة الخارجية لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي وتأثيرها على الناخبين، بجزء هام من استطلاع الرأي، حيث همت مواضيع قارية ودولية، في حين غابت قضية الصحراء المغربية عن الاستطلاع، مما يعني ويعكس حقيقة الموقف المتشدد والمتطرف والمعاكس للمغرب، بكونه موقفا حزبيا ضيقا لا علاقة للمجتمع الجنوب إفريقي به ولا بمصالحه القومية أو الاقتصادية…
وقال أكثر من 50% من الناخبين إن سياسة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بشأن الصراع بين أوكرانيا وروسيا وإسرائيل وحماس لن تؤثر على طريقة تصويتهم.
لكن 24% من الناخبين قالوا إنهم «أقل احتمالا» للتصويت لصالح حزب المؤتمر الوطني الإفريقي نتيجة لسياسته بشأن الصراع الروسي الأوكراني، في حين قال 23% من الناخبين إنهم «أقل احتمالا» للتصويت لصالح حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بسبب موقفه بشأن الصراع بين إسرائيل وحماس.
في النهاية، اعتبر المستجوبون أن أكبر القضايا التي تواجه البلاد، والتي تعتبر حكومة الحزب الوطني الإفريقي مسؤولة عنها لأكثر من ثلاثة عقود هي إلى جانب البطالة، نجد الفساد (ما يقارب 60٪ من المستجوبين).
فهل يسقط الفساد حلم مانديلا في دولة قوية،عجزت لحد الآن عن توفير سبل العيش الكريم والأمان لمواطنيها.
وفي موضوع ذي صلة تعيش جنوب إفريقيا على وقع جدل أثارته الدعوة التي وجهها حزب المعارضة الرئيسي، التحالف الديمقراطي، إلى وزير الخارجية الأمريكي وإلى وزراء الخارجية الآخرين في أوروبا، طلبا للمساعدة على ضمان شفافية ومصداقية الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 29 ماي المقبل.
وكتبت النائبة والمتحدثة باسم التحالف الديمقراطي إيما باول، في رسالة وجهتها إلى أنتوني بلينكن عبر السفارة الأمريكية في بريتوريا، بتاريخ 7 مارس 2024، أن حزبها غير مرتاح لنخبة المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، لأنه «أصبح أكثر يأسا وسيحاول تزوير الانتخابات الحاسمة المقبلة».
وأعربت باول في هذه الرسالة «عن رغبة التحالف الديمقراطي في مساعدة الولايات المتحدة من أجل مراقبة الانتخابات المقبلة في جنوب إفريقيا، من أجل منع حزب المؤتمر الوطني الإفريقي والقوى الخارجية الأخرى من الحصول على ما يريدون»، مضيفة أنه «في الوقت الذي تسعى النخبة الحاكمة بشدة إلى الاحتفاظ بالدعم الانتخابي قبل الانتخابات المقبلة، نعتقد أنهم سيكونون على استعداد لوضع مصالحهم السياسية الضيقة قبل المصالح العليا لبلادنا».
وقبل شهرين من هذه الانتخابات الحاسمة، كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «برينثورست» أن السياسة الخارجية لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي وقيادته الضعيفة يثبطان عزيمة الناخبين، وأن أكثر من نصف الناخبين يحملون حكومة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، المسؤولية عن المشاكل التي تعانيها جنوب إفريقيا خلال العقود الثلاثة الماضية.
ومن المرتقب أن يتوجه أكثر من 27 مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع، في 29 ماي المقبل، من أجل انتخاب برلمان جديد، والذي سيعين بدوره رئيس البلاد المقبل.

error: