وأخيرا الأغلبية تستجيب لمقترح الاتحاد الاشتراكي بخصوص ملتمس الرقابة .. لكن بصيغة مشوهة

57٬871

  محمد رامي

مرة أخرى تؤكد الأيام أن حزب الاتحاد الاشتراكي قوة اقتراحية بكل ما في الكلمة من معنى ويمتلك زمام المبادرة،
مرة أخرى يتبين نضج الفكر الاتحادي ووجاهة مبادرات كاتبه الأول ، الأستاذ ادريس لشكر في ما يتعلق بالشأن العام في كل تجلياته،
فعلى سبيل المثال وليس الحصر، لم تكن الأحزاب المشكلة للحكومة اليوم تدافع من قبل عن قضايا من قبيل التغطية الاجتماعية والتعويضات العائلية والدفاع عن القدرة الشرائية للمواطنين والتي كانت تعد و لاتزال من مبادئ الاتحاد الاشتراكي وقيمه التي ناضل من أجلها طيلة عقود، فتبنت اليوم الطرح الاتحادي بل وأصبحت تطرحه في برامجها وتتباهى بالدفاع عنه على الأقل في خطاباتها بعد أن كانت تعارض أي توجه أو نقاش يتحدث عن الدولة الاجتماعية…
واليوم وكما كان بالأمس خرجت علينا الأغلبية الحكومية ببلاغ تتبنى فيه مقترح حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والمتعلق بملتمس الرقابة وإن كان هناك اختلاف في الصيغة وليس المضمون.
نعم هاهي الأغلبية تقتبس الفكرة الاتحادية و ماذهب إليه الأستاذ ادريس لشكر حين طرح مقترح ملتمس رقابة في مواجهة التغول الثلاثي بالرغم من كونه كان يدرك جيدا أن الملتمس لن يسقط الحكومة ، ولكنه على الأقل سيطلق نقاشا عموميا حول حصيلة العمل الحكومي بالشكل الذي سيجعل الرأي العام في صلب النقاش السياسي المسؤول .
هاهي الأغلبية تعلن من خلال هيئة رئاستها، في بلاغ أصدرته قبيل افتتاح الدورة الربيعية، أنها تعتزم إطلاق نقاش عمومي حول الحصيلة الحكومية سواء داخل مؤسسة البرلمان أو في وسائل الإعلام والفضاء العمومي بشكل عام.
هنا يحق لنا أن نتساءل ، لماذا لم تطرح الأغلبية الحكومية هذا المقترح من قبل؟
أو ليس النقاش العمومي الذي تبشرنا به الأغلبية اليوم ليس إلا تنزيلا لمشروع ملتمس رقابة لن يفضي إلى إسقاط الحكومة، وهو ما طرحه الاتحاد الاشتراكي من قبل؟
ومع ذلك ، شتان مابين هذا وذاك، فما أعلن عنه الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أكبر وأعمق من ذلك بكثير، فهو يطرح النقاش السياسي الحقيقي للعموم، وما أعلنت عنه الأغلبية الحكومية ليس إلا حملة انتخابية سابقة لأوانها بثلاث سنين، تحاول من خلالها تبييض وجهها وإخفاء فشلها في تنزيل الأوراش الملكية.
المنحى الذي سارت عليه الأغلبية الحكومية يجب أن يؤخد بمأخد الجد من قبل من كان يشكك في مبادرة حزب الاتحاد الاشتراكي، فهاهي الحكومة « مدعمة بأغلبيتها » تقرر طرح ملتمس رقابة على نفسها ، ليس لإبراز إخفاقاتها ومكامن ضعفها، بل لاستعراض عضلاتها، والإمعان في تغولها مادامت تعتبر حسب بلاغها، أن حصيلة عملها إيجابية و تترجم الإرادة السياسية القوية للحكومة في أجرأة الإصلاحات الاقتصادية، وتثبيت ركائز الدولة الاجتماعية، وترى أن كل هذا يعكس الوفاء بالإلتزامات الواردة في البرنامج الحكومي .
أعتقد أننا في الأيام القادمة سنكون أمام خرجات إعلامية منظمة هنا وهناك، فمصادرنا تؤكد لنا أن هناك صفقة إعلامية «  سخية » تهيء لمواكبة خرجات الأغلبية وأن مهندسها يضع الترتيبات الأخيرة لإطلاقها، وسنكون على موعد مع خرجات محللين ومدافعين ومبررين ومطبلين للفتح الحكومي الكبير، لكنهم تناسوا أن الأغلبية الصامتة وغالبية الرأي العام الوطني كان ينتظر ملتمسا لحجب الثقة عن حكومة التغول بالرغم من أن الظروف العددية لن تسمح بذلك .
لكن نتساءل مرة أخرى، ألهذا الحد أخافهم مقترح حزب الاتحاد الاشتراكي فلم يكتفوا بمقاومته ، بل استنسخوه وأطلقوه في صيغة مشوهة خدمة لأجنداتهم…

error: