أكد المحلل السياسي عبد الحميد جماهري، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها بتأكيد دعمها للعملية السياسية الجارية تحت الإشراف الحصري لمجلس الأمن الدولي من أجل تسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، صارت في نفس المنطق الذي دعا إليه جلالة الملك في خطابة الأخير 6 نونبر بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤوليتها، أي الخروج من المنطق الذي يجعلها تتولى القضية فقط، بل أن تدافع عنها.
وأوضح عبد الحميد جماهري مدير نشر وتحرير جريدة الاتحاد الاشتراكي في تصريح لموقع “أنوار بريس”، أن المغرب لا يمكن له إلا أن يسجل بإيجابية هذا التفاعل الأممي، وأن هذا القرار يأتي بعد قرار اللجنة الرابعة الذي جاء بالإجماع بعد نقاشات طويلة ذهبت في إتجاه ما يرضي المغرب، والمتمثلة في 3 أمور أساسية وهي حصرية أن يظل القرار بيد الأمم المتحدة، لأن هناك بين الفينة والأخرى مساعي خصوصا محاولة الزج بالاتحاد الافريقي في هذه القضية بتحرك وبتنسيق جزائري جنوب افريقي، وأحيانا تكون هناك بعض الأصوات التي تطالب بعودة القرار إلى الاتحاد الافريقي، وهي محاولات للالتفاف على القضية وأيضا لإبطال جميع القرارات الصادرة منذ على الأقل 2017.
أما الأمر الثاني، يضيف جماهري، فهو أن هذه القضية وخصوصا قرارات مجلس الأمن، هي التي لها الأولوية ولها الكلمة الفصل في هذا النزاع المفتعل، وبالنسبة للمغرب فهو في وضع مريح، وأن قرارات الجمعية العامة تتماشى مع ما تم تقريره في أكتوبر 2024 من قبل مجلس الأمن في قراره 2754 والذي يجعل الاطراف المعنية بالقضية أصبحت رباعية ولا طريق إلا طريق الموائد المستديرة ولا أفق إلا الأفق السياسي.
وأشار جماهري، في هذا السياق، إلى تكريس وقوة موقف المغرب، باعتبار أن مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحتها المملكة في سنة 2007، هي الأفق السياسي الوحيد لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، وبالتالي فإن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير، يسير فيما يريده المغرب ويزكي ما يريده مجلس الأمن الدولي ويقوي من أولويات وسمو المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
وشدد المحلل السياسي عبد الحميد جماهري، على أن الحديث عن مباردة الحكم الذاتي، يعني الإقبار النهائي للاستفتاء، وبالتالي فقرار الجمعية العامة هذا، هو تجديد لهذا الإقبار على غرار اللجنة الرابعة ومجلس الأمن الذي يمتلك الحصرية- حصرية طي الملف حينما تنضج شروطه، وبالتالي فدعوة الأطراف ليس دعوة اختيارية بل هي ملزمة بمقتضى القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والتي تلزم الأطراف المعنية “المغرب-الجزائر- البوليساريو- موريتانيا” بضرورة الجلوس إلى الموائد المستديرة والمشاورات والمساهمة في الحل السياسي.
وأوضح جماهري، أن ما هو مطلوب بالنسبة للمغرب، هو أن يفرض مجلس الأمن سلطته والأمم المتحدة سلطتها على الأطراف خصوصا الطرف الجزائري الذي يدعي بأنه طرف غير معني أو أنه طرف مهتم من بعيد أو هناك طرفان فقط، وبالتالي فلابد أن يكون هناك سريان القرارات الأممية على الطرف الذي يحاول أن يعرقل هذا الحل السياسي، مؤكدا أن المناورة الجزائرية واضحة بشكل جلي. و أنه بعد أن تم اقبار مسلسل الاستفتاء جاء مقترح الحكم الذاتي للخروج من النفق وإعطاء الإمكانية للأمم المتحدة لكي تجد حلا لهذا الملف، ومن الطبيعي أن يطالب المغرب اليوم الأمم المتحدة بتحمل مسؤوليتها.
وخلص جماهري، إلى أنه منذ تولي جلالة الملك الحكم إلى اليوم، يمكن القول أن هناك ركيزتين أساسيتين، أولهما الانطلاق والثانية ركيزة الوصول، ففي الانطلاقة كان هناك سعي من أجل ألا يظل المغرب حبيس المعادلة التي تفرضها الأطراف الأخرى والتوافقات التي تتم إما بين المراكز الكبرى أوالعواصم صانعة القرار وإما بفعل الأوضاع الاقليمية، وبالتالي أن يغير من هذه المعادلة إلى معادلة أخرى أعلن عنها جلالة الملك، حين أكد جلالته على أن المغرب انتقل من تدبير إكراهات القضية إلى تغيير معايير الحل. وبالتالي فإن التغيير هو اقبار مسلسل الاستفتاء والتأكيد على الحل السياسي، وسمو المبادرة المغربية للحكم الذاتي لحل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
وذكر جماهري، بأن منطق الوصول كركيزة ثانية هو منطق حسم القضية، وبالتالي فالخطاب السامي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء وخطاب افتتاح البرلمان أعطى النبرة الأخيرة، والإعلان بأنه جاء الحق وزهق الباطل، وأن هناك قناعة بالنسبة للفاعلين السياسيين في القرار الدولي بأن القضية في حقيقة الأمر انتهت ذهنيا ولم تعد قادرة على أن تعبء دولا أو لها أصوات داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة أو أي تكتل من التكتلات الكبرى، لفائدة ما يسمى بتقرير المصير، وبالتالي ما يجب هو أن يتم ذلك على مستوى الكتابة القانونية أي أن يتم في أوراق الأمم المتحدة بشكل نهائي.
ويذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، اعتمدت قرارا يجدد تأكيد دعمها للعملية السياسية الجارية تحت الإشراف الحصري لمجلس الأمن الدولي من أجل تسوية النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية. وأكدت الجمعية العامة، بذلك، القرار الذي اعتمدته اللجنة الرابعة في أكتوبر الماضي.
ويدعو القرار، الذي تم اعتماده يوم الأربعاء، كافة الأطراف إلى التعاون الكامل مع الأمين العام للأمم المتحدة من أجل التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي، بناء على القرارات التي اعتمدها مجلس الأمن منذ سنة 2007. ويدعم بذلك العملية السياسية على أساس قرارات مجلس الأمن المعتمدة منذ 2007، بهدف التوصل إلى حل “سياسي عادل ودائم ومقبول لدى الأطراف” لقضية الصحراء المغربية.
وأشاد القرار بالجهود المبذولة في هذا الصدد، داعيا كافة الأطراف إلى التعاون الكامل مع الأمين العام، وفي ما بينها، بغية التوصل إلى “حل سياسي مقبول لدى الأطراف”.
وعلى غرار القرارات السابقة وتلك التي تبناها مجلس الأمن على مدى عقدين، لم يتضمن هذا القرار أي إشارة إلى الاستفتاء، الذي أقبره كل من الأمين العام الأممي والجمعية العامة ومجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. ويدعم هذا القرار قرارات مجلس الأمن الصادرة منذ 2007، والتي كرست سمو مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، والتي حظيت بترحيب الهيئة التنفيذية والمجتمع الدولي باعتبارها مبادرة جادة وذات مصداقية من أجل التسوية النهائية لهذا النزاع الإقليمي في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية.
كما يدعم القرار توصيات القرارات 2440 و2468 و2494 و2548 و2602 و2654 و2703، التي كرسها القرار رقم 2756 الذي تم اعتماده في نهاية أكتوبر 2024، والتي تحدد معايير حل النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، المتمثلة في حل سياسي وواقعي وعملي ودائم وقائم على روح التوافق.
وجدير بالذكر أن القرارات 2440، و2468، و2494، و2548، و2602 و2654، و2703، و2756، كرست مسلسل الموائد المستديرة وحددت، بشكل نهائي، المشاركين الأربعة فيها، وهم المغرب، والجزائر، وموريتانيا، و”البوليساريو”. كما أن هذه القرارات أشارت إلى الجزائر، على غرار المغرب، خمس مرات، مجددة بذلك التأكيد على دور الجزائر كطرف رئيسي في هذا النزاع الإقليمي.
تعليقات
0