بدء التصويت بانتخابات فرنسا وتوقعات بتقدم اليمين المتطرف

فرنسا أمام خيار تاريخي في انتخابات تشريعية غبر مسبوقة

29٬901

فتحت مراكز الاقتراع في البر الفرنسي الأحد للدورة الأولى من انتخابات تشريعية تاريخية قد توصل اليمين المتطرف إلى السلطة بعد أسبوع.

وفتحت مراكز الاقتراع في الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت الفرنسي غداة بدء عمليات التصويت في أراضي ما وراء البحار الفرنسية السبت، وسط توقعات بوصول نسبة المشاركة إلى 67% من الناخبين المسجلين.

وتستمر عمليات التصويت حتى الساعة  السادسة مساء وصولا إلى الساعة الثامنة ليلا في المدن الكبرى، على أن تظهر عندها النتائج الأولية لهذا الاستحقاق الذي قد يحدث انقلابا حقيقيا في المشهد السياسي الفرنسي.

ويحظى حزب التجمع الوطني ممثلا برئيسه جوردان بارديلا (28 عاما) بـ34 إلى 37% من نوايا الأصوات في استطلاعات الرأي، ما قد يفضي إلى سيناريو غير مسبوق مع حصوله على غالبية نسبية أو مطلقة بعد الدورة الثانية في السابع من تموز/يوليو.

وتشير استطلاعات الرأي التي يترتب النظر إليها بحذر من شدة ما يبقى الوضع ضبابيا، إلى أن التجمع الوطني يتقدم على تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري الذي يجمع ما بين 27,5 و29% من نوايا الأصوات، والغالبية الرئاسية الحالية من وسط اليمين التي تحصل على 20 إلى 21%.

وفي حال وصل بارديلا إلى رئاسة الحكومة، فستكون هذه أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تحكم فرنسا حكومة منبثقة من اليمين المتطرف.

وأحدث الرئيس إيمانويل ماكرون زلزالا سياسيا حقيقيا في التاسع من يونيو حين أعلن فور تبين فشل تكتله في انتخابات البرلمان الأوروبي، حل الجمعية الوطنية، في رهان محفوف بالمخاطر كان له وقع الصدمة في فرنسا والخارج.

وبالرغم من تبايناته الداخلية، نجح اليسار خلال الأيام التالية في بناء ائتلاف.

لكن الخلافات بين “فرنسا الأبية” اليسارية الراديكالية وشركائها الاشتراكيين والبيئيين والشيوعيين ولا سيما حول شخص زعيمها جان لوك ميلانشون، المرشح السابق للرئاسة، سرعان ما ظهرت مجددا وغالبا ما ألقت بظلها على حملة التكتل.

وفي هذه الأثناء، واصل التجمع الوطني الزخم في حملة ركزها على القدرة الشرائية وموضوع الهجرة، من غير أن تتأثر لا بالغموض حول طرحه إلغاء إصلاح نظام التقاعد الذي أقره ماكرون، ولا بالسجال الذي أثارته طروحاته حول المزدوجي الجنسية ولا بالتصريحات الجدلية الصادرة عن مرشحين من صفوفه.

لكن هل يخالف الفرنسيون توقعات استطلاعات الرأي في ختام حملة خاطفة لم تستمر سوى ثلاثة أسابيع؟

يعم انفعال كبير البلاد ومن المتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات مرتفعة، وقد تصل إلى حوالى 67% من أصل نحو 49 مليون ناخب مسجل، بزيادة كبيرة عن نسبة 47,5% المسجلة في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية عام 2022.

وسجل أكثر من 2,6 مليون طلب تصويت بالوكالة بحسب وزارة الداخلية، وهو عدد يفوق بأربع مرات العدد خلال فترة مماثلة قبل سنتين.

وباشر الفرنسيون في أراضي ما وراء البحار والمقيمون في القارة الأميركية التصويت منذ السبت، مسجلين مشاركة أعلى بكثير من قبل، ومعبرين في غالب الأحيان عن إحساس بجدية الوضع.

وبلغت نسبة المشاركة ظهر الأحد بالتوقيت المحلي في كاليدونيا الجديدة 32,39%، بزيادة عشرين نقطة عن نسبة 13,06% المسجلة في 2022، وسط توتر شديد في الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ بعد أعمال شغب التي شهدها إثر التصويت في باريس على إصلاح للنظام الانتخابي رفضه الانفصاليون.

و قد يكون من الصعب استخلاص العبر من الدورة الأولى من كثرة ما تبقى رهنا بعوامل غير محسومة.

وفي طليعة هذه العوامل الارتفاع الكبير المرتقب في عدد الدوائر التي سيتأهل فيها ثلاثة مرشحين للدورة الثانية.

كما تتوجه الأنظار إلى عدد المرشحين الذين سينسحبون خلال فترة ما بين الدورتين، في حين تراجع على مر السنوات الاندفاع إلى تشكيل “جبهة جمهورية” تقف بوجه اليمين المتطرف.

ويواجه معسكر الغالبية الرئاسية الحالية أكبر قدر من الضغوط، بعدما انتخب ماكرون رئيسا في 2017 و 2022 متحصنا بضرورة تشكيل حاجز أمام اليمين المتطرف.

ووعد الخميس بـ”بوضوح تام” في تعليمات التصويت للدورة الثانية في حال المنازلة بين الجبهة الوطنية واليسار، لكنه كان حتى الآن يبدي ميلا بالأحرى إلى نهج “لا للجبهة للشعبية ولا لفرنسا الأبية” الذي يقابل بتنديد من اليسار وانتقادات حتى داخل تكتله.

ومن المقرر أن يجمع ظهر الإثنين رئيس الوزراء غابريال أتال وأعضاء حكومته في قصر الإليزيه لبحث مسألة انسحاب مرشحين والإستراتيجية الواجب اعتمادها بوجه التجمع الوطني.

وتجري هذه الانتخابات بعد سنتين لم يكن خلالهما للتكتل الرئاسي سوى غالبية نسبية في الجمعية الوطنية، ما أرغم الماكرونيين على البحث عن حلفاء كل ما أرادوا طرح نص ، أو حتى استخدام بند في الدستور سمح لهم بتمرير الميزانيات وإصلاح النظام التقاعدي بدون عمليات تصويت.

ومع فوز التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية بحصوله على 31,4% من الأصوات مقابل 14,6% للمعسكر الماكروني، تسارعت الأحداث دافعة الرئيس إلى اتخاذ خيارات تضعه أمام سيناريو “تعايش” مع بارديلا.

وعرفت فرنسا في تاريخها الحديث ثلاث فترات من التعايش بين رئيس وحكومة من توجهات مختلفة، في عهد فرنسوا ميتران (1986-1988 و 1993-1995) وفي عهد جاك شيراك (1997-2002).

error: