أكد تقرير المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول مقالع الرمال والرخام أن قطاع المقالع “يجمع مقاولات تشكل نموذجا خطيرا للريع ومقاولات أخرى تحتاج إلى تدخل الدولة.” مسجلا أن عدد مقالع الرمال والرخام بالمغرب يصل إلى 2920 مقلعا، لكن الملاحظ أن عدد المقالع التي خضعت للمراقبة لا يتعدى 1049 مقلعا، أي أن 1871 مقلعا ظلت خارج المراقبة لمدة تتجاوز السنة، في وقت لا يوجد فيه الحديث إطلاقا عن مقالع الغاسول، بعدما تبين أن ملف غاسول القصابي قد أحيل منذ مدة على رئاسة الحكومة للبت فيه.

شركة واحدة مملوكة لعائلة الصفريوي تحتكر أكبر مقلع لـ «الغاسول» في العالم

وتفيد المعطيات التي توصلت إليها جريدة الاتحاد الاشتراكي، أن ملف مقالع الغاسول التي تستغلها عائلة الصفريوي لسنوات عدة ، مازال حبيس رفوف رئاسة الحكومة منذ أزيد من عامين، بعدما كان قد أثار ضجة في عهد الحكومتين السابقتين،، حين ارتفعت الأصوات من حزب العدالة والتنمية مطالبة بضرورة وضع حد لاستغلال مقالع الغاسول خارج طلبات العروض القانونية. وتعود أطوار هذا الملف إلى بداية 2013، حين توعد وزير التجهيز السابق، عزيز الرباح، بإنهاء “وضعية الاحتكار” الذي تمارسه شركة واحدة مملوكة لعائلة الصفريوي لأكبر مقلع لمادة “الغاسول” بالمغرب على مساحة تناهز 27 ألف هكتار ( تتوزع بين الأراضي السلالية والأملاك المخزنية) ، بجماعة القصابي التابعة لإقليم بولمان، دون أن يكون لهذا الاستغلال عائد مادي على المنطقة المعروفة بأنها الوحيدة في العالم التي يستخرج منها الغاسول.
غير أنه وبعد أن نجح الوزير الرباح في تنحية الشركة المستغلة لمقالع الغاسول، فشل في المقابل في جلب مستثمرين جدد لهذه المقالع، وبعد أن أطلق طلبات عروض دولية و أخرى وطنية، استمرت في عهدي وزيري التجهيز اللاحقين (بوليف واعمارة) لم يتقدم أي مستثمر لتعويض الشركة المنسحبة التي تشرد عمالها ال 120 الذين كانوا يشتغلون في هذه المقالع، وهكذا وبعد أن كان الملف يحمل صبغة اقتصادية استثمارية، أصبح فيما بعد “مأساة اجتماعية” حيث عاد الملف إلى البرلمان من باب “حماية 120 أسرة من الضياع والتشرد”.

كيف فشل وزراء التجهيز (الرباح، بوليف وعمارة) في تدبير ملف الغاسول؟

هذا الوضع دفع بالسلطات إلى إعادة فتح الحوار مع آل الصفريوي لإعادة فتح الشركة في وجه العمال المعطلين، مقابل استئناف نشاط الاستخراج المنجمي للغاسول، وقد تمكنت شركة الصفريوي من الظفر بعقد استغلال جديد مدته 10 سنوات، التزمت بموجب محضر اجتماع مع عامل الإقليم، بإرجاع 70 عاملا على الفور إلى عملهم وتعهدت بإرجاع باقي العاملين بالتدريج مع عودة النشاط الى المقالع المهجورة. غير أن هذه التعهدات لم يتم الالتزام بها إلى اليوم.
واليوم وبعد فشل الحكومتين السابقتين في تدبير هذا الملف، باعتراف الوزير عبد القادر اعمارة نفسه، الذي أقر بذلك أمام عدد من البرلمانيين السابقين ، عاد الموضوع من جديد إلى الواجهة مع صدور التقرير المنجز حول المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول مقالع الرمال والرخام، التي ترأسها النائب البرلماني سعيد بعزيز، عن الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية، حيث وقفت اللجنة البرلمانية على العديد من الاختلالات والتجاوزات التي مازالت تلقي بظلالها على هذا القطاع على الرغم من الإصلاحات القانونية التي خضع لها خلال العشرية الأخيرة.

المهمة الاستطلاعية تفضح الأعطاب التي مازالت تربط المقالع باقتصاد الريع

وكشفت المهمة الاستطلاعية عن مجموعة من الأعطاب التي مازالت تربط قطاع المقالع باقتصاد الريع، وهو ما يتطلب حسب توصياتها تعزيز المنظومة الشاملة للحكامة من شفافية ومنافسة حرة ونزيهة، والوضوح والسلاسة في كل الإجراءات المرتبطة بالقطاع.
ويرتقب أن تشكل مناقشة هذا التقرير رسميا في البرلمان، مناسبة لطرح العديد من الأسئلة التي أثارها التقرير المنجز حول المهمة الاستطلاعية البرلمانية حول مقالع الرمال والرخام، وكذا فرصة لخروج رئيس الحكومة عن صمته إزاء هذا الملف المحرج الذي أحالته عليه مصالح وزارة الداخلية منذ أزيد من سنتين، غير أنه فضل أن يركنه في رفوف مكتبه، ولسان حاله يقول: كم حاجة قضيناها بتركها !!